لم أكمل مشواري التعليمي ولكني تخرجت من جامعة الحياة

  • 6/17/2020
  • 09:41
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خريجة المطبخ الفرنسي.. أول بحرينية تصنع العقيلي بالحلوى البحرينية.. بدأت مشوارها العملي في المرحلة الإعدادية..صاحبة خبرة 25 عاما في صناعة الحلوى والمخبوزات.. صانعة النجاح وقاهرة التحديات فاطمة أحمد الأنصاري لـ«أخبار الخليج»: يقول «فرانك كلارك»:«إذا استطعت العثور على طريق خال من المعوقات.. فهو غالبا لا يؤدي إلى أي مكان»!هذا ما ينطبق فعليا على تجربة هذه المرأة العصامية المكافحة، التي واجهت الحياة بقوة، وكسرت القيود، وحطمت الحواجز، وذلك منذ أن بدأت مشوارها العملي في المرحلة الإعدادية، وبرغم ما واجهته من تجارب نفسية وصحية ومادية مريرة إلا أنها صمدت في وجهها، بل منحتها مزيدا من الإصرار على العمل والعطاء.فاطمة أحمد الأنصاري، صاحبة خبرة 25 عاما في مجال صناعة الحلوى والمخبوزات، خريجة المطبخ الفرنسي، علمتها الحياة أنه ليس هناك شيء اسمه الفشل، وبرغم أنها لم تستطع إكمال تعليمها إلا أنها تخرجت من جامعة الحياة، وبامتياز، حيث عكفت على تطوير الذات، حتى وضعت نفسها في مصاف النساء المتميزات، بعد أن صعدت السلم من أوله، ووصلت إلى قمته.هي ترى أن الحياة مدرسة، والناس أسئلة، والأيام إجابات، والمعلمون هم التجارب والدروس والعبر والعظات، فكم من تجارب قاسية مرت عليها، صقلت شخصيتها الصارمة، وصنعت عزيمتها الصلبة.فلنتعلم من هذه التجربة الكثير، والتي نرصد تفاصيلها في الحوار التالي:متى بدأت رحلة العمل؟مشواري العملي بدأ مبكرا للغاية، وتحديدا في المرحلة الإعدادية، وهو شيء ليس بغريب علي بل يتناسب مع طبيعتي بالفطرة، حيث أتمتع بالنشاط والحيوية منذ نعومة أظافري وأعشق الإتقان في كل شيء في حياتي، سواء في الدراسة أو العمل أو غيرهما، لذلك كنت دائما من المتفوقين، الأمر الذي أصابني بنوع من القلق الزائد عن اللزوم وخاصة أوقات الامتحانات، حتى أنعكس ذلك سلبا على مستوى تحصيلي العلمي في الثانوية العامة، ورغم حصولي على بعثة دراسية إلا أنني لم أتقبل نفسيا تخرجي بمستوى أقل من طموحي، فتوقفت عن مواصلة الدراسة والالتحاق بالجامعة.هل شعرتِ بالندم على ذلك؟لا، لم أشعر بالندم على عدم مواصلتي تعليمي الجامعي، فصحيح أنني لم ألتحق بالجامعة، إلا أنني تخرجت من جامعة الحياة، وهذا أهم من أي شهادة علمية، وذلك من خلال خبراتي المتعددة التي اكتسبتها عبر مشواري، ومن تعاملي مع مختلف الناس من كل الشرائح والفئات، والحمد لله استطعت التغلب على الكثير من التحديات التي واجهتني، ولعل أهم درس تعلمته هو لا للفشل، بمعنى آخر أيقنت مع الوقت أن الفشل يقود صاحبه إلى النجاح، وأن الخطوة التي تعقبه تعلمنا الثبات في خطواتنا اللاحقة وواصلت في مشوار العملي وتدرجت في صعود السلم.وما هي أولى محطاتك العملية؟في المرحلة الإعدادية عملت في إجازة الصيف بأحد البنوك، في عمل يتعلق بأمور الحسابات، وذلك لأنني كنت متميزة في الرياضيات بشكل لافت، وواصلت عملي في البنوك إلى أن التحقت بالدراسة الثانوية وخلالها أيضا، إلى أن وجدت أن راتبي ضعيف نسبيا بالنسبة لغيري من الجامعيات، فشعرت هنا بعدم الراحة وفكرت في تطوير الذات لتحقيق دخل أفضل. هل ينتابك نفس الشعور اليوم؟لا، اليوم حين أقارن نفسي أحيانا بالجامعيات أجد أنني تفوقت عليهن، فقد عملت جاهدة على تطوير أوضاعي وقدراتي ومؤهلاتي بطرقي الخاصة، انطلاقا من قناعتي بأن الاجتهاد في الحياة يوصل إلى أعلى المراتب، ولكن زواجي فرض علي التفرغ لأسرتي ولرعاية أطفالي حوالي عشر سنوات، بعدها جاءت الانطلاقة الحقيقية. وكيف جاءت الانطلاقة؟نظرًا إلى مروري بظروف عائلية خاصة، فقد قررت العودة إلى العمل وبقوة، وكان أصغر أطفالي حينئذ في أولى حضانة، وجاءت انطلاقتي من البيت بمجرد امتلاك فرن متواضع، وبدأت بصناعة الكيكات لأنها المقربة إلى نفسي، والحمد لله وجدت كل التشجيع من جميع من حولي، وكانت بداية متواضعة للغاية تعتبر من الصفر، وكافحت وجاهدت لفترة طويلة، ومع تطور مشروعي الخاص وتحديدا بعد مرور حوالي أربع سنوات، قررت دراسة المطبخ الفرنسي، فسافرت لتحقيق هذا الحلم، وكنت قد دخلت في شراكة مع مشروع في إمارة دبي لكني لم أوفق فيه فقررت الانسحاب منه.ماذا بعد التخرج من المطبخ الفرنسي؟دراستي في فرنسا علمتني خبرات عديدة أهمها كيفية التخطيط، وأهمية تحديد مراحل للعمل وفق نظام مدروس، ولذلك نجد مطبخي في البحرين يسير بنفس نظام المطبخ الفرنسي في كل تفاصيله، حتى فيما يتعلق بالأمور المالية والإدارية، لذلك كانت عودتي إلى السوق تتسم بالقوة والرزانة، وهو ما تتطلبه المنافسة الشرسة التي وجدتها حينئذ.كيف تواجهين المنافسة؟للأسف نحن أصحاب مثل هذا المشروع نواجه منافسة شرسة وغير متكافئة على الإطلاق، وذلك لأن منافسينا من أصحاب المشاريع المنزلية أو عبر الإنترنت ليس لديهم نفس الالتزامات المادية المرتفعة التي نتحملها نحن، لذلك نحن بحاجة إلى ضوابط لهذه المشاريع، ومع ذلك فأنا فخورة بأنني انتهجت الطريق الصحيح وأصبحت من المتميزات.وما هو سر التميز؟كنت من أوائل السيدات اللاتي بدأن في هذا المجال، وأقمت علاقات طيبة ووطيدة مع زبائني عبر سنوات طوال تمتد إلى أكثر من 25 عاما، وكنت أول بحرينية تصنع العقيلي بالحلوى البحرينية، وقد ذاع صيتي خارج البحرين أيضا، حيث أتلقى الكثير من الطلبات الكبيرة والهامة حتى في بداياتي، وتعلمت من هذه التعاملات الخارجية الخبرة الجيدة في إدارة عملي، وأهمية الالتزام بالإنجاز خلال فترة محددة. ما هي أصعب مرحلة؟أصعب مرحلة مررت بها هي ما أوصلتني إلى اتخاذ قرار بضرورة غلق مشروع الكافيه الذي افتتحته ملحقا بالمحل الخاص بي، لأنه لم ينجح بسبب الموقع غير المناسب، ولكني تعلمت ألا أتوقف عند أي مشكلة أو أزمة، فكثيرا ما مررت بأزمات نفسية وصحية ومادية، ولكني اعتدت مواجهتها والتغلب عليها ولا أسمح لها بأن تكسرني بل أخرج منها أقوى وأكثر صلابة، وهو ما أنصح به أي امرأة تواجه الكثير من العثرات في مشوارها.وأشد محنة؟أشد محنة واجهتها كانت وفاة والدتي، والتي تعلمت منها حكمة الصبر، وكيفية مواجهة أي أزمات، وإلى اليوم أداوم على تحقيق وصيتها لي بأن أحرص على التجمع مع أخواتي وإخوتي أسبوعيا وبانتظام، ولا أنسى هنا دور والدي المهم في حياتي كذلك، فقد كان ضريرا ومعلما للقرآن، وقد اكتسبت منه الكثير من القيم الجميلة أهمها الإرادة، والكفاح حيث كان يملك مشروعا خاصا ينفق منه على عشرة أبناء، ورغم أعبائه المادية إلا أننا تربينا وسط أجواء عائلية طيبة، ولم نشعر يوما بأي نوع من الحرمان بل كان منزلنا دوما عامرا بالناس.ما هي نقطة ضعفك؟نقطة ضعفي هي نفسها التي تعاني منها الكثير من النساء، وهي تتمثل في تغلب العاطفة أحيانا على العقل، بمعنى آخر أجد نفسي محكومة أكثر بأسلوب الإدارة الإنسانية قبل كل شيء، ورغم أن البعض يستغل ذلك بصورة سلبية، إلا أنني لا أرغب في تغيير شخصيتي التي رسمت معالمها والدتي، وخاصة فيما يتعلق بالتعامل مع من حولي.متى تفشل المرأة؟تفشل المرأة إذا تقوقعت على نفسها وجلست تتباكى على الماضي، لذلك لا يجب الالتفات إلى الوراء، فهناك الكثير من السجلات التي يجب غلقها، وعلينا المضي قدما نحو حياة جديدة ننعم فيها بتحقيق طموحاتنا وأحلامنا ومقاومة أي صعوبات أو عثرات، وهذا ما حدث معي عن تجربة شخصية بشكل واقعي.هل تراجع دور الرجل المادي في مجتمعنا؟نعم، تراجع دور الرجل المادي إلى حد ما في مجتمعنا، ولكن المرأة هي من أسهمت في ذلك، لأنها ارتضت لنفسها أن تتحمل الكثير من المسؤوليات التي يجب أن يقوم هو بها، ثم جلست بعد ذلك تشكو، وبصفة عامة أنا مع الشراكة بين الجنسين، ولكن بأسلوب اختياري وليس إجباري، فالمرأة لا بد لها من تحقيق الذمة المالية الخاصة بها، وأن ترتضي التقاسم مع زوجها في المسؤوليات بمحض إرادتها، وهذا ما ينادي به ديننا الحنيف.وما هو طموحك الآن؟أنا دائما لا أتوقف عن تطوير الذات، سواء على الصعيد العملي أو العلمي، لذلك أعكف حاليا على دراسة استراتيجية التسويق في البحرين، وكل ما يتعلق بهذا المجال، إضافة إلى الإلمام بقانون العمل لمعرفة ما لي وما علي، وللوقوف على أهم التطورات والتشريعات الخاصة بكل طرف في منظومة العمل، كما أخطط للتوسع في مشروعي وذلك من خلال فتح فرع آخر جديد له في أحد المجمعات التجارية بالبحرين، وأتمنى تحقيق هذه الطموحات على المدى القريب. 

مشاركة :