المصدر:الدكتور محمد عبدالرحيم سلطان العلماءالتاريخ:30 سبتمبر 2020 إطلالةٌ حول كلمة صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله شيخٌ له في كل يومٍ طَلْعَةٌ تُهدي الحياةَ لطائفَ الإبداعِ يوماً تَراهُ على الخيولِ مُجنّحاً كالريحِ يخطِفُ ضوءَ كلّ شُعاعِ وتراه ما بين الرجالِ مُحلّقاً كالصقرِ يَعْلو في ذُرى الأصقاعِ هذا الهُمامُ الشهمُ خيرُ معبّرٍ عن هِمّةٍ تعلو على الأوضاعِ هذي بلادُ الخير أضحتْ جنّةً تهفو لها الأحرارُ بالأسماعِ حُيّيتَ يا شيخَ الرجال محمدٌ ما حنّت الأطيارُ للأسجاعِ وبعدُ: فنحن في هذا الوطن الطيب المِعطاء دائماً على موعدٍ مع الإنجازات التي تشحذ الهِمم، وتُقوّي العزائم، وتُبدّد المخاوف والهواجس، وتقول للإنسان الإماراتي: نحن ننجح لنتقدم، وكيف لا يكون ذلك كذلك وهناك من يحمل همّ الوطن، ويسير به في طريق الإنجاز والأمل، ويكفينا أن يظلّ الوجدان الوطني مُزهراً مثل سِراجٍ أصيلٍ لا يستنير إلا بالزيت الصافي، هكذا نحن في هذا الوطن الجميل، نعيش معه وبه قصة حبٍّ ووفاء وتصميم على الوصول إلى أرقى المعارج التي تليق بوطننا وشعبنا الحر الأصيل. بنبرةٍ معمورة بالثقة واليقين كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، كلمة مقتضبة جداً على المستوى الكمّي، لكنها ممتدّة جداً على المستوى المعنوي والروحي يبشّر فيها أبناء شعبه عن أفق جديد يرتاده شباب هذا الوطن هو أفق القمر، ذلك الحُلم الجميل الذي راود خيال الفلاسفة والشعراء منذ مئات السنين، وتحقق بفضل الجهود العلمية الحثيثة التي بذلها إنسان العصر الحديث الذكي الصبور الذي لا يعرف المستحيل، فتوّج جهوده الرائعة بالوصول إلى القمر منذ أمدٍ ليس بالقصير لكنّ مجرد الوصول لا يُغني في سياق الرغبة العلمية الصادقة في الكشف والاكتشاف، ومن هنا أعلن صاحب السموّ عن أُفقٍ جديد لاكتشاف القمر حين كتب قائلاً: «أطلقنا بحمد الله مشروعاً إماراتياً جديداً لاستكشاف القمر. سيكون عبارةً عن مستكشفٍ قمري إماراتي الصنع سيهبط على سطح القمر في العام 2024م في مناطق لم تصلها البعثات البشرية السابقة لاستكشافها. أسمينا المستكشف القمري (راشد) تيمُّناً بباني نهضة دبيّ، والذي علّمنا كيف تكون أحلامنا كبيرة»؛ لتكون الإمارات بهذه الخطوة الجريئة رابعَ دولة تقوم بهذه المهمّة على المستوى العالمي، وأول دولة على مستوى الوطن العربي. إنّ هذه التدوينةَ البديعة الموجزة هي في جوهرها وثيقة تاريخية تكشف عن الوجهة الجديدة لدبيّ من خلال الجهود العلمية الكبرى القائمة على قدمٍ وساق في مركز محمد بن راشد للفضاء وبعقول وطنية ذكية منخرطة بكل قوة وبسالة في تنفيذ الأحلام القديمة للرواد الأوائل: زايد وراشد تغمّدهما الله بواسع رحمته، أولئك البُناة المخلصون الذين بذلوا أشرف ما يبذله الإنسان في سبيل رفعة الوطن ومجده، ويلاحظ المراقب المتبصر في طبيعة النشاط العلمي في علوم الفضاء للإمارات أنها تريد إكمال واكتشاف ما لم يتحقق في الجهود العلمية السابقة للدول الكبرى، وما زلنا نتذكر أن مهمة مسبار الأمل الذي غادرنا إلى المريخ بجهود إماراتية ضخمة كانت هي الدخول في مدارات لم يسبق لأي دولة دخلت فيها، وهذا هو ما يميز طبيعة الجهود العلمية الحثيثة التي تبذلها الدولة في هذا السياق، فليس الأمر مقتصراً على مجرد تحقيق حلم أو رغبة الوصول إلى الفضاء بل لابدّ من التميز في المسيرة والأهداف، وهو ما يحرص صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد على غرسه وترسيخه في وجدان الإنسان الإماراتي ثم استثماره على أحسن الوجوه وأكثرها نفعاً للوطن والإنسان. كما يلاحظ قارئ هذه التدوينة البديعة أنّ هناك إصراراً لدى القيادة على إشراك الإنسان الإماراتي في بناء الحلم وتجهيز المهمات والمشاريع، وهو ما يحرص صاحب السموّ دائماً على لفت الأنظار إليه، فهو معنيٌّ جداً بالتركيز على أنّ هذه المشاريع يتمّ بناؤها وتنفيذها بأيدي أبناء الوطن ومهندسيه الأذكياء، فكأنّ صاحب السمو يريد أن يقول لنا: إنّ الاستثمار الأكبر هو في الإنسان وتنمية خبراته وتوسيع مداركه وصَقْلِ مواهبه وشخصيته، وليس المطلوب فقط هو مجرد تكديس المعدات والتجهيزات بل المطلوب هو تنمية روح الإبداع في الإنسان الإماراتي وفتح الآفاق العلمية أمامَ الأجيال القادمة؛ لأنّ ذلك هو صمام الأمان وهو الضمانة والرهان في عالم متراحب لا يعترف إلا بالإبداع والإنجاز المتميز في كل شيء، ولعل القارئ يلاحظ معي أيضاً الاهتمام الحثيث لصاحب السموّ في هذا المنعطف الهامّ من الحياة البشرية بالتقدم العلمي ونشر الثقافة العلمية، إلى جانب تنمية الحس الوجداني بالأصالة الثقافية والحضارية للوطن والأمة. ثم كانت هذه اللمسة النادرة من لمسات الوفاء الأخلاقي لرجال الوطن الكبار الذين غادرونا بأجسادهم وظلت أرواحهم ترفرف عالياً فوق سماء الوطن وهي تنظر إلى هذا الإرث الذي تركوه وراءهم، وكيف صانه هؤلاء الأبناء البَرَرة الأوفياء بقوة واقتدار، فكانت تسمية المستكشف القمري باسم الشيخ راشد، رحمه الله، تجسيداً للحسّ الأخلاقي النبيل بقيمة الآباء الراحلين الذين سلّموا أمانة الوطن لفرسان الوطن ورجاله الصناديد، فجاءت هذه التسمية الرائعة لتقول للأجيال الراحلة واللاحقة: نحن جسدٌ واحدٌ لا ينفصل عن بعضه بالزمن والغياب، فراشد بن سعيد الذي غادرنا منذ زمنٍ ليس بالقصير هو المعلم والمُلهِم الذي لا يغيب، وستبقى روحه حاضرة بيننا نتعلم منها صفاء النفس، ونقتبس منها شعاع الحكمة، ونسير يداً بيدٍ في رحلة بناء الوطن والارتقاء به إلى الذرى العالية التي تليق به بكل محبةٍ وتفانٍ وإخلاص. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :