أثار المطرب الكويتي عبدالله الرويشد جدلاً كبيراً في الساحة الغنائية عندما قال في لقاء عبر قناة "العربية" إن أفضل مطربة بالخليج العربي هي نوال الكويتية، حيث انقسم الجمهور حول رأيه هذا بين القبول والرفض، ودار نقاش محتدم حاول البعض من خلاله أن ينتقص من مكانة الرويشد وأهليته في إبداء مثل هذا الرأي، رغم أن محمد عبده سبقه مصرحاً في كل مرة بأن فنانة الخليج هي أحلام الشامسي!. عبدالله الرويشد فنان مهم وتجربته الطويلة تعطيه الحق في أن يقول رأيه فيمن تستحق أن تكون مطربة الخليج الأولى، ولم يحدد نوال الكويتية إلا وفق معطيات فنية، وهو -وللتاريخ- صاحب فضل على الفنانة أحلام عندما أنقذها عام 1997 ومنحها ألحاناً سمحت بإصدار ألبومها في تلك السنة. حينها كان الملحن الراحل صالح الشهري قد سحب ألحانه التي كانت ستغنيها أحلام في تلك الفترة لأسباب عديدة منها اعتراضه على الأسلوب غير المثالي في التعامل معه وأيضاً عدم ثقة الراحل في وصول ألحانه بالشكل الذي يريد خاصة وأنه حينها كان السيد الأول بين الملحنين في الخليج العربي ومطلباً هاماً للمغنين على مستوى الوطن العربي. في تلك الفترة تواجد عبدالله الرويشد الذي قرر أن ينقذ أحلام ويتنازل لها عن أغنيتين كانتا ضمن ألبومه "تصور" وذلك دعماً لها وإنقاذاً لألبومها، والأغنيتان هما: "لما قلبي" و"انت السؤال"، مشاركاً بصوته في مقدمة الأغنية الأولى كتأكيد على دعمه لها في تلك المرحلة، وأصبحت هاتان الأغنيتان من أبرز أعمال أحلام إلى وقتنا الحاضر حيث لا تدخل مناسبة إلا وتغني "لما قلبي". لذا فإن هذا الضجيج الذي يفعله الجمهور -خاصة جمهور أحلام- واستهتاره بمكانة عبدالله الرويشد وبمسيرته الاحترافية الممتدة لأكثر من "33" عاماً ونسف ما قام به من دعم حقيقي للمشهد الغنائي ولأحلام بالذات، وذلك بسبب رأي قال عنه في لقاء العربية إنه "رأي فردي وخاص ويمثلني وليس رداً على محمد عبده أو تقليلاً من أحد". وتعقيبه هذا يبرهن على أنه فنان قدير يحترم ذوق الناس وآراءهم. الهجوم على الرويشد لا يتحمله الجمهور المندفع الذي بات يتحرك عبر مواقع التواصل الاجتماعي بقرار من فنانه الذي يتواصل معه باستمرار!. أحياناً بعض الفنانين يتركون جمهورهم ينوب عنهم في أخذ الثأر والرد وكأن لا علاقة لهم بالحدث متجاهلين أنهم بصمتهم الظاهري إنما يفسحون المجال للفوضى ويورثون العدائية وعدم احترام الآخر. هذه السمة في نقل ثقافة الفنان وأدبه للمتلقي ساهمت بشكل واضح في وصول الأغنية لمستوى باهت وممل حيث أصبح الفنان يعتمد على الضجيج الذي يطلقه جمهوره مروجاً أعماله حتى لو كانت أقل من المطلوب. هذه الثقافة الجديدة كان نتاجها عراكاً اتسم بالسذاجة والسطحية ونسف تاريخ الرويشد لمجرد أنه قال رأيه عن فنانة الخليج نوال الكويتية. في كل الاحوال ثقافة الألقاب لم تظهر على الساحة الخليجية إلا في الآونة الأخيرة، ماعدا قلة بسيطة منحهم الجمهور والمختصون ألقاباً محددة مثل عبدالكريم عبدالقادر الذي لقب ب"الصوت الجريح" وطلال مداح –رحمه الله– الذي لقب ب"صوت الأرض" ومحمد عبده الذي لقبه الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبه بفنان العرب، هذه الألقاب التي احترمها المطربون أنفسهم ولم يطالب أي منهم أن يسبق اسمه لقب في أي مناسبة كانت، ما جعل الناس يقدرونهم خير تقدير ويرددون هذه الألقاب حتى حفظها الصغير قبل الكبير. لكن وضع الألقاب انقلب في السنوات الأخيرة وبات الفنان يهتم بالألقاب حيث لا نسمع اسم فنان أو فنانة إلا وقبله لقب معللاً ذلك بأنه يستحقه!. تجد هؤلاء الفنانين غير مبالين ومهتمين بما يقدمونه من فن ومن أعمال ترسخ في ذاكرة الناس وثقافتهم، وتزامن ذلك مع قيام هؤلاء الفنانين بصناعة جمهور خاص بهم والسيطرة عليه ليكون تابعاً لهم يأتمر بأمرهم بغض النظر عن تذوقه للمشهد الغنائي من عدمه، وقد تحول دور الجمهور شيئاً فشيئاً إلى واجب ومشروع استثماري انعكس سلباً على الحراك الفني بالخليج. كان بإمكان أحلام أن تنهي الجدل الدائر حالياً وأن تكتب تغريدة احتراماً للفنان الرويشد ولمواقفه التاريخية معها، تقدر فيها رأيه بفنانة الخليج الذي منحه لنوال الكويتية، وهذا لن يقلل من مشروعها الفني وسطوتها على المشهد ولا مكانتها كمطربة كبيرة ذات حضور مميز سواء على المسرح أو على مستوى الطرح والإنتاج المتواصل.
مشاركة :