بغداد - أثارت تهديدات الفصائل الشيعية المدعومة من إيران باستهداف القوات الأميركية، مخاوف العراقيين من تحول بلادهم إلى ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران فيما تتعالى الأصوات الدولية والإقليمية منادية بالتهدئة وخفض التصعيد. وأكد الرئيس العراقي برهم صالح، الثلاثاء، رفض بلاده أن تكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين. جاء ذلك في خلال استقبال الرئيس العراقي لوزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني في مقر إقامته في السليماني. وأكد صالح أن الحكومة تعمل على ترسيخ دولة مقتدرة ذات سيادة، وحصر السلاح بيد الدولة ومنع الأعمال الخارجة عن القانون، وحماية البعثات الدبلوماسية، مشدداً على أن العراق يرفض أن يكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين على أرضه. ورفضت الرئاسات العراقية الثلاث، الأحد، صدور تهديدات من ميليشيات شيعية إلى القوات الأميركية، مؤكدة أن إعلان الحرب هو من اختصاص مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية المستندة إلى القانون والدستور، وأنه ليس من حق أي طرف إعلان حالة الحرب أو التصرف على أساس حالة الحرب داخل الأراضي العراقية. وعلى الرغم من أن العديد من القوى والجهات السياسية والعسكرية أعلنت خلال الأيام الماضية براءتها من الهجمات التي تطال البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية للتحالف الدولي في العراق، بالتزامن مع الحديث عن تهديدات أميركية بغلق السفارة واستهداف قادة الفصائل، لكن في المقابل صعّدت عدة فصائل مسلحة "شيعية"، نبرة تهديداتها مهددةً بشن المزيد من الهجمات. وكان آخرها فصيل مسلح جديد لاستهداف المصالح الأميركية في العراق باسم "فرقة الغاشية. وجاء في بيان صادر عن الإعلام الحربي لفرقة الغاشية، أنه "بعدما رأيناه من تقاعس وتخاذل ونكث وخيانة.. نحن مجموعة من المجاهدين قد وضعنا الشهادة نصب أعيننا وهمنا الوحيد ضرب الاحتلال الأميركي الغاشم ومن يعمل في فلكه". وتحركت الدبلوماسية العراقية لوقف هذه التهديدات من خلال زيارة قام بها فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي، الاثنين، إلى إيران محملا برسالة شفوية من رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي إلى رئيس الجمهوريّة الإيرانيّ روحاني تمحورت حول تطوّرات الأوضاع بالمنطقة، ومُراجَعة أهمّ الاحتمالات المُتوقّعة، وما تنطوي عليه من انعكاسات. ويقول مراقبون إن إيران لن تقول إنها غير مسؤولة عن الميليشيات وأعمالها، لاسيما ضد الولايات المتحدة، لأن ذلك سيخسرها ورقة ضغط مؤثرة، لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها تحمل عبء المسؤولية التي يفرضها التبني العلني لأنشطة هذه الميليشيات. ولا يعول الكاظمي على دور إيراني إيجابي في العراق، لاحتواء خطر الميليشيات على البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي الموجودة بهدف القضاء على فلول تنظيم داعش، لكن الحكومة العراقية تريد إحاطة نظيرتها الإيرانية بأن استمرار العبث الأمني في العراق قد يضع مصالح طهران في دائرة الاستهداف الأميركي. و أشار صالح إلى أن التعاون الدولي والإقليمي المشترك من شأنه بثّ روح التعايش السلمي في المنطقة والعالم، وقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابية التي تسعى لزعزعة الاستقرار، كاشفا عن تطلع بلاده إلى دعم المجتمع الدولي ومن ضمنها إيطاليا، في تحقيق هذه الأهداف، وتعزيز علاقاته على أسس التعاون وتحقيق المصالح المشتركة للشعوب والبلدان، والتكاتف في مواجهة التحديات العالمية المختلفة. وأكد صالح على سعي العراق لتعزيز أواصر العلاقات الثنائية مع إيطاليا في المجالات كافة، والعمل معاً في مواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المنطقة والعالم، وفي مقدمتها الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي، وتبادل الخبرات في هذا الصدد. وأشاد الرئيس العراقي بدور القوات الإيطالية، ضمن التحالف الدولي وحلف الناتو، المساندين للقوات المسلحة العراقية ومساهمتها في العديد من المشاريع الإنسانية والخدمية، فيما أكد على أهمية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين الصديقين، لاسيما في مجال تجهيز وتدريب القوات الأمنية بمختلف تشكيلاتها وتطوير قدراتها القتالية. وبيّن أن العراق تمكن من الانتصار على تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي والأصدقاء، إلاّ أن الحرب على التنظيم لا تزال متواصلة، وان خلاياه النائمة تشكّل تهديداً للعراق والمنطقة والعالم. ولفت إلى أن التهاون في ملاحقته، واستمرار أزمات المنطقة، من شأنه إعطاء فرصة للجماعات المتطرفة في التقاط أنفاسها، وشن هجمات على المدن والمواطنين الآمنين. إلى ذلك أكد وزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني التزام بلاده في دعم العراق مختلف المجالات، وخصوصاً مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الثنائي اقتصادياً وثقافياً بما يعزز أواصر العلاقة بين الشعبين والبلدين. وأوضح أن "العراق وبدعم من التحالف الدولي والأصدقاء، تمكن من الانتصار على تنظيم داعش، إلا أن الحرب على التنظيم لا تزال متواصلة، وأن خلاياه النائمة تشكل تهديداً للعراق والمنطقة والعالم".
مشاركة :