تمرد المحافظين وبريكست وكورونا تهدد عرش بوريس جونسون | | صحيفة العرب

  • 9/28/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يجد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون نفسه في موقف لا يحسد عليه في ظل مرحلة حافلة بالصعاب، مع زيادة الإصابات بكوفيد – 19 بين المواطنين وتعثر المفاوضات المتعلقة بمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، فضلا عن الأزمة الاقتصادية وتراجعه في استطلاعات الرأي، فيما يتهم أيضا من قبل معسكره بالتصلب وانعدام النشاط. لندن- مرّت على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أشهر مليئة بالأحداث الصعبة بدأت بمسألة السياسة كنجاحه الانتخابي ووصولا إلى بريكست وأزمة صحة عالمية كادت تودي بحياته، ولكن كثيرين يتساءلون كيف سيتمكن من مواجهة عاصفة تمرد أعضاء بحزب المحافظين الذي ينتمي إليه، وكيف سيصمد أمام اختباري الوباء والطلاق من أوروبا. وكما كل قادة العالم، يجد جونسون نفسه أمام اختبار صعب بسبب الوباء، لكن عودة المرض إلى التفشي بكثافة في بلد كبده الفايروس أكبر عدد من الوفيات في أوروبا بلغ نحو 42 ألفا، وما اقترن بها من مخاوف مرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 31 ديسمبر المقبل، أنتجا حالا من التمرد في أوساط أقرانه المحافظين الذين يتهمونه بأنه يحكم وفقا لإملاءات. وفيما يمكن تفسير التدابير الطارئة بتفشي الوباء، إلا أنه كان أمام الحكومة ما يكفي من الوقت للإعداد للحياة خارج الاتحاد الأوروبي لكن جونسون اختار طرح اتفاق بريكست، الذي تم التوصل إليه مع بروكسل للمساءلة عبر مشروع قانون يسمح بتعديل بعض مقتضياته، وهي خطوة فيها خرق للقانون الدولي وأثارت غضب المحافظين. وقد نجحت الحكومة في تهدئة السخط عبر تعديل مشروعها، لكنه لا يزال يعطي الحق لمجلس العموم في إدخال تغييرات على الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. ورغم أن جونسون الملقب بـ”بوجو” يملك غالبية من 80 مقعدا في مجلس العموم، إلا أن بين 40 و60 محافظا يهددون بعدم التصويت لصالح تجديد الصلاحيات الاستثنائية الممنوحة للحكومة لإدارة أزمة الوباء. ويقول مراقبون للشأن السياسي في بريطانيا إن هذا الموقف يعتبر تغيرا “راديكاليا” مع أجواء العام الماضي حين انتخب جونسون زعيما لحزب المحافظين وانتزع فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية قبل عشرة أشهر. تيم بايل: اتضح أن بوريس جونسون يشغل منصبا يفوق قدراته بكثير تيم بايل: اتضح أن بوريس جونسون يشغل منصبا يفوق قدراته بكثير وللمرة الأولى منذ وصول جونسون إلى السلطة في أعقاب استقالة رئيسة الوزراء الساقبة تيريزا ماي، بيّن استطلاع رأي نشر الأحد تقدم المعارضة بقيادة حزب العمال بثلاث نقاط في نسب التأييد على المحافظين. ويشرح أستاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن تيم بايل لوكالة الصحافة الفرنسية ما يطرأ اليوم على الساحة السياسية البريطانية قائلا إن “المحافظين لم يختاروا جونسون في البداية لأنهم يعتبرونه ملائما ليكون رئيس وزراء جيدا، بل لأنهم كانوا يريدون كسب الانتخابات بأي ثمن، على أمل أنه سيلعب الدور جيدا في نهاية المطاف”. ولكن مع الغوص أكثر في المشاكل السياسية والأمنية والصحية، اتضح على ما يبدو أن الأمر لم يكن بالسهولة التي كان يتخيلها حزب المحافظين، وهو ما أكده بايل حينما أشار إلى “إنهم يخشون حاليا من أن الوضع لم يعد كذلك”. وذهب بعض المحافظين إلى درجة الإعراب عن قلقهم من التأثيرات طويلة الأمد للوباء، الذي أصيب به رئيس الوزراء نفسه وكاد يودي به في أبريل الماضي، وقوض قدراته على الحكم، وظهر ذلك مع صعود نجم وزير الخزانة الشاب ريشي سوناك، فبإيجاده تدابير مبتكرة لدعم الاقتصاد في ظل أزمة الوباء، كسب تأييد الرأي العام حتى أن صحيفة “ديلي تلغراف” اعتبرته “كما لو أنه رئيس وزراء في السلطة”. وفضلا عن ذلك يواجه جونسون الارتفاع المتزايد لشعبية الزعيم الجديد للمعارضة العمالية كير ستارمر الذي لم يتوان عن طرح أسئلة صعبة على رئيس الوزراء خلال جلسة مساءلة الحكومة. وتعد مهمة إعادة تعبئة حزبه مهمة معقدة فيما يمنعه الوباء من التواصل مباشرة مع معسكره، إذ يعقد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين افتراضيا مطلع أكتوبر المقبل. وستكون إعادة تعزيز موقعه مهمة أكثر تعقيدا في حال لم ينجح في توقيع اتفاق تبادل تجاري حر مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام. وربما يعود تضاؤل طاقة رئيس الوزراء إلى تعافيه البطيء من كوفيد – 19 وإلى واقع كونه أبا جديدا، حيث يقول بايل إن ذلك يعود على الأرجح إلى أنه “يشغل منصبا يفوق قدراته بكثير“. وقد حث معهد بحثي مؤيد لانفصال بريطانيا بشكل تام عن الاتحاد الأوروبي السبت الماضي، جونسون على إلغاء اتفاق الخروج الذي أبرم مع الاتحاد الأوروبي قائلا إنه “سيظل يعطي الاتحاد سلطة كبيرة في بريطانيا”. وسعت حكومة جونسون هذا الشهر إلى إقرار قوانين يمكن أن تلغي أجزاء من معاهدة بريكست التي وقعتها في يناير الماضي على الرغم من تحذير بروكسل من أن القيام بذلك من شأنه أن يدمر علاقتهما في المستقبل، لكن مركز سياسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قال إن “هذا ليس كافيا لأن اتفاقية الانسحاب تسمح لبروكسل باستمرار تأثيرها بشأن قضايا مثل القانون ومساعدة الدولة في بريطانيا”. ويقول جون لونجورث المدير العام للمركز إنه من أجل تعزيز النفوذ البريطاني يجب على الحكومة التهديد بفرض شروط عقابية على شركات منطقة اليورو التي ترغب في زيادة رأس المال للاستثمار في لندن. جونسون اختار طرح اتفاق بريكست، الذي تم التوصل إليه مع بروكسل للمساءلة عبر مشروع قانون يسمح بتعديل بعض مقتضياته، وهي خطوة فيها خرق للقانون الدولي ويحدو خبراء المركز أمل في أن يكون تقريرهم بمثابة دعوة إلى إيقاظ رئيس الوزراء مع عقد المفاوضين محادثات حول العلاقات في المستقبل خلال الأشهر الأخيرة قبل انتهاء الفترة الانتقالية لبريكست نهاية هذا العام. ومن المرجح أن يؤدي نشر تقرير المركز، الذي يدعم العديد من النواب الرئيسيين من عدة أحزاب سياسية في بريطانيا، إلى زيادة الضغط على حكومة جونسون حتى لا تتراجع عن موقفها المتشدد الذي اتخذته في المحادثات. وربما يكون جونسون تحت الضغط بالفعل، فالصحافة البريطانية التي لطالما كانت مؤيدة إلى حد كبير له، بدأت تنتقد قراراته وكتبت مجلة “ذي سبيكتاتور” التي كان رئيس تحريرها أنه يحكم في ظل “الفوضى والانهيار والتمرد وتغيير المواقف والإرباك”.

مشاركة :