في أول تعليق عراقي رسمي بشأن الخطوة التي تم تسريبها مطلع الأسبوع، أعرب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن عدم رضا بلاده بتهديد الولايات المتحدة بغلق سفارتها وسحب قواتها من العراق، ووصفه بأنه "خطير". وقال حسين، الذي أنهى أخيراً زيارة ثقيلة خيم عليها التوتر إلى طهران لطلب المساعدة بلجم الفصائل العراقية المسلحة المدعومة منها والمتهمة بشنّ هجمات على المصالح الغربية والأميركية بالبلد العربي، إن "حكومة بغداد غير سعيدة بالقرار الأميركي". وأضاف خلال مؤتمر في بغداد، أمس، أن "الانسحاب الأميركي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانسحابات" من دول أخرى تشارك في "التحالف الدولي" لمحاربة "داعش"، الأمر الذي سيكون خطيراً، لأن التنظيم المتشدد يهدد العراق والمنطقة. وتابع: "نأمل أن تتراجع واشنطن عن قرارها الذي يعد في الوقت الحالي مبدئياً". وأردف أن "البعض في واشنطن يستحضر بنغازي، لكنه تحليل خاطئ، كما أن هذا القرار خطأ"، في إشارة إلى مقتل 4 أميركيين بينهم السفير في هجوم استهدف ممثلي البعثة الدبلوماسية في بنغازي عام 2012. وشدد الوزير على أن القرار المرتقب "يؤدي إلى مشكلات في العلاقات الدولية وليس من مصلحة بغداد ولا واشنطن". رفض ووهم وأكد أنه "لا يمكن القبول بالهجمات التي تستهدف البعثات الدبلوماسية تحت أي شعار والانسحاب يعطي إشارة انتصار للعناصر المتطرفة". وتابع: "السفارات الموجودة في بغداد تقع في ظل مسؤولية الحكومة الاتحادية وهي مسؤولة عن حماية البعثات الدبلوماسية وهذه الأعمال ليست مقاومة بل هي هجوم على سيادة العراق وأمنه". ووصف من يتصور أنه حقق انتصاراً بانسحاب السفارة الأميركية بـ"الواهم". ومنذ 3 أشهر، استهدف 39 هجوماً بصواريخ مصالح أميركية في العراق. ويرى المسؤولون العسكريون الأميركيون أن المجموعات المسلحة الموالية لطهران باتت تشكل خطراً أكبر من عناصر "داعش" الذين سيطروا في مرحلة معينة على نحو ثلث مساحة العراق. وأكدت مصادر سياسية ودبلوماسية، في وقت سابق، أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنذر العراق بشكل نهائي الأسبوع الماضي بغلق السفارة الأميركية في بغداد في حال عدم توقف الهجمات خصوصاً الصاروخية ضد سفارة بلاده، وبسحب ثلاثة آلاف عسكري ودبلوماسي. وتتبنى فصائل مسلحة موالية لإيران هجمات متكررة منذ عدة أشهر ضد المصالح الأميركية في العراق، تحت ذريعة طرد "الاحتلال الأميركي" وتكثفت الهجمات أخيراً مع التركيز على توجيه رد لقتل واشنطن قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس بمطار بغداد يناير الماضي. في موازاة ذلك، شدد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على أن مرتكبي الاعتداءات على أمن البعثات الدبلوماسية يسعون لزعزعة استقرار البلاد، وتخريب علاقاته الإقليمية والدولية. وأكد الكاظمي، خلال استقباله سفراء 25 دولة بناءً على طلبهم لمناقشة التطورات الأخيرة فيما يتعلق بأمن البعثات الدبلوماسية، "حرص العراق على فرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وحماية المقرات الدبلوماسية". وأضاف أن "هذه الهجمات لا تستهدف البعثات الدولية فقط، وإنما طالت الأبرياء من المواطنين، بما فيهم الأطفال، وأن مؤسسات الدولة الأمنية عازمة على وضع حدّ لها، وقد شرعت باتخاذ الإجراءات الضرورية لتحقيق هذا الهدف". من جانبهم أكد السفراء، في مداخلات لهم، دعم العراق وشعبه واحترام سيادته والسعي عبر الحوار لتحقيق الاستقرار والسلم وضمان الصداقة والتعاون. وأعرب السفراء عن قلقهم من تزايد الهجمات ضد المنشآت الدبلوماسية بالصواريخ والعبوات ضد المواكب، وما تحمله تلك الهجمات من مخاطر على حياة الدبلوماسيين والمدنيين العراقيين، مؤكدين ترحيبهم بالخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية لوضع حد لهذه الاعتداءات، وملاحقة المتورطين بها، وتشديد الإجراءات الأمنية. تحذير الصدر في هذه الأثناء وجّه زعيم كتلة "سائرون"، الأكبر البرلمان العراقي، مقتدى الصدر، أمس، رسالة إلى الفصائل المسلحة التي هددت بضرب القوات الأميركية في البلاد. وقال الصدر، عبر "تويتر": "لا تحولوا المقاومة إلى مقاولة، لنعمل برلمانياً ودولياً لإنهاء وجودهم"، مضيفاً: "لا تحولوا فوهات أسلحتكم التي وجهتموها إلى عدونا وعدوكم المحتل، إلى صدور اخوتكم وشعبكم". وتابع: "حافظوا على سمعتكم، فإنني لست ممن يهادن المحتل أو يخاف تهديده ووعيده، لكن القوى الخارجية تريد النيل من عراقنا وأمنه واستقراره وسيادته". في غضون ذلك، فجر مجهولون، عبوة ناسفة في سيارة تقل مترجماً يعمل لمصلحة شركة أمنية أجنبية بالمنطقة الخضراء وسط بغداد في هجوم أسفر عن خسائر مادية فقط.
مشاركة :