تثير المعارك العنيفة حول ناغورني قرة باغ هذه المرة مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة تتمتع فيها روسيا وتركيا بنفوذ كبير، ما ينذر بارتدادات إقليمية غير محمودة العواقب، حسب خبراء. جنود من أذربيدجان في جبهة ناغورني قرة باغ (المصدر وزارة دفاع أذربيدجان 27 سبتمبر/ أيلول 2020) تصاعدت حدة القتال بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناغورني قرة باغ الجبلي مما أدى إلى سقوط 29 قتيلا على الأقل في ثاني يوم من الاشتباكات. وتبادلت قوات البلدين القصف بالصواريخ والمدفعية. وجدد الاشتباك المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز لأسواق عالمية. وأي صراع شامل قد يجر قوى إقليمية كبرى مثل روسيا وتركيا. ولدى موسكو تحالف دفاعي مع أرمينيا بينما تدعم أنقرة أذربيجان التي يقطنها أغلبية من العرق التركي. اتهامات متبادلة وفي ما يلي، الأسئلة الرئيسية المطروحة بعد التطورات الأخيرة في نزاع يوتّر العلاقات بين الدولتين الجارتين في منطقة القوقاز منذ الانفصال عن الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد اعتمادها على مدى أسابيع خطابا عالي السقف ونبرة عسكرية، أعلنت أذربيجان إطلاق هجوم مضاد واصفة الخطوة بأنها رد على خرق وقف إطلاق النار من قبل المتمردين الأرمينيين المسيطرين على المنطقة التي غالبية سكانها من العرقية الأرمينية والتي انفصلت عن أذربيجان بعد معارك عنيفة. ويقول الانفصاليون المدعومون سياسيا واقتصاديا وعسكريا من يريفان، إن أذربيجان هي التي اعتدت بهدف استعادة السيطرة على المنطقة التي أسفرت المعارك فيها عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص بين عامي 1988 و1994. وفي الفترة اللاحقة، شهدت المنطقة الانفصالية، غير المعترف بها دوليا، اشتباكات متقطّعة بين الجانبين، بقيت خلالها تحت سيطرة الانفصاليين. من أسباب التصعيد ـ تعثر الوساطة الدولية وتقول أوليسيا فارتانيان من المجموعة الدولية للأزمات، إن السبب الأساسي لتجدد الاشتباكات هو غياب الوساطة الدولية، على الرغم من اندلاع مواجهات دامية في تموز/ يوليو، ليس في قره باغ بل على الحدود الرسمية بين أرمينيا وأذربيجان. وتضيف فارتانيان "جيّش القتال في تموز/ يوليو النفوس وصدرت (في البلدين) دعوات للحرب، للأسف لم يتم احتواؤها بوساطة دولية". ترافق استئناف الأعمال العدائية الأحد مع تعزيز للقوة النارية، وقد نفّذت أذربيجان غارات جوية، ونشرت دبابات ومدافع وقالت إنها استعادت السيطرة على بعض المواقع. وتقول فارتانيان "نشهد تحركات منسّقة في مواقع عدة على الحدود، وعسكريين مدرّبَين ومستعدَّين جيدا". ومن تبيلسي يقول المحلل جيلا فازادزه "في العام 2016 تركّزت المعارك بشكل أساسي بين وحدات استطلاع. الآن هناك انخراط كامل (في المعارك) واستخدام للأسلحة الثقيلة". ووصف إعلان أرمينياوقره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية وإعلان أذربيجان تكليف الجيش سلطات إنفاذ القانون، بأنه "سابقة" منذ تسعينيات القرن الماضي. وتقول باكو إنها سيطرت على جبل استراتيجي، وفي حال ثبت ذلك، سيجعل هذا الأمر مدينة ستيباناكرت، كبرى مدن المنطقة الانفصالية، في مرمى نيرانها. طرفا النزاع وسيناريو حرب استنزاف طويلة لكن فازادزه يعتبر أن أيا من الطرفين لا يملك "الموارد الكافية" لخوض حرب "بهذا الحجم لفترة طويلة". يقول فازادزه إن توغلا عسكريا في عمق أراضي أرمينيا أو أذربيجان، وليس الاشتباك الحدودي، هو ما يمكن أن يدفع موسكو أو أنقرة إلى التدخل. يمكن لتركيا أن تدعم باكو بموجب الاتفاقات العسكرية المبرمة بين البلدين. في المقابل تُعتبر روسيا أكبر الحلفاء المقربين ليريفان التي يربطها بموسكو تحالف عسكري. ويعتبر فازادزه أن "التدخل المباشر لن يفيد موسكو وأنقرة"، بل سيعرّض "الروابط الاقتصادية التي تجمع القوتين الإقليميتين" للخطر. في المقابل تشير فارتانيان إلى تزايد دعم أنقرة لباكو، بدليل المناورات العسكرية المشتركة التي جرت في آب/ أغسطس، والتي كانت الأكبر على الإطلاق بين البلدين. وتقول "بالإضافة إلى التسليح، لم تتّضح بعد ماهية الدعم الذي قد تقدّمه تركيا. خيارات كثيرة مطروحة على الطاولة". وتتّهم أرمينيا باكو بأنها تلقى دعما من مرتزقة مرتبطين بالقوات التركية المنتشرة في سوريا، خصوصا من خبراء عسكريين وموجّهي طائرات مسيّرة. كذلك تتّهم أذربيجان أرمينيا بنشر مرتزقة. وبحسب فارتانيان، وحدها مجموعة مينسك، هيئة الوساطة القائمة منذ العام 1992 والتي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، يمكنها تهدئة التوترات. وتؤكد أنه "على الدبلوماسيين أن يستأنفوا جولاتهم وأن يتحدّثوا مع الجانبين". لكن فازادزه يؤكد ضرورة "تعزيز التدخل" الأميركي والأوروبي، إذ يعتقد أن لدى موسكو دوافع مبيّتة . ويقول "هدف روسيا ليس حل النزاع بل على العكس من ذلك، إشعاله دوريا، لاستعادة نفوذها الإقليمي". ح.ز/ أ.ح (أ.ف.ب، رويترز)
مشاركة :