من المرجح أن يتطلب تحول العالم نحو تبني الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية، كميات غير مسبوقة من النحاس، يتم الحصول عليها عبر عمليات تعدين جديدة، ربما تضر بالنظام البيئي والفصائل المعرضة للخطر. وقفز الاستخدام العالمي للنحاس، بنسبة قدرها 38% على مدى العقد الماضي، من واقع 17.8 مليون طن متري في 2009، إلى 24.5 مليون في 2019، مدفوعاً وبقدر كبير بالطلب من قبل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. ومن المتوقع، زيادة الحاجة العالمية للنحاس بنسبة تقدر بنحو 350% بحلول 2050، مع تقلص الاحتياطي الحالي في الفترة بين 2025 إلى 2045، في وقت تزيد فيه حصة الطاقة الشمسية والرياح، في توليد الكهرباء، وتوجه معظم الناس لاقتناء السيارات التي تعمل بالكهرباء بدلاً من التقليدية، بحسب موقع أويل برايس. وفي الآونة الأخيرة، ارتفع سعر النحاس لنحو 6.8 ألف دولار للطن، بعد الزيادة في الطلب الصيني، الذي أدى لانخفاض المخزون لأدنى مستوى له منذ 10 سنوات، وهو ما يرجح الدفع بعجلة الزيادة في الأسعار. ويتطلب توليد واحد جيجا واط من الكهرباء بطاقة الرياح، استهلاك نحو 2 ألف طن من النحاس، بينما تحتاج الشمسية لنحو 5 آلاف طن، الكمية التي تزيد بعدة مرات عن الوقود الأحفوري والطاقة النووية، بحسب سيفر وانج، محلل المناخ والطاقة في معهد بريكثرو لأبحاث البيئة في كاليفورنيا. وتقدر كمية النحاس التي تدخل في تصنيع السيارة الكهربائية، بين 40 إلى 83 كيلو جراماً، بينما لا تزيد هذه الكمية عن 23 كيلو جراماً فقط في السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، وفقاً لبحث أجرته رابطة النحاس الدولية. وعلى سبيل المثال، ربما يتم استغلال إنتاج منجم بيبل في ولاية ألاسكا، واحد من أكبر احتياطات النحاس في العالم، من قبل قطاع الطاقة النظيفة، لكن من المتوقع أن يصحب ذلك، تكاليف بيئية باهظة، كما يتطلب تطوير المنجم، حفر أكبر منجم مفتوح في تاريخ أميركا الشمالية على الإطلاق، مع تهديد أهم مصايد أسماك السالمون في العالم، وفقاً لوكالة حماية البيئة، وعطلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الموافقة النهائية على قيام هذا المشروع في الوقت الحالي. وفي الوقت الذي يصعب فيه الجزم بمصير منجم بيبل، من المؤكد أن يشكل الطلب الأميركي والعالمي للطاقة النظيفة والمتجددة والسيارات الكهربائية والبنية التحتية لشبكة الكهرباء التي تدعم ذلك، محركات هامة من أجل تطوير منتجين جدد للنحاس. ويعتبر النحاس واحداً من ضمن عدد من المعادن المطلوبة لتقنيات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة وللسيارات الكهربائية، والتي تشكل في مجملها مخاطر بيئية ومناخية كبيرة، ومن بين المعادن الأخرى، الكوبالت والليثيوم والموليبدينوم. ويرى بعض الخبراء أن فوائد الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة، تتجاوز تكلفة الحصول على المواد المطلوبة لإنتاج هذه الطاقة، طالما يتم الالتزام باتباع أفضل ممارسات التعدين وتحسين معدلات إعادة التدوير.
مشاركة :