أكملت السلطات المصرية استعداداتها الرسمية لحفل يُقام غداً بمناسبة افتتاح توسعات على المجرى الملاحي لقناة السويس، تعرف إعلامياً بـ «قناة السويس الجديدة»، فيما سيمثل الحضور العربي والدولي المتوقع تعزيزاً لدور مصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي. وأعلنت السلطات المصرية أنها تلقت إخطاراً بوصول نحو 800 مسؤول دولي يمثلون نحو 121 دولة، بينهم 29 رئيساً وأميراً وملكاً. ويشارك في الحفل قادة وزعماء من دول كثيرة، على رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والروسي فلاديمير بوتين، والفلسطيني محمود عباس، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، فيما ستمثل وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، بلدها في الحفل. كما هنأ سفير المملكة العربية السعودية في القاهرة، السفير أحمد القطان، الرئيس السيسي والشعب المصري لهذه المناسبة، مشدداً على استمرار وقوف المملكة ودعمها مصر. وأضاف القطان أن الإنجاز الذي تم تنفيذه يؤكد إصرار المصريين على النهوض ببلدهم ويفتح آفاقاً من التعاون الاقتصادي بين مصر وسائر دول العالم العربي، موضحاً أن السيسي وفَّى بوعده بحفر قناة السويس الجديدة في عام واحد، وأن حلم المصريين تحقق ببناء هذا الصرح العالمي في وقت قياسي، وهو أمر ليس غريباً على إرادة الشعب المصري الذي طالما واجه العديد من التحديات وتغلب عليها، وقدم التهنئة لمصر حكومة وشعباً على هذا الإنجاز. وأوضح وزير الطيران المدني، حسام كمال، أن مطار القاهرة الدولي يشهد تكثيفاً لوصول الضيوف، حيث وصلت أمس الوفود المشاركة من إثيوبيا وسنغافورة والولايات المتحدة وإنكلترا وتايلاند ولبنان والإمارات وألمانيا. وكان الديوان الملكي في البحرين، أعلن أمس، أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى سيغادر اليوم المنامة، متوجهاً إلى مصر للمشاركة في الحفل تلبية لدعوة الرئيس السيسي، فيما وصل أمس الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي غضون ذلك، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس أن إيرادات قناة السويس سجلت نحو 47 بليون دولار خلال السنوات العشر الأخيرة، مشيراً إلى أن إيرادات قناة السويس سجلت أعلى مستوياتها خلال عام 2009-2010 لتبلغ 5.5 بليون دولار، فيما سجلت أدنى مستوياتها في عام 2004-2005 بنحو 3.3 بليون دولار، موضحاً أن إجمالي عدد السفن العابرة لقناة السويس بلغ نحو 182 ألف خلال الفترة من العام 2004-2005 وحتى العام 2013-2014. وتتوقع هيئة قناة السويس زيادة إيرادات أهم ممر ملاحي عالمي بعد افتتاح القناة الجديدة إلى 13.2 بليون دولار في عام 2023. وعلى صعيد الاستعدادات الأمنية، تفقد وزير الدفاع المصري صدقي صبحي، الاستعدادات النهائية لتنظيم وتأمين الافتتاح، حيث استمع في بداية جولته لشرح من رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش، تناول إجراءات تنظيم الاحتفالية وتأمين تدفق ووصول الوفود الدولية والشخصيات المشاركة، كما قام بالمرور على المناطق التي تشهد أنشطة وفعاليات الاحتفالية والمناطق الإدارية التي تم تجهيزها لاستقبال الضيوف ونقاط المشاهدة الخاصة بالمدعويين لحضور الاحتفالية، حيث أثني على مستوى الاستعداد والجاهزية العالية لقوات الجيش، مطالباً إياهم باليقظة الكاملة والتصدي بكل قوة وحسم لأي محاولة تستهدف الوطن أو المساس بشعبه. وأكد أن رجال الجيش «قادرون على تأمين إرادة الوطن ومقدرات شعبه»، ورأى أن القناة الجديدة «تمثل قيمة تاريخية وحضارية فريدة تؤكد قدرة المصريين على مجابهة التحديات وتحقيق الإنجازات والمضي قدماً نحو بناء الدولة المصرية الحديثة، واستعادة مصر لقيمتها ومكانتها المؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي». كما تفقد وزير الداخلية المصري مجدي عبدالغفار أمس المواقع الأمنية في محافظة الإسماعيلية ومنصة الاحتفال، مؤكداً أن رجال الشرطة «قادرون على حماية الوطن والخروج بالحفل إلى بر الأمان»، وشدد الوزير على قوات الأمن «ضرورة زيادة الارتكازات الأمنية في شكل كبير، وضرورة الانتشار الأمني الجيد والتواجد الميداني للقيادات الأمنية. وقدمت المؤسسة العسكرية المصرية التهنئة للشعب المصري وللعالم أجمع لمناسبة قرب افتتاح القناة الجديدة «التي عكست إرادة المصريين القوية وعزيمتهم الصلبة في تحقيق الإنجازات... والتي تقدم للبشرية جمعاء نموذجاً هائلاً لصالح دعم الروابط والعلاقات التجارية بين الدول». كما قدمت الشكر الجزيل إلى «كل السواعد الصلبة والعقول النابهة التي شاركت في إنجاح هذا العمل العملاق الذي سيظل شاهداً على ما يذخر به التاريخ الإنساني عبر آلاف السنين من مساهمة المصريين في إثراء الحياة الحضارية للبشرية كلها». وكان رئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب دشن أول من أمس، طابعاً بريدياً جديداً يحمل شعار قناة السويس الجديدة، بعد مرور 59 عاماً على إصدار أول طابع بريد عند تأميم قناة السويس. ويحمل الطابع الجديد صورة سفينتين متقابلتين في القناتين القديمة والجديدة وبينهما مفتاح الحياة في مصر القديمة. وأصدر محلب قراراً أمس باعتبار يوم غد يوم عطلة رسمية لجميع المصالح الحكومية، لافتاً إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة «يمثل حافزاً لنا جميعاً في كل المشروعات، حيث أثبت المصريون بتنفيذهم القناة الجديدة في عام واحد أنهم يستطيعون إنجاز ما كان يظنه البعض مستحيلاً، ومن ثَمَّ علينا استثمار هذه الروح في دفع المشاريع التنموية والخدمية المختلفة، والعمل ليل نهار من أجل رفعة شأن وطننا». واستمرت القناة بلعب دور رئيسي في التجارة العالمية، وتعتبر طريقاً مهماً لمرور النفط. وفي عام 2013 عبر 4.6 في المئة من النفط والمنتجات النفطية العالمية قناة السويس أو خط أنابيب سوميد الذي يوفر طريقاً بديلة من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لوكالة معلومات الطاقة الأميركية. ولكن في العام 2007، وصلت حركة المرور عبر القناة إلى 7.5 في المئة من التجارة البحرية العالمية، وفقاً لمجلس الشحن العالمي. ويهدف الفرع الجديد الذي يبلغ طوله 72 كيلومتراً إلى خفض فترة انتظار السفن من 18 إلى 11 ساعة، كما يتيح الابحار في الاتجاهين. وبني هذا الفرع في أقل من عام، بتكلفة بلغت نحو تسعة مليارات دولار. وتم تأمين غالبية التمويل من خلال اكتتابات استثمارية من المصريين. وتضمن مشروع الممر المائي الجديد الحفر الجاف لمسافة 37 كلم و35 كلم من أعمال التوسعة والتعميق. وتتيح القناة في الوقت الراهن مرور 49 سفينة يومياً كحد أقصى. وتقول هيئة قناة السويس إن هذا العدد سيتضاعف بحلول العام 2023. ويأمل المسؤولون المصريون أن يؤدي الفرع الجديد عند تضاعف طاقة الملاحة اليومية في القناة إلى زيادة إيراداتها السنوية من 5.3 مليار دولار في المتوسط حالياً إلى نحو 13.2 مليار دولار بحلول العام 2023. ومع ذلك، يقول الخبراء إنه ليس واضحاً حتى الآن ما هو التأثير الذي سيعكسه ادخال التحسينات على الممر المائي على التجارة العالمية.
مشاركة :