صحيفة المرصد :بينما سجل معدل دوران النقود في الاقتصاد السعودي تراجعا دون واحد في المائة لأول مرة منذ خمسة أعوام، توقع اقتصاديون أن يستمر انخفاض معدل دوران النقود في السعودية بدفع عوامل استراتيجية تلف الاقتصاد الوطني أبرزها تقلبات أسعار النفط. ووفقا لصحيفة الشرق الأوسط كشفت بيانات رسمية أن حجم دوران النقد في القطاع غير النفطي انخفض إلى ما دون واحد في المائة ليصل إلى 0.98 في المائة العام المنصرم لأول مرة منذ عام 2010 وهي السنة التي حقق فيه دوران النقود 1.06 في المائة، مستمرًا على هذا المعدل لثلاث سنوات متتالية حتى عام 2012 قبل أن يتراجع إلى 1.02 في عام 2013. ويرى خبراء أن عوامل تراجع أسعار النفط وانخفاض الإنفاق الحكومي من شأنه أن يكبح حركة النقود المتداولة لعلاقتهما الطردية، حيث يرى الدكتور سعيد الشيخ وهو الاقتصاد السعودي البارز وعضو مجلس الشورى أن الوصول إلى معدل دوران النقود ناتج عن قسمة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي، وهو ما يعني القيمة المضافة في الاقتصاد غير النفطي فوق تكلفة الإنتاج أو مدخلاته. ولفت الشيخ إلى زيادة معدل النقود على الناتج المحلي يعني أن الريال (العملة السعودية) يدور لتحقيق إضافة اقتصادية أكثر من خلال تدويره للاستفادة بشكل أفضل، بحيث يعطي قيمة إضافية أعلى، مفيدا بأنه عند تباطؤ دوران النقود فهو دلالة عكسية عن الاستفادة وتفعيل حركة الأموال. وأبان الشيخ أن الفرق المسجل ليس كبيرا والسبب قد يعود للإقراض، حيث إن العلاقة مترابطة فكلما كان النمو في الإقراض كبيرا يكون دوران النقود كبيرا، مؤكدا أن الإقراض يعني مفهومه الواسع وليس محصورا فقط على الأفراد أو البطاقات الائتمانية. وأشار إلى أن معدل نمو الإقراض قلّ مع الوصول إلى اعتدال في النمو الاقتصادي للبلاد خلال السنتين الماضية، مفيدا بأن السنوات بعد الأزمة المالية كان النمو كبيرا حينها، ثم اتجه للاعتدال بعد أن نما على قاعدة أوسع. وقال الشيخ: مع هبوط أسعار النفط تقل حالة التفاؤل علاوة على تراجع مستوى الإنفاق الحكومي على المشروعات، موضحا أن إجمالي الإنفاق على المشروعات في عام 2014 كان أقل من العام الذي قبله بتراجع 70 مليار ريال، حيث إن إجمالي المشروعات التي جرى ترسيتها تقدر بنحو 290 مليار ريال في 2013، بينما في عام 2014 انخفض الرقم إلى 222 مليار ريال، وهي مشروعات رأسمالية كالمستشفيات والطرق والمطارات والموانئ، سواء من قبل الحكومة أو شبه الحكومية. ورجح الشيخ أن تنخفض القيمة أكثر في العام الحالي 2015 مع وتيرة تذبذبات أسعار النفط، مشيرا إلى أن الدولة ستخفض وتيرة ترسية المشروعات نتيجة انخفاض الإيرادات في الدولة. من جانبه، دعا الدكتور مازن حسونة، وهو خبير اقتصادي أن يجري احتساب العوامل الطارئة المتعلقة بتداول النقود، إذ إن هناك مستجدات تختص بالتقنية والتطورات التكنولوجية تدعو إلى إقحامها في احتساب معدل دوران النقود. وأضاف حسونة أن التوجه العالمي يذهب تجاه استخدام البطاقة الائتمانية واستخدام وسائل الدفع عبر الإنترنت وارتفاع الطلب على مشتريات أونلاين، مفيدا بأنه لا بد من إيضاح إذا ما كانت طريقة احتساب كتلة دوران النقود أخذت في الاعتبار العمليات الجديدة (التحويلات) بطريقها الآلية المختلفة. وأشار حسونة إلى أن الصورة التقليدية في الدفع تغيرت مع دخول وسائل الدفع المتعددة والكروت المدفوعة والحد من البيع الكاش (نقدا) وعمليات البيع الإلكتروني تتنامى يوما عن يوم، مبينًا في الوقت ذاته أن العوامل الرئيسية كتراجع النفط وسياسات الدولة النقدية المعتمدة لها أثرها في حركة تداول النقد.
مشاركة :