وداعاًً صباح الأحمد.. العربي الوطني وصانع السلام الأصيل

  • 10/1/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

انتقل إلى جوار ربه عن عمر ناهز الـ91 عاماً قائدٌ مميّز حظي باحترام المجتمع الدولي، وكان محبوباً من شعبه. حزنتُ كثيراً على المستوى الشخصي عندما علمت أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد خسر معركته مع المرض، بعد معاناة طويلة، حيث كان يتردد إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج. سوف نفتقد كثيراً حكمته وسخاءه ومواهبه الطبيعية في صنع السلام. وأتوجّه بأحرّ التعازي القلبية إلى أفراد أسرته وجميع أشقائنا الكويتيين على مصابهم الأليم. لقد كان لي شرف لقائه في فندقي في بيروت قبل بضع سنوات، وقد أُعجِبت كثيراً بشخصيته الدافئة والمهيبة أيضاً. كان الشيخ صباح من الوجوه البارزة بين قادة الدول في الخليج، وكانت تربطه صلة قوية بنظرائه في مجلس التعاون الخليجي، وقد عمل من أجل أن يكون المجلس متماسكاً وموحّداً ومؤثِّراً. كان شخصية متفانية في سبيل الوحدة ورصّ الصفوف، وقد سعى دائماً إلى التوفيق بين الأفرقاء المتناحرين من دون الاصطفاف إلى جانب هذا الفريق أو ذاك. على امتداد نصف القرن الماضي، خلال تولّيه حقيبة وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء في الكويت وصولاً إلى تنصيبه أميراً للبلاد وقائداً للقوات المسلحة في عام 2006، كان على الدوام قوةً من أجل التهدئة في أعتى العواصف التي هبّت على بلاده والمنطقة. لقد تبنّت الكويت، في عهده، دور الوسيط بين الفصائل اللبنانية، وكذلك بين الأفرقاء المتناحرين في اليمن، وكان له دورٌ أساسي أيضاً في تسوية الخلافات بين بنجلاديش وباكستان، كما سعى جاهداً لإعادة قطر إلى الحضن الخليجي. وقد استرعت جهوده الدؤوبة الرامية إلى لم الشمل بين الدول والشعوب، انتباه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كرّمه بمنحه وسام الشرف المرموق تقديراً لـ«وساطته التي لا تكل في تسوية النزاعات». وكان الأمير الراحل صاحب أيادٍ بيضاء معروفاً بمساهماته الإنسانية، وقد كان موضع ثناء شديد من الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر والعديد من الأمناء العامين الذين تعاقبوا على الأمم المتحدة. وكان اللاجئون السوريون من أكثر المستفيدين من سخائه. يشعر المواطنون الإماراتيون، لاسيما أبناء جيلي، بأنهم قريبون جداً من الشعب الكويتي الذي تقاسمنا معه الرغيف خلال حرب الخليج في عام 1991. وقد وقفنا جنباً إلى جنب مع الكويتيين والشركاء الآخرين بالتحالف في أرض المعركة من أجل إلحاق الهزيمة بالجيش الذي أرسله صدام حسين لاجتياح الكويت. فيما أودّع شخصية استثنائية، قادت بلادها بحكمةٍ وأمان وسط العديد من العواصف الهوجاء، أتقدّم أيضاً بالتهاني إلى صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على تنصيبه أميراً للكويت، وأتمنّى له التوفيق في دوره الجديد. فليُسدّد الله عز وجل خطواته ويثبّت خطاه في مسيرة السلام والعدالة والازدهار.

مشاركة :