قال مقاتلان من المعارضة السورية إن تركيا ترسل مقاتلين سوريين من المعارضة لدعم أذربيجان في صراعها المتصاعد مع جارتها أرمينيا، في الوقت الذي تعهدت فيه أنقرة بتكثيف الدعم لحليفتها ذات الغالبية المسلمة. والاشتباكات الدائرة حول إقليم ناجورنو قره باغ هي الأعنف منذ عام 2016، مع أنباء عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى. وقال سفير أرمينيا في موسكو اليوم الاثنين إن تركيا أرسلت نحو 4000 مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان وإنهم يقاتلون هناك، وهو ما نفاه أحد مساعدي إلهام علييف رئيس أذربيجان. وقالت أرمينيا أيضا إن خبراء عسكريين أتراكا يقاتلون إلى جانب أذربيجان في ناجورنو قره باغ، وهي منطقة جبلية منشقة عن أذربيجان يديرها منحدرون من أصل أرمني، وإن أنقرة قدمت طائرات مسيرة وطائرات حربية. ونفت أذربيجان صحة هذه التقارير. ولم تعلق تركيا حتى الآن، بالرغم من أن مسؤولين كبارا منهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يستعرض بشكل متزايد قوة بلاده العسكرية في الخارج، تعهدوا بدعم باكو. وقال المقاتلان، المنتميان لجماعات معارضة مدعومة من تركيا في مناطق شمال سوريا الخاضعة للسيطرة التركية، إنهما في طريقهما إلى أذربيجان بالتنسيق مع أنقرة. ورفض المقاتلان نشر اسميهما نظرا لحساسية الأمر. ولم يتسن لرويترز التحقق من صدق روايتهما بشكل مستقل. وقال مقاتل حارب في سوريا لصالح جماعة أحرار الشام، وهي جماعة تدعمها تركيا، “لم أكن أرغب في الذهاب، لكن ليس لدي أي أموال. الحياة صعبة للغاية والفقر شديد”. وقال كلا الرجلين إن قادة الكتائب السورية أبلغوهما بأنهما سيتحصلان على حوالي 1500 دولار شهريا، وهو راتب كبير في سوريا التي انهار اقتصادها وعملتها. وقال أحد الرجلين إنه رتّب مهمته مع مسؤول من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في عفرين، وهي منطقة في شمال غرب سوريا فرضت تركيا وحلفاؤها في المعارضة السورية السيطرة عليها قبل عامين. ولم يرد متحدث باسم الجيش الوطني السوري، وهو مظلة لجماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، على طلب للتعليق. وقال المقاتل الآخر، وهو من فصيل جيش النخبة التابع للجيش الوطني السوري، إنه جرى إبلاغه بأنه تقرر نشر ما يقرب من 1000 سوري في أذربيجان. وتحدث معارضون آخرون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، عن أعداد تتراوح بين 700 و1000. وقال الرجلان اللذان تحدثا إلى رويترز الأسبوع الماضي إنهما يتوقعان إيفادهما في 25 سبتمبر / أيلول لحراسة منشآت لكن ليس للقتال. ولم تتمكن رويترز من الاتصال بهما اليوم الاثنين للتأكد من مكان وجودهما حاليا. وقال حكمت حاجييف، مساعد رئيس أذربيجان لشؤون السياسة الخارجية، إن القول بأن مقاتلين سوريين يأتون لمساعدة بلاده هو “محض هراء”. وأضاف “قواتنا المسلحة لديها ما يكفي من الأفراد وقوات الاحتياط”. وفي السنوات الماضية، سعت تركيا لممارسة النفوذ في الخارج بتوغلات في سوريا والعراق المجاورتين والدعم العسكري للحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا. وقالت تركيا مرارا إنها مستعدة أيضا لتقديم الدعم لأذربيجان التي تربطها بها علاقات تاريخية وثقافية قوية وتدير معها مشاريع مشتركة في مجال الطاقة. وحضر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار تدريبات عسكرية مشتركة في أذربيجان في أغسطس آب، واستغل أردوغان خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لاتهام أرمينيا بمهاجمة جارتها. وساهم القلق من أن تركيا قد تشارك بشكل أكبر في هذا الصراع في تراجع عملتها إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار اليوم الاثنين. ولم يؤكد مصطفى سيجري، أحد المعارضين البارزين في سوريا، نشر مقاتلين في أذربيجان، لكنه قال إن تركيا صارت “الأمل الوحيد” المتبقي لمعارضي الرئيس السوري بشار الأسد الذي استعاد معظم الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا بدعم روسي وإيراني. وقال إن تحالف المعارضة مع تركيا يتخذ أشكالا مختلفة وإنه حقا مصير مشترك، مضيفا أنه لا يستبعد أن تصبح تركيا خيارا استراتيجيا للشبان السوريين. واستخدمت تركيا بالفعل مقاتلين سوريين للمساعدة في صد هجوم على العاصمة الليبية طرابلس هذا العام من قبل قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر، بدعم من روسيا وآخرين. ومن شأن استخدام مقاتلي المعارضة في سوريا أن يخلق مسرحا ثالثا للتنافس بين أنقرة وموسكو التي لها قاعدة عسكرية في أرمينيا وتعتبرها شريكا استراتيجيا في جنوب القوقاز وتمدها بالأسلحة. ولم تعلق روسيا على تقارير إرسال مقاتلين سوريين إلى أذربيجان. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن موسكو تتابع الموقف عن كثب وإنه يتعين حل الصراع عبر السبل الدبلوماسية.
مشاركة :