تناقلت وسائل الإعلام خبرين يتعلقان بمسار العلاقات العربية الأمريكية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها هذه العلاقات إثر التوصل إلى الاتفاق بشأن الخطة النووية الإيرانية. أول الخبرين يتحدث عن موافقة وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون)، ومعها وزارة الخارجية الامريكية على صفقة محتملة للسعودية قيمتها 5.4 مليار دولار تحصل بموجبها المملكة على صواريخ اضافية طراز باك-3 التي تصنعها لوكهيد مارتن. وكما جاء على لسان مسؤول في وكالة التعاون الامني الدفاعي، أن مثل هذه الصفقة من شأنها أن تسهم صفقة الصواريخ في طمأنة السعودية بشأن الالتزام الامريكي بأمنها، تفيد شريكا هاما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بعد إبرام اتفاق نووي هام مع إيران. أما ثاني خبر فقد صدر عن السفارة الأمريكية بالقاهرة، التي أكدت على أن الولايات المتحدة الأمريكية ستسلم مصر ثماني طائرات F16 في إطار الدعم الأمريكي المستمر لمصر وللمنطقة بأكملها.. وأن الولايات المتحدة الأمريكية تسليم المقاتلات الجوية هو ضمن إطار الدعم الأمريكي المستمر لمصر وللمنطقة بأكملها.. وأن هذه الآليات توفر قدرة ذات قيمة ومطلوبة في هذه الأوقات التي تشهد عدم استقرار في المنطقة، حيث المتطرفون يهددون الأمن الإقليمي وتنبغي مساعدة مصر في حربها على الإرهاب. تزامن هذا الإعلان الأمريكي عن هاتين الصفقتين مع دعوة الرئيس الامريكي باراك أوباما مجموعات تدعم الاتفاق النووي مع إيران إلى توصيل أصواتهم للكونغرس في مواجهة ملايين الدولارات التي تنفقها جماعات ضغط لعرقلة الاتفاق، (مضيفا) في اتصال مع جماعات مثل (مركز التقدم الامريكي للأبحاث) ومقره واشنطن أن المعارضون لهذا الاتفاق يتدفقون على مكاتب الكونغرس، (متابعا) أن الجماعات المعارضة للاتفاق مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيلية المعروفة باسم (ايباك) انفقت 20 مليون دولار على اعلانات تلفزيونية للضغط على أعضاء الكونغرس. وحقيقة الأمر أن الإدارة الأمريكية، ومنذ توصلها لهذا الاتفاق مع طهران سوية مع حلفائها الخمسة الآخرين (مجموعة 5 +1)، لم تكف عن بذل جهودها، وتكريس كل الخيوط التي تحت تصرفها على الصعيدين الداخلي الأمريكي، والخارجي الدولي، من أجل الترويج لهذا الاتفاق، واعتباره نصرا لجهودها الرامية، كما تدعي، إلى وضع يدها على الخطوات الإيرانية على طريق بناء قدراتها النووية، (مضيفة) أن الاتفاق يجرد إيران (من وجهة النظر الأمريكية) من أي قدرة على تجاوز محيط الدائرة التي يقيدها بها ذلك الاتفاق من جانب، ويجعل واشنطن على اطلاع كامل بتطورات المشروع النووي الإيراني. إذا افترضنا جدلاً، أن طهران خضعت لتلك الشروط بموجب ذلك الاتفاق، وهو أمر مشكوك فيه، حيث تنفيه السياسات الإيرانية منذ بداية المحادثات التي يعود تاريخها إلى ما يربو على خمسة عشر عاما، فإن ذلك لا يستطيع أن ينفي الكثير من المكاسب التي حققتها إيران من وراء ذلك الاتفاق. وقد تناولت تلك المكاسب الكثير من مراكز الدراسات العالمية، ومن بينها العديد من المراكز الأمريكية. فقد نقل موقع أخبارك (http://www.akhbarak.net/) دراسة صادرة عن مؤسسه روبيني غلوبال ايكونوميكس، جاء فيها أن الفوائد الاقتصادية الناجمة عن الاتفاقية لن تؤتي ثمارها قبل النصف الثاني من العام 2016، مع القيود التي تفرضها أسعار النفط العالمية على النمو وتحوط المستثمرين الاجانب فضلا عن عدم اليقين الذي يغلف سياسات الحكومة الإيرانية، مضيفة أن ايران بمقدورها ان تستفيد وبسرعة نسبية من الزيادة في الواردات على الرغم من ان تلك السلع ستظل مكلفه نظرا لأنه من المتوقع ان تظل اسعار العملة الإيرانية (الريال) منخفضة. دراسة أخرى صادرة عن (مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات)، أن إيران على الارجح ستشهد نموا متواضعا في العام المالي 2015-2016 يليه تسارع في وتيره النمو الاقتصادي في العام المالي 2016-2017 حيث تبدأ عجله الاستثمارات في الدوران.. ومن المتوقع أن تحقق ايران نمواً في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 2.6% في العام 2015-2016 اذا ما توصلت الي اتفاقية نووية نهائية، بزياده قدرها 1 نقطة مئوية تقريبا حال استمر الوضع الراهن.. وان طهران ستحصل على حزمة من الاموال تُقدر بـ 50 مليارات دولار من حسابات الضمان، كما ستنمو صادرات النفط من 1.3 مليون برميل يوميا الى 2 مليون برميل خلال الـ 12 شهر المقبلة.. وعلي فرضية بلوغ سعر النفط 50 دولارا للبرميل، يمكن ان تحصل إيران على اموال اضافية بقيمة 15.4 مليارات دولار. طهران نفسها لم تتردد في الإفصاح عن تلك المكاسب حيث جاء في ترجمة على المواقع الإلكترونية لما نشرته صحيفة (إيران هيراليد)، جاء فيه إشارة واضحة إلى أن إعفاء إيران من عقوبات إذا التزم الغرب ببنود الاتفاق، وهو أمر من شأنه بحسب الصحيفة، اغاثة إيران اقتصاديا. كان ذلك على الصعيد الاقتصادي المحض، أما على الصعيد الاستراتيجي، تقول الصحيفة انه سيؤدي إلى رفع جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية عدا العقوبات الأمريكية الخاصة بالإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان، والصواريخ البالستية، (كما أنه) سيعطى إيران فترة أكبر لتخصيب اليورانيوم دون ضغط غربي وربما يستمر ذلك لسنوات، ثانيا سيتم وضع أجهزة مراقبة مركزية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مما سيعطى المزيد من الشرعية والشفافية على البرنامج النووي الإيراني. من حق أوباما أن يروج لهذا الاتفاق، لكن ليس من حق الإدارة الأمريكية أن تذر الرماد في العيون العربية. فبينما تغدق على طهران بتوقيع مثل هذا المشروع النووي الاستراتيجي الذي سيحول موازين القوى العربية الإيرانية لصالح الأخيرة، ترمي بفتات أسلحة بالية، تدفع العواصم العربية قيمتها سلفا، وتفقد هذه الأسلحة قيمتها الفعلية في موازين القوى في المنطقة قبل أن يجرى استخدامها.
مشاركة :