أبوظبي: «الخليج» أثمر تسارع الاتجاه نحو الرقمنة والنمو في القطاعات غير النفطية المدفوع بالجائحة العالمية، مؤشرات اقتصادية إيجابية وتوقعات إيجابية بالازدهار على المدى الطويل للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك وفقاً لشركة أبردين ستاندرد إنفستمنتس العالمية ASI. وفي الوقت الذي تتواصل التأثيرات السلبية لفيروس كوفيد -19 على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، جاءت أحدث التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي للباقي مع عام 2020 قاتمة ومتوافقة معها، لا سيما لدول مجلس التعاون الخليجي حيث توقع الصندوق تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.6٪ لهذا العام، في ترد ملحوظ عن النسبة التي كان قد تم توقعها للتراجع في إبريل والتي كانت 2.7٪. ومع ذلك، تعتقد أبردين ستاندرد إنفستمنت - رغم حالة التشاؤم العامة - أن ثمة عوامل موجودة تفيد بوجود رؤية مستقبلية جيدة على المدى الطويل، هذه العوامل تتمثل في قوة وثروة الحكومات في المنطقة، بالإضافة إلى الدفع بعملية التنوع الاقتصادي السريع، وهو ما بدأ يؤتي ثماره حيث ظهرت علامات إيجابية كنتيجة لهذه العوامل. التنويع الاقتصادي وصرح إدريس الرفيع، رئيس منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى أبردين ستاندرد إنفستمنت: «سوف يظل عام 2020 هو الأسوأ في التاريخ الحديث في ذاكرة معظم الناس لأسباب عديدة، لذا لا ينبغي التقليل من حجم الدمار الاقتصادي الذي حدث فيه، والذي يتوقع استمراره لنهاية العام. لكن وعلى الرغم من ذلك؛ يتعين على المستثمرين التطلع إلى الأمام دائماً، وعندما ننظر لما يجري حالياً يحدونا الأمل خاصة عندما نرى الجوانب الإيجابية للاقتصادات الأكثر تنوعاً والمعززة رقمياً، كدول مجلس التعاون الخليجي، فالدلائل تؤكد على أن الجائحة قد عجلت بعملية التنوع الاقتصادي والانتقال من القطاعات النفطية إلى القطاعات غير النفطية وهو أمر بالغ التأثير والأهمية». وأضاف: «ويعد هذا التنويع إشارة إيجابية بالنسبة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى التركيز على فرص النمو طويلة المدى، بدلاً من اختناق أعمالهم بسبب التحديات الآنية كتدابير التقشف والتخفيضات السريعة والجوهرية للإنفاق الحكومي». وتشارك توقعات صندوق النقد الدولي بعضاً من هذا التفاؤل المدفوع بحقيقة أن معظم أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي قد انتعشت وسط تخفيف قيود الإغلاق وارتفاع أسعار النفط، حيث ترى في الأفق احتمالات نمو بنسبة 2.5٪ في عام 2021. مزايا محفزة تشمل المزايا الاقتصادية في منطقة دول مجلس التعاون مستويات منخفضة نسبياً من المديونية الحكومية بلغت 39٪ في الكويت و 15٪ في المملكة العربية السعودية و 13٪ في أبوظبي - وهي جميعها عناصر دافعة للتطلع إلى الاستفادة من الفرص الجديدة والتعافي من آثار الجائحة. وبذات السياق؛ يسلط تقرير صادر عن شركة الأبحاث العالمية العملاقة Frost & Sullivan الضوء على «الاتجاهات الكبرى» التي من المتوقع أن تشكل مستقبلًا اقتصادياً أكثر تنوعاً لدول مجلس التعاون الخليجي. حيث يرى التقرير أنه من المتوقع أن يمثل الإنترنت 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مرتفعاً بشكل ملحوظ عن النسبة المسجلة في 2018 والتي كانت 4.1٪، مع توقع إطلاق الدول الست خدمات الهاتف المحمول 5G بحلول نهاية عام 2020. ويشير التقرير نفسه إلى أن 250 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية تعمل في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع أن تتوسع الأنشطة الإقليمية لهذه الشركات بنسبة 50٪ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ومن المتوقع كذلك أن تصل سعة التوليد التراكمية المركبة للطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 72300 ميجاوات بحلول عام 2030. ومن المتوقع أيضاً أن تساعد التطورات في التكنولوجيا عبر شبكات 5G والذكاء الاصطناعي، في دفع التحول الرقمي في جميع القطاعات. التجارة الإلكترونية أظهرت دراسة عالمية حديثة أجرتها مؤسسة «ماستركارد» ارتفاعاً في المدفوعات عبر الإنترنت تماشياً مع الاندفاع نحو التجارة الإلكترونية، حيث قال 54٪ من المشاركين في الدراسة من دولة الإمارات إنهم يعتقدون أن تفضيل التجارة الإلكترونية على التسوق داخل المتجر هو اتجاه سيتعزز في المستقبل. وتابع إدريس الرفيع قائلاً: «لقد تم تعزيز الاتصال بالرقمنة في جميع القطاعات ونحن نشهد بالفعل سلوكيات جديدة للمستهلكين بفعل ظروف الجائحة. وستساعد الحكومات في المنطقة، التي تتبنى نماذج أعمال جديدة وتلتزم بتعزيز المؤسسات الخاصة في القطاعات المقرر نموها، تسريع هذا الأمر بشكل أكبر، وكذلك الاستثمار المتواصل في البنية التحتية عالية الجودة والطاقة المتجددة والأنظمة الرقمية. لتكون النتيجة الحتمية التي يؤدي إليها كل هذا الجهد تحقيق معدلات أداء عالية في القطاعات التي تركز على المستقبل مثل التكنولوجيا والاتصالات والرعاية الصحية». وأشار الرفيع: «مع وجود العديد من الاتجاهات المحفزة على تنويع التركيبة الاقتصادية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، ثمة مجال متزايد وموائم لتحقيق النمو المستقبلي في السنوات الخمس إلى العشر القادمة. وهذا يمكن أن يوفر لنا أسواقاً قوية طويلة الأجل تساعدنا على التعافي من الأضرار التي حدثت في عام 2020».
مشاركة :