وداعاً يا أمير الإنسانية

  • 10/3/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في التاسع والعشرين من سبتمبر 2020، فجعنا نحن عرب الخليج العربي، ويشاركنا في ذلك كافة العرب على امتداد العالم العربي، والبشرية جمعاء بوفاة رائد الخير والإنسانية المغفور له الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، الذي وافته المنية، وهو في رحلة علاج في الخارج، وهذا مصاب جلل فطرت له قلوب أهل الكويت ومعهم كافة إخوانهم في دول الخليج العربي، ونحن إذ نعزي أنفسنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أو نتقدم بأحر التعازي القلبية الصادقة إلى أسرة آل الصباح الكريمة وأهل الكويت حكومة وشعباً متمنين للفقيد الغالي الرحمة والمغفرة وسكنى جنات الخلد، ولآله وذويه وللشعب الكويتي الشقيق الصبر والسلوان. المغفور له الشيخ صباح الأحمد طيَّب الله ثراه لم يكن بالشخصية العادية، التي تمر وفاتها دون أن يكون لذلك تأثيره على الأمور السياسية للخليج العربي، فقد كان رحمه الله شخصية لا تجارى في الجمع بين الأشقاء وتأليف قلوبهم وزرع روح الألفة والتضامن والتعاون والمودة بينهم على الصعيدين الخليجي والعربي، وهو صاحب الأيادي البيضاء والكريمة على العديد من المواطنين العرب في شتى أنحاء العالم العربي، وهو فارس من فرسان السياسة الخارجية من خلال عمله الممتد والمثمر كوزير للخارجية في حكومة دولة الكويت الشقيقة، حيث يعتبر من خلال ذلك أبو الدبلوماسية الخليجية الناجحة على امتداد سنوات طويلة زادت على النصف قرن تقريباً، قبل أن يتولى مقاليد الحكم في الكويت. وهذه جميعاً أمور ومجالات خبرة سياسية وديبلوماسية أعطت الراحل رحمه الله ثقلاً ووزناً جعلت جميع شعوب دول الخليج العربي والدول العربية والإنسانية جمعاء تكن له حباً خاصاً واحتراماً واسعاً. نحن في الإمارات نتذكر جيداً دور الديبلوماسية الكويتية الرائد، التي كان يقودها المغفور له كوزير للخارجية عندما كانت المشاورات والمباحثات قائمة على قدم وساق لتأسيس الدولة الاتحادية، مثلما نتذكر العديد من مواقف الكويت الخيّرة تجاه الإمارات قبل قيام الاتحاد، والتي كانت جهود المغفور له في ذلك جزء لا يتجزأ من العملية الشاملة التي أرسى لها المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، واستمرت دون انقطاع إلى أن قامت الدولة الاتحادية الحالية. وكان جميع ذلك نابع من روابط القربى الوثيقة وأواصر التاريخ والمصير المشترك الذي آمنت به الكويت أسرة حاكمة وحكومة وشعباً، تجاه إخوانهم العرب الخليجيين وكافة أنحاء العالم العربي، والتي عمل المرحوم الشيخ صباح الأحمد الجابر طيب الله ثراه على ترسيمها، طوال الوقت من خلال وجوده القيادي في السلطة الحكومية لدولة الكويت، خاصة كوزير للخارجية ثم بعد ذلك أمير للدولة. من المعروف جداً عن دولة الكويت بشكل عام حبها ودعمها للخليجيين وللعرب منذ مراحل مبكرة تعود إلىِ منتصف القرن العشرين وما قبل ذلك، لكن المغفور له، كان أشد الكويتيين حباً وعطفاً وكرماً تجاه جميع العرب، ولكاتبكم موقف وتجربة خاصة في هذا السياق كنت قد سطّرتها في مقال كتبته للتو تحت عنوان «وسام مستحق لشخصية فذة»، لكن الخبر الأليم لوفاة المرحوم طيب الله ثراه اضطرني إلى تأجيل نشره. والمهم في هذا المقام هو الإشارة إلى أن يد المرحوم الخيّرة، كانت قد امتدت إلى الخليجيين والعرب أجمعين على الصعد كافة، بدءاً بتعاطفه الروحي والوجداني مع قضاياهم وحاجاتهم الملحّة، مروراً بالجوانب الثقافية والارتباطات المصيرية والاقتصادية وانتهاءً بالقضايا السياسية والاستراتيجية والأمنية. وهنا أدعوكم جميعاً بالترحم على روح فقيد الخليجيين والعرب والتضرع إلى البارئ عز وجل أن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وخير عباده الصالحين إنه سميع مجيب، رحمك الله يا أبا ناصر رحمة واسعة، فنحن سنفتقدك كثيراً في الإمارات وغيرها من دول العالم العربي، وإنا لله وإنا إليه راجعون. *كاتب إماراتي

مشاركة :