حركات سودانية تستبق المشاركة في السلطة بعقد تحالفات | أحمد جمال | صحيفة العرب

  • 9/25/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة- تتسارع وتيرة التحركات السياسية بين القوى السودانية لترتيب الأوضاع قبل الدخول في مرحلة انتقالية ثانية، للمنافسة على السلطة، فما يجري حاليا من تحركات وتحالفات يرمي إلى الاستعداد لمواجهة استحقاقات دقيقة قادمة، ربما لم تتكشف بعد ملامحها النهائية، لكنها تقود إلى تغيرات في الخارطة السياسية. ووقعت حركة جيش تحرير السودان جناح مني أركو مناوي، الأربعاء، تفاهمات سياسية مع الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، تضمن التوافق حول جملة من المبادئ الحاكمة لإدارة المرحلة الانتقالية خلال فترة ما بعد التوقيع النهائي على اتفاق السلام، مطلع الشهر المقبل. وجرت التفاهمات، التي وقع عليها نائب رئيس الحزب الاتحادي جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني، في وقت تشهد فيه القاهرة حراكاً موازياً لما يجري في الخرطوم، منذ وصول وفد للجبهة الثورية، كممثلة لحركات مسلحة وسياسية قبل أيام. تبحث الأحزاب السودانية عن القوة التي تستند عليها الحركات عقب السلام، حيث لديها حضور في السلطة، قد توظف لصالح تقوية نفوذها ورعت المخابرات المصرية التفاهمات بين الطرفين، في إشارة توحي بأن القاهرة تريد التخلي عن سياسة العزوف التي حكمت علاقتها مع الخرطوم في الفترة الماضية، ويمكن أن تفعل دورها، وتستفيد من روابطها مع قوى تاريخية، مثل الحزب الاتحادي، والمساعدة في كسر بعض الحلقات الضيقة، والاقتراب تدريجيا من المشهد السياسي في السودان بصورة إيجابية. وتسابق الجبهة الثورية الزمن لتدشين تكتلات تدعم رؤيتها السياسية عقب تنفيذ بنود ملف السلطة الذي يقر بتمثيلها في ربع مقاعد الحكومة، ويمنحها ثلاثة مقاعد بمجلس السيادة، إلى جانب تمثيل واسع في حكومات الأقاليم والولايات. وقال أمين الثقافة والفكر بحركة جيش تحرير السودان، عصام إسحاق أحمد، إن الحركة توافقت مع الحزب الاتحادي الديمقراطي على التقدم بمقترحات لإصلاح المنظومة القانونية، ونظام المحاكم إلى المجلس التشريعي المقرر تشكيله لاحقا، وأن الطرفين توافقا على أن يكون النظام الحاكم مستقبلاً فيدراليا وليس اتحاديا. وأضاف أن الطرفين اتفقا على أن المواطنة تشكل أساس الحقوق الواجبة بشكل متساو بين جميع المواطنين، وممارسة المزيد من الضغوط على السلطات القضائية والمحكمة الجنائية لتسليم المتورطين في جرائم حرب. واتسمت نقاط التفاهم بين الطرفين بالعمومية دون أن يجري الإعلان عن تفاصيل أهداف التكتل، الذي من المنتظر أن يتحول إلى تحالف، وهو ما يشي بأن هناك نقاطا خافية مرتبطة بتنسيق المواقف من الحكومة الانتقالية. وشددت مصادر قريبة من الطرفين على أن تحالف قوى الحرية والتغيير من الماضي، وغير متوقع حدوث توافق على قاعدة عريضة مثلما كان الوضع قبل إزاحة نظام عمر البشير. أنهما ينظران للفترة الحالية على أنها إعادة ترتيب المواقف، ويستفيدان من حالة التصفية السياسية لبعض الأحزاب التي خسرت جزءا من شعبيتها لمواقفها المرتبكة. وأرجع إسحاق التقارب مع الحزب الاتحادي، الذي يتمتع بقواعد شعبية كبيرة بين الصوفيين في مناطق الهامش، إلى وجود عوامل مشتركة عديدة لقواعد الحركة في دارفور وشرق السودان مع الحزب، الذي يتبنى مواقف سياسية وسطية. وعقدت الجبهة الثورية تفاهمات مماثلة مع حزب المؤتمر السوداني، السبت الماضي، ودشن الطرفان تكتلا سياسيا للتعامل مع قضايا المرحلة الانتقالية، وبحثا تحويل الشراكة بينهما إلى “تحالف انتخابي”. ويرى مراقبون أن السيولة في مواقف القوى السياسية تبرهن أنه قد جرى تجاوز التحالفات القديمة التي أسست لبناء قوى الحرية والتغيير، وأن التحالف الحكومي هو مظلة متماسكة من الخارج فقط لضمان الالتزام بالوثيقة الدستورية، لكنه في واقع الأمر قد تحول إلى أجسام متعددة تحمل رؤى مختلفة. ويقول متابعون إن ثمة مصالح متبادلة بين الطرفين، لأن الحركات المسلحة تستقوي بالأحزاب التي لديها قاعدة جماهيرية مقبولة تساعدها على تدشين أجنحة سياسية تضمن مساندتها ضمن توازنات السلطة الجديدة، ما يدعم وجود جسم مدني لها يقود العمل السياسي بعيداً عن استعمال السلاح، وأن الأحزاب جسر تسير عليه للتعرف على الواقع في المرحلة الانتقالية. وقعت حركة جيش تحرير السودان تفاهمات سياسية مع الحزب الاتحادي الديمقراطي تضمن التوافق حول جملة من المبادئ الحاكمة لإدارة المرحلة الانتقالية وتبحث الأحزاب السودانية عن القوة التي تستند عليها الحركات عقب السلام، حيث لديها حضور في السلطة، قد توظف لصالح تقوية نفوذها في ظل هيمنة المحاصصات على طريقة اختيار قيادات ممثلي الحكومة والولاة المدنيين، وهو أمر سوف يتكرر مستقبلاً مع إعادة تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري، أبوالقاسم إبراهيم آدم، أن الانصهار بين الحركات والأحزاب السياسية يشكل خطورة داهمة على مستقبل الديمقراطية في السودان، وربما يؤسس لمراحل جديدة من الانقلابات العسكرية، لأنه ستكون هناك طبيعة تنافسية بين أحزاب لديها أذرع عسكرية داخل الجيش، ما يتعارض مع أسس بناء الدولة المدنية. وأشار لـ”العرب”، إلى أن ثمة ازدواجية في معايير الأحزاب التي دعت لإقامة سلطة مدنية، وذهبت للتحالف مع حركات تملك بعض الأذرع العسكرية، ستظل موجودة حتى اندماجها بشكل نهائي داخل القوات المسلحة. ويتشكل التحالف الأكثر خطورة من وجهة نظر الأكاديمي السوداني في التقارب بين الحزب الشيوعي والحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، والتفاهمات التي جرت مؤخراً بين حزب الأمة القومي، وقوات الدعم السريع. ولفت إلى أنه حال وصول حزب الأمة للسلطة سيظل لديه ظهير عسكري موال، ما سيؤثر على خطوات السلطة الانتقالية في بناء جيش وطني موحد.

مشاركة :