أعيد الكتابة حول تأسيس نظام أو صندوق تعليمي، بناء على مقترح أحد الأساتذة المهتمين الذي يرى أن فكرته حان مناقشتها في ظل التغييرات الحديثة في الأنظمة. يحلم الآباء والأمهات بمستقبل مشرق لأبنائهم، والتعليم يعد المفتاح الرئيس ولأجله يسافر البعض ويهاجرون متحملين قسوة الغربة ومشقة الانتقال. الدولة لدينا تؤكد مجانية التعليم العام والجامعي، وتمنح الفرص للبعض للحصول على فرص دراسية في الخارج، لكن هل يستمر الأمر كذلك؟ كيف نؤسس نظاماً أكثر استقراراً في ظل الفكر الاقتصادي الحديث والتغيرات الإدارية والاجتماعية؟ كيف نشارك كآباء في تأسيس مستقبل أبنائنا وندفعهم لتحمل المسؤولية والمشاركة كذلك؟ للإجابة، أقترح تأسيس نظام أو صندوق الأجيال التعليمي، وفكرته بشكل مبسط هي أن أتمكن كأب من ادخار مبالغ للمستقبل لتعليم أبنائي أو أحفادي بعد عشر أو ست عشرة سنة، وأطمح أن تدعمني الدولة بكرمها في هذا المشروع الادخاري. على سبيل المثال، هل يمكنني ادخار ألف ريال شهرياً من دخلي لمستقبل تعليم ابني عبر بعثة دراسية محلية أو خارجية، وفق اختياره ورغبته؟ بمعنى آخر لو ادخرت ألف ريال شهرياً على مدى سبعة عشر عاماً - عمر دخول الجامعة- سيصل المبلغ إلى 200 ألف ريال. وعندما أشير إلى عملية ادخار فيتوقع وجود أرباح إضافية على هذا المبلغ، أو دعماً إضافياً من الدولة للصندوق أو للقرض أو المنحة الدراسية لابني أو بنتي، تساعد على إكمال التعليم الجامعي محلياً أو خارجياً. قد يكون التكفل بكامل تكاليف الدراسة أو جزء منها كأن يتكفل بالرسوم الدراسية. أنظمة الادخار والإقراض التعليمية ليست فكرة جديدة وهي موجودة في دول عديدة، ويمكن الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا الشأن. في المملكة توجد أنظمة ادخار، ربما في مجالات أخرى. قد يكون صندوق أجيال التعليمي عن طريق المؤسسات المالية الخاصة بعد أن تضع الدولة التشريعات والضمانات اللازمة لذلك، وقد تتولاه مؤسسات قائمة مثل التأمينات الاجتماعية أو بتأسيس صندوق حكومي لهذا الغرض، أسوة بصناديق السياحة والزراعة والشؤون الاجتماعية وغيرها. طبعاً مثل هذا النظام/ الصندوق سيكون له تنمية أمواله، وبناء أنظمة ادخار تعليمية وأنظمة إقراض تعليمية للطلاب ممن ليس لديهم القدرة لدفع الرسوم الدراسية أو ليس لديهم نظام ادخار كافٍ لتغطية تكاليف دراستهم، على أن تسدد تلك القروض بشكل ميسر بعد تخرج الطالب والتحاقه بالعمل... عبر هذا التنظيم ستكون مسؤولية الفرد وأسرته المشاركة في تحمل المسؤولية تجاه تعليمه ومستقبله، سنخفف العبء المباشر على الدولة في مجال الابتعاث والتعليم الجامعي المحلي، سنؤسس لثقافة الادخار والتخطيط للمستقبل، سنؤسس مؤسسة أو صندوقاً وطنياً يسهم في عجلة الاقتصاد. والأهم من ذلك سنضمن رفع كفاءة واستمرارية برامج الابتعاث والتبادل المعرفي والتعليم الجامعي المحلي، وفق آليات اقتصادية حديثة. بقي الإشارة إلى أن الدولة لن تتخلى عن واجباتها في تعليم أبنائها وبناتها بتأسيس مثل هذا النظام/ الصندوق، وإنما سيكون محسناً لآلياتها في هذا الشأن وسيشكل رافداً وذراعاً لما تقدمه من دعم للأجيال وفق فكر اقتصادي مستقبلي.
مشاركة :