كل موقف حتى إذا كان محرجًا أو طريفًا له دروس مستفادة مهامًا صغرت تلك الفوائد أو عظمت خاصة إذا كان ذلك الموقف قد تعرض له أحد أبرز نجوم كرة القدم العالمية الذي يعتبره الكثيرون القدوة الحسنة والصورة المثالية. قبل أسابيع قلائل تناقلت وسائل الإعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي تعرض النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لموقف طريف على مدرجات ملعب «دراجاو» بالعاصمة البرتغالية لشبونة، وذلك خلال مباراة منتخب بلاده أمام نظيره الكرواتي، والتي غاب عنها بسبب الإصابة، والتي انتهت بنتيجة 4-1 لصالح البرتغال. وخلال المباراة، ظهر رونالدو وهو يجلس على المدرجات، وقد كان الجميع من حوله يرتدي الكمامات إلا هو، وهو ما يعد خرقًا لتطبيق الإجراءات الاحترازية والالتزام بالتوجيهات الوقائية المتبعة من قبل الاتحاد الأوربي لكرة القدم والمنظومة الرياضية في العالم للسيطرة على جائحة كورونا، الأمر هذا دفع بإحدى الفتيات القائمين على تنظيم المباراة لمخاطبة قائد المنتخب البرتغالي والطلب منه وضع الكمامة الطبية، وهذا ما قام به على الفور، فكان الرد إيجابيًا وبشكل سريع، وعلى الفور من كريستيانو، دون نقاش ولا تردد، كما أن الأمر لم يتطلب الكثير من الوقت، حيث تمت معالجته في ثانية واحدة، دون تداعيات، ولا إظهار تعالي مفرط أو ردود فعل غاضبة، مما اعتبره البعض سلوكًا حضاريًا لخطأ غير مقبول سواء بقصد أو غير قصد. وأثار هذا الموقف الذي تعرض له رونالدو تجاوز حدود الطرافة نظرا للظروف الاستثنائية والظفرة الهائلة في حالات الإصابة بفيروس كورونا بين الرياضيين وما نتج عنه من آثار هائلة على الأندية والمنتخبات الكروية بصفة خاصة والمنظومة الرياضية بصفة عامة، وما تبع ذلك من تأثير مباشر وكبير على المسابقات الرياضية كافة في جميع أنحاء العالم، كما أن هناك أسبابًا أخرى، ساهمت في إعطاء الحالة درجة معينة من الاهتمام، إذا ما قورن ذلك بعدم احترام الكثيرين لقرار ارتداء الكمامات الواقية عند الخروج وعند الدخول ليس فقط إلى الأماكن والملاعب والمنشآت الرياضية، وإنما إلى العديد من الأماكن العامة والاختلاط بالآخرين على الرغم من وجود القوانين الرادعة لمن لا يرتدي الكمامة، وهذا أمر يهدد الجهود في التصدي لفيروس كورونا، ويعوق حماية البشر. فقد لوحظ في وسطنا الرياضي الكثير من الأشخاص لا يحرصون على ارتداء الكمامة بالفعل، والبعض يذلها بأسفل ذقنه، بيد أن غيرهما يحملها بيده، أو يودعها بحقيبة ملابسة الرياضية أو السيارة، وكأن أهميتها تكمن باقتنائها وحسب، وليس بضرورة ارتدائها كوقاية من كورونا. ويسارع آخرون لارتدائها قبل بضع خطوات من بعض الأماكن، خوفا من تحرير مخالفة، إذ يذكرني هذا المشهد بتصرف البعض حين يضعون حزام الأمان خوفا من تحرير مخالفة، وليس التزامًا كليًا بقواعد السلامة على الطرق. وبين من يرتدي الكمامة كديكور، ومن يعتبرها بلا فائدة، ومن يشعر بالاختناق منها، ثمة من لا يقتنع حتى الآن بأهميتها وضرورة الالتزام بها، فلا يريدها إطلاقًا، متسائلاً عن جدواها، في وقت يؤكد فيه الفريق الوطني للتصدي لـ(كوفيد 19) أن التقيد الدائم بالكمامة كنهج حياة على الأقل في المدى المنظور، ثقافة تقي مجتمعنا من خطورة تصاعد وتيرة انتشار المرض، وتبدد الخشية من العودة الى مربعات بداية المرض وظروف الحجر الصحي. خاتمة الرؤى، الفكرة فيما أوردناه تركز في ضرورة الالتزام بالتعليمات والإجراءات الوقائية التي يقوم بها الفرد خاصة في الأماكن الرياضية العامة، ولا تمييز في تطبيق الإجراءات الوقائية على الجميع لا فرق في ذلك بين نجم رياضي كبير وصغير فالكل أمام تطبيق هذه الإجراءات الوقائية متساوين، ليس مبررًا على الاطلاق أن يتظاهر الرياضي بحيازته للكمامة بوضعها حول معصمه أو عنقه أو الاحتفاظ بها في جيبه، وعملية الالتزام بارتداء الكمامات إن كان يراها البعض من الرياضيين بأنها خيارا وليست إجبارا، فإنه مخطئ تمامًا؛ لأن الهدف من ارتدائها هو حمايتك أولاً، وثم حماية الرياضيين الآخرين ثانيًا، ومن ثم حماية المجتمع ثالثًا. حياة تستمر.. ورؤى لا تغيب
مشاركة :