تتزامن الذكري الخمسون لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر مع الفيضانات التى تضرب جمهورية السودان الشقيق، تلك الفيضانات التى دمرت الأخضر واليابس وشردت الالاف من البشر فضلا عن تدمير ملايين الأفدنة الزراعية وهدم مئات الالاف من المنازل.مع الحزن والألم الذى أصاب المصريين تجاه ما يحدث لاخوانهم بالسودان كان هناك نوع من الشعور بالطمانينة والثقة فى صعوبة تكرار تلك الفيضانات بمصر فى ظل وجود السد العالي الذى وضع الرئيس عبد الناصر حجر أساسه فى يناير 1960 ودخل الخدمة رسميا بعدها بـ عشر سنوات وبالتحديد فى يوليو 1970.يمثل السد العالي أول مشروع بعيد المدى فى مصر ،حيث اعتبره ناصر الطريق لتحقيق التنمية الزراعية ، بعد توفير مياه الفيضان التى كانت تلقى دون التمكن من استعمالها ، وبذلك يمكن زيادة الرقعة الزراعية المحدودة بالإضافة إلى تفادى الجفاف وتوليد الطاقة الكهربائية لاستخدامها فى التصنيع الوطنى وتطوير البلد من وطن زراعى إلى بلد صناعي. كانت العقبة الكبري فى طريق المشروع الذى تولي خبراء ألمان إعداد الدراسات الخاصة به ضخامة التمويل، ولكن تصميم مصر على بناء السد العالى لما ينتج عنه من فوائد اقتصادية لم يثنيها عن محاولة التوصل الى اتفاق مع القوى الكبري لتمويل المشروع.لجأت مصر الى كلا من الولايات المتحدة وانجلترا والبنك الدولى الذى أقر تمويل مشروع بناء السد ، فى سنة 1955 وتقدمت كل من إنجلترا وأمريكا فى خريف 1955 بعروض جزئية للمشاركة فى تمويل قروض مشروع بناء السد العالى تبلغ فى جملتها 130 مليون دولار وأشترط لهذه المعونة موافقة البنك الدولى على تقديم قرضه لمصر البالغ 200 مليون دولار .كانت عملية تمويل قروض مشروع بناء السد العالى كلها مشروطة منذ البداية ، فقد صاحب أعلان البنك الدولى مذكرة الغرب – بريطانيا والولايات المتحدة ألأمريكية – وبها شروط مجحفة تتناول السيادة الوطنية على مصر كأساس لتنفيذ المشروع وهو ما رفضته مصر بشكل كامل.الرفض المصري للشروط الغربية دفع واشنطن لسحب مقترحاتها لتمويل السد وهو ما ردت عليه مصر بتأمييم قناة السويس وما تبع ذلك من أحداث وعدوان لم يؤثر على إرادة مصر فى تحقيق حلم السد العالي، حيث وقعت في 27 ديسمبر 1958، اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي؛ لإقراضها 400 مليون روبل؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من السد، وبعد عام من توقيع الاتفاقية، وقعت مصر في ديسمبر 1959، اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من السد في 9 يناير 1960.و في 27 أغسطس 1960، وقعت مصر على الاتفاقية الثانية مع الاتحاد السوفيتي؛ لإقراضها 500 مليون روبل إضافية؛ لتمويل المرحلة الثانية من السد العالي ، وفي منتصف مايو 1964 تمكنت مصر من تحويل مياه النهر إلي قناة التحويل والأنفاق، وإقفال مجرى النيل، للبدء في تخزين المياه ببحيرة السد، التى أطلق عليها بحيرة ناصر الذى قاد الحلم من الخيال لأرض الواقع .جدير بالذكر أن السد العالي هو سد ركامي يقفل مجرى النيل على بعد سبعة كيلو مترات جنوبي أسوان ، مع تحويل المياه إلى مجرى جديد عبارة عن قناة مكشوفة (قناة التحويل ) تتوسطها أنفاق ستة ومداخل الأنفاق مزودة ببوابات حديدية ، للتحكم في كميات المياه التي تمربها ويتفرع كل نفق ، قبيل نهايته، إلى فرعين وتصب الفروع الإثنا عشر، في محطة الكهرباء ،ليغذي كل منها وحدة توليد مائية، قبل أن تخرج المياه الى القناة المكشوفة.وتقع قناة التحويل على الضفة الشرقية من النيل ، كما يوجد في الضفة الغربية مفيض لصرف المياه الزائدة ، على السعة القصوى لحوض التخزين.ويبلغ الطول الكلي للسد العالي 3600 متر ، منها 250 مترًا ، بين ضفتي النيل، ويمتد الباقي على هيئة جناحين على جانبي النهر ،ويبلغ طول الجناح الأيمن2325 مترا على الضفة الشرقية، وطول الجناح الأيسر 755 مترا على الضفة الغربية.كما يبلغ ارتفاع السد العالي 111مترًا، فوق قاع النيل ، وعرضه عند القاع 980 مترًا، وعند القمة 40 مترًا. وتقع محطة الكهرباء عند مخارج الأنفاق .. وتحتوي علي 12 وحدة توليد مائية.. قدرة كل منها 175000 كيلو وات ، أي أن القدرة الإجمالية للمحطة ، تبلغ 1,2مليون كيلو وات ، تنتج طاقة كهربائية سنوية ، تصل إلى 10 مليار كيلو وات ساعة ، ويتم نقل الطاقة الكهربائية المولدة من أسوان إلى القاهرة، بواسطة خطين كهربائيين على ضغط عال قدره 500 كيلو فولت مع إنشاء محطات المحولات وخطوط التوزيع لربط محطة كهرباء السد العالى ، وخطى النقل الرئيسيين بالشبكة الكهربائية العامة للجمهورية .وكان هناك 4أهداف لبناء السد العالى وهى :-السيطرة على الفيضانات وضخ المياه المحجوزة في موسم الجفاف، وبذلك تصبح الزراعة مستدامة طوال العام، وتقليل التكلفة التي توجبها تلك الكوارث على الدولة والناس.-إنتاج 53% من احتياج مصر من الكهرباء.-الحفاظ على مياه النيل من الهدر، وإنشاء مشاريع قومية كالاستزراع بدلًا من تبددها في البحر.-استصلاح 100 ألف فدان زراعي جديدة في الصحراء.
مشاركة :