مطبات تعيق طريق «الشاحنات»

  • 10/3/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حسونة الطيب (أبوظبي) وظيفة سائق الشاحنة، كانت من بين أفضل المهن العمالية في أميركا حتى العقد الأول من ثمانينيات القرن الماضي، لكن طريقها بات محفوفاً بالكثير من المطبات المتمثلة في التجارة الإلكترونية والسيارات ذاتية القيادة. كما أصبحت تضحيات السائقين، تذهب لصالح المستهلك وإلى تجار التجزئة. ويواجه قطاع الشاحنات اليوم أيضاً، اضطرابات عظيمة ربما تنتهي بإحداث تغييرات جذرية في قطاع التجزئة. ويعود السبب الرئيس في ذلك، إلى لتسوق الإلكتروني الذي قلص المسافات الطويلة التي كانت تقطعها الشاحنات لتوصيل السلع من الموانئ أو المصانع إلى مناطق البيع. وأصبحت شركات مثل، وول مارت وأمازون، توفر الكثير من العناء لعملائها، حيث تقوم بتوصيل الطلبات لمنازلهم. بالإضافة إلى ذلك، دفعت تجربة كوفيد-19، سلاسل التوريد لإعادة النظر في عملياتها، حيث ترجح مؤسسة ماكينزي الاستشارية، مساهمتها في نقل مناطق التصنيع قريباً من المساكن وزيادة الطلب على النقل البري. وباعتباره واحداً من أكثر القطاعات المجزأة في العالم، يتعرض النقل بالشاحنات لضغوطات ليصبح أصغر حجماً وأكثر نظافة في الوقود وأتمتة في التشغيل. ولقي سائقو الشاحنات، الكثير من الإشادة لعملهم في الخطوط الأمامية في مواجهة وباء كورونا، في وقت يواجه فيه القطاع عمليات التشغيل الكهربائي والقيادة الذاتية، التي ربما تؤدي لإعادة تشكيل القطاع. وبدأت هذه الاضطرابات لتوها في جذب الانتباه، بصرف النظر عن حجم القطاع وحقيقة أن كل سلعة لابد أن يتم نقلها بالشاحنات. وربما لا يدرك الكثيرون أن عائدات قطاع الشاحنات، تقدر بنحو 800 مليار دولار، مساوية لحجم قطاع الطيران العالمي. كما يقدر عدد السائقين في أميركا، بنحو 3,5 مليون وفي أوروبا بنحو 3 ملايين، ما أضفى جاذبية كبيرة على هذه الوظيفة، بحسب ذا إيكونيميست. وفي الصين على سبيل المثال، يوجد نحو 8 ملايين مؤسسة للشاحنات، لا تزيد إدارة الواحدة منها في الأغلب، على شخص واحد، بينما يناهز عددها 900 ألف في أميركا، 96% منها تملك أقل من 20 شاحنة. وتستحوذ أكبر 25 مؤسسة في أميركا مثل جي بي هنت، على أقل من 10% من عائدات القطاع. وتتميز هذه المؤسسات بكفاءة أكثر من نظيراتها الأخريات مكنتها من الصمود أمام وباء كورونا، فضلاً عن أنها تقدم أجوراً أفضل. لكن تسير الشريحة الأصغر التي تشكل نسبة 90% الباقية، في المسار البطيء. يبدو التغيير أكثر وضوحاً في شريحة نقل المسافات القصيرة، خاصة في سيارات عمليات توصيل الطلبيات، التي تعكف على تشغيلها شركات كبيرة مثل يو بي أس. واستفادت هذه الشركات من ارتفاع الطلب جراء عمليات الإغلاق وزيادة أرباحها، بصرف النظر عن التكلفة الإضافية الناجمة عن إجراءات التوصيل حتى باب العميل. وبينما ساعدت الرقمنة في تحسين الأداء، بدأ شبح الشاحنات الكهربائية، يلوح في الطرقات، رغم العقبات التي تعترض ذلك. وتعتبر القيادة الذاتية من أكبر القوى التي تتسبب في اضطرابات قطاع الشاحنات، حيث يتخوف البعض من تأثير ذلك على الوظائف التي تشكل 40% من تكلفة الشحن. وتم بالفعل إدخال تقنية «مساعد السائق»، الشبيهة بمثبت السرعة، والتي تعمل على ضبط مسافة آمنة بين الشاحنة والمركبة التي أمامها. ويؤكد خبراء القطاع أن استخدام السائق الآلي سيكون شائعاً في غضون 5 سنوات من الآن. ويبدو أن شبح الشاحنات ذاتية القيادة وسبرها غور الطرقات، أمر ليس بالقريب، حيث لم تصدر بشأنها أي لوائح وقوانين حتى الآن. كما أن قطاع القطارات القوي لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي تقنية تهدد مستقبله. لكن ومن المؤكد أن الشاحنات ذاتية القيادة والكهربائية، ستتحول إلى واقع يصعب الحيلولة دونه، حيث من المتوقع في الوقت الراهن، المزيد من التشظي في القطاع. أما بالنسبة للسائقين، فربما يظلون على الطرقات، لكن مع غياب المسافات الطويلة والرحلات التي تمتد لأيام عدة.

مشاركة :