توقع مختصون نفطيون استمرار حالة عدم الاستقرار في السوق مع ميل الأسعار إلى الانخفاض في بعض التعاملات بسبب تأثير اتفاق "أوبك" وروسيا خلال محادثاتهما الأسبوع الماضي مع استبعاد فكرة تخفيض الإنتاج والرهان على ارتفاعات قادمة في مستويات الطلب العالمي تكون قادرة على تحقيق التوازن والاستقرار في السوق. ورأى المختصون خلال حديثهم لـ "الاقتصادية" أن غموض موقف الإنتاج الأمريكي أسهم في استمرار عدم استقرار السوق، خاصة ما يتعلق بتعاطي الإنتاج الأمريكي مع مشكلة انخفاض الأسعار وارتفاع التكلفة، مؤكدين أن الإنتاج الأمريكي من المفترض أن يتقلص بشكل كبير في ضوء ظروف السوق الراهنة، ولكنه ما زال مرتفعا ويقاوم تأثير العوامل السلبية فيه. وأشار المختصون إلى أن البيانات الصادرة عن الإنتاج الأمريكي والأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة متباينة ولا تعطي صورة دقيقة عن توجهات السوق ولكن من المؤكد أن الانخفاض الحالي يزيد الأعباء والضغوط على استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات في قطاع النفط. وأوضح مايكل تورنتون المختص النفطي في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن عودة السوق إلى الانخفاضات الكبيرة لا تعنى أن السوق ستستقر على مستويات أسعار منخفضة لأن الطلب العالمي الذي ينمو سيحول دون مزيد من الانخفاضات، مشيرا إلى أن النفط الخام فقد نحو 18 في المائة من أسعاره خلال الشهر الماضي ولكن التقديرات الاقتصادية تشير إلى تعاف متوقع في السوق قبل حلول نهاية العام. وأشار تورنتون إلى تمسك "أوبك" ـــ بحسب الاجتماعات الأخيرة في موسكو ـــ بعدم خفض الإنتاج نتيجة قناعة قوية لدى المنظمة بأن الخفض لن يفيد السوق، الذي سيتجاوز تأثير الانخفاض بعد فترة قصيرة بسبب حالة وفرة المعروض الحالية وبالتالي سيؤدى الخفض إلى خسارة "أوبك" أسواقها بينما ستستمر الأسعار دون تحسن ملموس. وأوضح تورنتون أن كثيرا من المستثمرين يراهنون على تحسن وتعافي سوق النفط الخام في المرحلة المقبلة كما يشككون في دقة كثير من البيانات الاقتصادية الأمريكية، التي تؤثر في الأسعار ولا تعكس واقع وإمكانات السوق بدقة، مشيرا أن الجميع ينتظر ويراهن على انطلاق الطلب العالمي، خاصة من آسيا وهو أمر متوقع في الأمد القصير. من جهته، يرى ماركوس كروج كبير المختصين في شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن موجة الانخفاضات الحالية قادها توقيع الاتفاق النووي الإيراني الغربي الشهر الماضي في فيينا، الذي تسبب في زيادة المخاوف من وفرة المعروض عقب رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران واستئناف ضخ الصادرات النفطية بمعدلات سريعة. وأضاف كروج أن ذلك تواكب مع عوامل أخرى منها استمرار زيادة الإنتاج الأمريكي وعودة تنامي أعداد الحفارات على الرغم من ظروف السوق غير المواتية، وبدورها ارتفعت صادرات دول "أوبك" إلى مستويات قياسية، خاصة في العراق التي تسعى إلى إنعاش اقتصادها من خلال زيادة الصادرات النفطية، كما أسهم ارتفاع الدولار الأمريكي أمام بقية العملات في زيادة خسائر سوق النفط. وأوضح كروج أن ظروف السوق ستتغير دون شك ولن يستمر تأثير هذه العوامل، فمثلا الإنتاج الأمريكي الصخري لا يستطيع الاستمرار طويلا في ضوء انخفاض متوال في أسعار النفط الخام وبالتالي فإن تقلص هذا الإنتاج سيعيد التوازن لسوق النفط إلى جانب عوامل أخرى منها نمو الطلب وتراجع المخاوف من الصادرات الإيرانية مع بدء ضخها بمعدلات أقل من المتوقع بسبب الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع النفطي في إيران. ويعتقد بيش أرجيال المختص النفطي في مؤسسة "ست" السويسرية للطاقة، أن الاستثمارات النفطية أصبحت على المحك في الفترة الراهنة بسبب الخسائر الحادة في شهر تموز (يوليو) الماضي وهو ما قلص أرباح كثير من الشركات وفى مقدمتها إكسون موبيل وشيفرون اللتان أعلنتا انخفاض الأرباح وتأجيل عديد من المشروعات الاستثمارية. وأشار آرجيال إلى أن تقلص الإنتاج الأمريكي يمكن أن يدفع السوق إلى الانتعاش، خاصة إذا تواكب ذلك مع بيانات اقتصادية قوية في دول الاستهلاك الرئيسة وفى مقدمتها الصين والهند واليابان، موضحا أن "أوبك" تزداد تمسكا بقناعاتها بأن آليات العرض والطلب تصحح وضع السوق تلقائيا وأن التدخل بقرارات للحد من المعروض لن يحقق أهدافه، والأفضل هو التركيز على تنشيط الطلب والحوار والتنسيق بين المنتجين. وأكد آرجال أن الصادرات الإيرانية المرتقبة لا بد أن تنضبط وفق احتياجات السوق وبالتنسيق مع بقية دول "أوبك" باعتبار أن إيران عضو في المنظمة عليه عديد من التزامات العضوية والعمل الجماعي. من ناحية أخرى، كشف تقرير حديث لشركة اكسبرو للخدمات النفطية أن الشركة وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها سوق الطاقة العالمية نجحت في تحقيق إيرادات جيدة في بعض مناطق التشغيل الإقليمية لها. وسجلت "اكسبرو" أعلى نجاحاتها خلال العام الماضي في السعودية ثم الجزائر على الرغم من عدم استقرار السوق النفطية والصعوبات التي تواجه الاستثمارات وشركات الخدمات النفطية. وقال التقرير الدوري للشركة إن منطقة الشرق الأوسط ما زالت هي الأعلى ربحية للشركات النفطية وأن آفاق الاستثمار فيها واسعة وممتدة وستحقق مزيدا مع استقرار ونمو السوق في السنوات المقبلة. وأضاف التقرير أن اكسبرو حققت نجاحات في آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسجلت هذه المناطق أعلى نسبة نمو في الإيرادات بزيادة 13.3 في المائة عن العام الماضي لتبلغ 415.6 مليون دولار. وبحسب التقرير فإن أبرز نجاحات اكسبرو كانت في السعودية والجزائر كما كان أداؤها قويا بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وذلك على خلفية العقود الممنوحة في نهاية العام الماضي. وأوضح التقرير أن اكسبرو شهدت أيضا أداء قويا في آسيا وحصلت على عقود جديدة في أستراليا وبروناي كما زادت الإيرادات في أمريكا الشمالية واللاتينية بنسبة 0.8 في المائة لتصل إلى 327 مليون دولار وذلك مقارنة بالعام المالي الماضي فيما شهد أداء الشركة انخفاضا في الإيرادات في البرازيل بعد انخفاض نشاط اختبار الآبار والاستكشاف والتقييم الشامل. وأشار التقرير إلى أن أداء الشركة في أسواق أوروبا ودول الكومنولث لم يكن جيدا وتراجعت الإيرادات على نحو كبير وسجلت انخفاضا بنسبة 14.8 في المائة لتصل إلى 301.2 مليون دولار في العام المالي الماضي. وقال التقرير إن الانخفاضات ترجع إلى تأثير عدد من العوامل في مقدمتها تراجع أنشطة الاختبار وتراجع نشاط التنقيب تحت سطح البحر في النرويج والمملكة المتحدة بسبب الاتجاه إلى تقليص الإنفاق والاستثمارات على مدى العام الماضي. وذكر التقرير أن إيرادات الشركة في إفريقيا جنوب الصحراء انخفضت بنسبة 7.5 في المائة لتسجل 262.6 مليون دولار في العام الماضي ويرجع ذلك إلى تراجع النشاط في خليج غينيا وشرق إفريقيا نتيجة لانخفاض نشاط الاستكشاف والتقييم.
مشاركة :