تحقيق: راندا جرجس تعد مشكلات الكبد من الأمراض المزمنة الشائعة بين الأشخاص حول العالم، وينتقل معظمها عن طريق العدوى كالفيروسات الالتهابية الكبدية (A و B و C)؛ حيث إنها تسبب أمراضاً حادة أو مزمنة، وينجم عن هذه الإصابات العديد من المضاعفات التي تؤثر في صحة وحياة المريض؛ كالتليف الكبدي المنتشر بين الملايين من الأفراد وفي تزايد مستمر، كما تحتل أورام الكبد الخبيثة المرتبة الخامسة في ترتيب السرطانات الأكثر شيوعاً، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والأخصائيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.يقول الدكتور ضرار عبد الله استشاري الأمراض الباطنية: إن الفيروسات الكبدية الشائعة (A و B و C) من الأمراض الخطرة التي يمكن أن تكون قاتلة أحياناً، كما أنها تعد عاملاً رئيسياً في الإصابة بالعديد من المشكلات التي تستهدف الكبد، وينتقل فيروس التهاب الكبد (A) عن طريق الأكل أو الشرب الملوث، وهو منتشر في الطبقات الاجتماعية الفقيرة، والأماكن ذات التعقيم السيئ؛ حيث يعد البراز الملوث بالفيروس هو المصدر الأساسي للعدوى، ونادراً ما يتسبب الفيروس الالتهابي A في الوفاة، ولكن يمكن أن ينجم عنه الفشل الكبدي الحاد.ويضيف: يتحسن معظم المرضى عن طريق تناول كمية كافية من السوائل والتعامل مع الأعراض الناتجة عن العدوى؛ مثل: الغثيان والقيء وآلام البطن، وفي بعض الحالات يحتاج المصاب إلى دخول المستشفى من أجل السوائل الوريدية، كما يوجد لقاح ضد فيروس التهاب الكبد A؛ لكنه فعّال عندما يتم تطعيم الشخص قبل أن تبدأ أعراض المرض. فيروس B يشير د.ضرار إلى أن فيروسات الكبد B وC ينجم عنهما الإصابة بالتهابات مزمنة، وتنتقل العدوى عن طريق نقل الدم والأكثر شيوعاً هو الوخز بالإبر، والوشم، وتبادل شفرات الحلاقة ومعدات طب الأسنان بين الأفراد، وتظهر أعراض التهاب الكبد B في البداية مشابهة للفيروس A، وتزول المشكلة في بعض الحالات، ولكن يمكن أن تصبح العدوى مزمنة في نحو 10٪ من المصابين، وتتطور المضاعفات ويحدث تليف الكبد، وبعض المشكلات المرضية الأخرى؛ مثل: تجمع السوائل في البطن، ونزيف المعدة الحاد، إضافة إلى تعرض نسبة كبيرة من المرضى لخطر الإصابة بسرطان الكبد، وتجدر الإشارة إلى أن هناك لقاحاً متوفراً للالتهاب الكبدي الوبائي B.الالتهاب الوبائي Cيبين د.ضرار أن الإصابة بالالتهاب الكبد الوبائي C، تعد من المشكلات المرضية الشائعة، وتزيد نسبة المرضى بكثير على المصابين بفيروسات A وB، ويتسبب تفاقم العدوى المزمنة بفيروس C في تليف وسرطان الكبد لاحقاً، ولا يوجد لقاح معتمد ضد هذا الالتهاب، ويعد فشل الكبد الناجم عن التليف الناتج عن التهاب الكبد C السبب الرئيسي لزراعة الكبد في جميع أنحاء العالم. سرطان الكبد يذكر الدكتور علي عيسى أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، أن سرطان الخلية الكبدية يستهدف الرجال على الأكثر بنسبة 74٪ مقارنة مع النساء، ويكون متوسط عمر الإصابة 64 سنة، وهناك فئة من المرضى تزيد لديهم احتمالية تليف الكبد كالمصابين بأمراض الكبد المزمنة، ومن أهمها الالتهابات الفيروسية المزمنة، وتشمع الكبد بمختلف أسبابه، التناول المفرط للكحول، أمراض استقلاب الحديد والنحاس، التشمع الناجم عن التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي، والتشمع لأسباب مناعية ذاتية.ويضيف: أما العوامل الأقل شيوعاً تشمل التسمم بمادة الأفلاتوكسن التي تفرزها بعض الفطور المسببة للتلوث الغذائي في إفريقيا وجنوب شرق آسيا، وتناول الستيروئيدات البنائية والتعرض لبعض المواد المشعة. مضاعفات شديدة يبين د.علي أن أعراض الإصابة بسرطان الكبد تكون عادة ناجمة عن المرض الكبدي الأساسي وهو التشمع مثل اليرقان، ضخامة الطحال، الحبن ( تراكم السوائل داخل البطن)، الوذمات، نقص الوزن، النزف من دوالي المري، والاعتلال الدماغي الكبدي، أو ما يُسمى الاضطراب في القدرة على التركيز، ومستوى الوعي الذي يمكن أن يصل لمرحلة السبات، ما يؤدي إلى تعرض المصاب للعديد من المضاعفات الشديدة، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الشفاء من سرطان الكبد لا تتجاوز 18٪ في الحالات المتقدمة، و32٪ في الحالات المبكرة، وفي بعض الحالات يصل الأمر للوفاة التي تنجم عن القصور الكبدي، النزف الهضمي أو سوء التغذية الشديد. وسائل التشخيص يوضح د.علي أن تشخيص سرطان الكبد يعتمد على إجراء التحاليل المخبرية التي يظهر من خلالها فقر الدم، نقص الصفيحات، تطاول زمن التخثر، نقص بروتينات الدم، ارتفاع مستوى أنزيمات الكبد والبليروبين، نقص السكر، القصور الكلوي، وارتفاع مستوى الواسم الورمي ألفا فيتو بروتين، إضافة إلى الوسائل التشخيصية الشعاعية التي تشمل التصوير بالأمواج فوق الصوتية، التصوير الطبقي المحوري، والتصوير بالرنين المغناطيسي، وفي بعض الحالات المتقدمة يمكن أن يطلب الطبيب المعالج بأخذ خزعة من الكبد. معدل الشفاء ينبه د.علي إلى أن العلاج والشفاء من الإصابة بسرطان الكبد يعتمدان على حجم الورم، ووجود انتقالات ثانوية للأعضاء الأخرى، إضافة إلى حالة المريض العامة وعمره ووجود أمراض مرافقة، وفي الحالات الباكرة يمكن الشفاء بالاستئصال الجراحي، زرع الكبد أو بالمعالجة الموضعية بالأمواج فائقة الاهتزاز، أما عندما يتطور المرض في المراحل المتقدمة، فيكون العلاج بالحقن المباشر بالمواد الكيميائية عبر قسطرة الشريان الكبدي، أو الحقن بمواد مشعة، إضافة إلى الأدوية الكيميائية الفموية. تليف الكبد تذكر الدكتورة أنيتا جيمناني طبيبة الصحة العامة أن تليف الكبد يصيب البالغين الذين تراوح أعمارهم ما بين 45 و55 عاماً، إلى جانب الأشخاص المصابين بأي التهاب كبدي فيروسي مزمن، إضافة إلى الاستهلاك الكبير للكحول وبعض الحالات المرضية الأخرى مثل ترسب الأصبغة الدموية، ومرض ويلسون والتليف الكيسي، وتتمثل أعراض الإصابة في الشعور بالإرهاق، تراكم السوائل في البطن (الاستسقاء)، بروز أوعية دموية على شكل عنكبوت على البشرة، احمرار في راحة اليدين، مرض التثدي، ضمور الخصيتين، التلعثم في الحديث، الشعور بالخمول، علامات أخرى من بينها فقدان الشهية، الغثيان، خسارة الوزن، وظهور بول داكن اللون، وألم في البطن. مشكلات مرضية تلفت د.أنيتا إلى أن هناك مجموعة واسعة من الأمراض التي يمكن أن تُلحق الأذى بالكبد، وتؤدي إلى الإصابة بالتليف، وتتمثل المسببات الأكثر شيوعاً في معاقرة الكحول المزمنة، التهابات الكبد الفيروسية المزمنة (B، C، D)، مرض الكبد الدهني، إضافة إلى تراكم عنصر النحاس في الكبد والتليف الكيسي، وتشخيص هذه الحالة عن طريق فحص أنزيمات الكبد، وارتفاع مستويات البليروبين، وتحليل الفوسفاتيز القلوي، وتناقص مستويات بروتينات الدم، واختبار التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير الإلستوجرافي بالرنين المغناطيسي، وأخذ خزعة من الكبد، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، والتصوير بالأشعة المقطعية.وتختتم: يعتمد علاج تليف الكبد على درجة الإصابة ومدى تطور الحالة، وتبدأ الخطوات العلاجية بالسيطرة على الأعراض والوقاية من المضاعفات والتزام المريض بتناول الغذاء الصحي وممارسة التمارين بانتظام، وربما تحتاج بعض حالات التليف المتقدمة إلى جراحة زراعة الكبد. التمارين اللاهوائية أكدت دراسة حديثة عُرضت في مؤتمر الكبد الأوروبي أن ممارسة التمارين اللاهـــوائية أو ما يسمى تدريبات المقاومة لمــــدة 8 أسابيع، تلعب تأثيراً مهماً في علاج تليف الكــبد؛ حيث إنها تعمل على تقليل كمية الدهون المتراكمة في الكبد، وترفع مستوى الجلوكوز في الدم، وينتج عنه تحفيز إفراز الأنسولين، كما أنها تزيد من كتلة العضلات أكثر من التمارين الهوائية، كما أنها تحسن التمثيل الغذائي للأحماض الدهنية الموجودة في الجسم.وينصح الخبراء بممارسة التمارين اللاهوائية لدقائق قليلة مرتين أسبوعياً بدءاً من رفع الأثقال وحتى اليوجا.
مشاركة :