ركود الاقتصاد يتسبب في تراجع العائدات الجبائية للمغرب | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب

  • 10/5/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تسبب الركود الاقتصادي بالتزامن مع موجة ثانية من الوباء في المغرب في تراجع قيمة العائدات الجبائية نظرا للشلل الذي أصاب مختلف الشركات والقطاعات التجارية إلى جانب استفحال النشاط غير المهيكل. الرباط - تراجعت قيمة المداخيل الجبائية والعوائد الضريبية في المغرب مدفوعة بشلل الاقتصاد وصعوبة استيعاب الاقتصاد الموازي في النشاط الرسمي الأمر الذي ضاعف التحديات أمام الحكومة. وحسب أحدث البيانات سجلت المداخيل الجبائية الرئيسية للدولة المغربية منحى تنازليا، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، (هيئة دستورية) حول تنفيذ ميزانية الدولة لعام 2019، خصوصا على مستوى الضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل. وأشار المجلس الأعلى للحسابات، أن النظام الضريبي يعاني من عديد التجاوزات أبرزها التهرب الضريبي والتلاعب بالتصريح على النتائج الجبائية إلى جانب استفحال النشاط الموازي الذي ينتعش خارج الإطار الرسمي. من جهته أفاد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون، في عرض أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول تنفيذ ميزانية سنة 2020 ومشروع قانون المالية لسنة 2021 والبرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات القادمة، أنه سجل انخفاضا على مستوى المداخيل الجبائية في أغسطس الماضي بنحو 11.5 مليار درهم، أي 8.3 في المئة مقارنة مع سنة 2019. وصنفت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، المغرب في تقريرها السنوي حول إحصاءات الإيرادات العامة بأفريقيا، في المرتبة الرابعة من بين البلدان التي لديها أعلى معدلات الضغط الضريبي (27.6 في المئة، بما في ذلك التكاليف الاجتماعية). ويحد هذا الوضع من هامش المناورة لدى الإدارة في ما يتعلق بمراجعة قواعد النظام الضريبي، وبالتالي مداخيل الضرائب الرئيسية الثلاث وهي الضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة. وتمثل الضريبة على القيمة المضافة أبرز ضريبة مدرة للموارد للدولة، حيث تصل حصتها 39 في المئة من الموارد الضريبية، تليها الضريبة على الشركات بنسبة 20 في المئة، ثم الضريبة على الدخل بنسبة 17 في المئة، مما يمثل تركيزا ضريبيا كبيرا. وأشار وزير الاقتصاد والمالية، أن الضرائب الأخرى سجلت بدورها انخفاضا حيث إن الضريبة على الدخل تراجعت بنحو 216 مليون دولار والضريبة على القيمة المضافة بحوالي، 399 مليون دولار والضريبة على الاستهلاك بنحو 270 مليون دولار لافتا إلى أن المداخيل غير الجبائية انخفضت بحوالي 248 مليون دولار. ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات أن إيرادات الضرائب المحققة سنة 2019 كانت أدنى من التوقعات التي وضعتها الحكومة ضمن قانون المالية بفارق ناهز 8 مليارات درهم؛ وهو أعلى مستوى وصله في العقد الأخير. وكانت الموارد الجبائية تُغطي نفقات سنة 1990 بحوالي 85 في المئة، وانخفضت لتغطي فقط 64 في المئة، أي حوالي 229 مليار درهم كموارد مقابل 356 مليار درهم كنفقات. وفي هذا الصدد أوضح نجيب أقصبي، أستاذ الاقتصاد بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، أن مؤشر الاكتفاء الذاتي الجبائي للمغرب تراجع من 85 في المئة سنة 1990 إلى حوالي 64 في المئة سنة 2019، ما يعني أن الموارد الجبائية لا تغطي نفقات الدولة. ونظرا إلى العجز الهيكلي للنظام الضريبي، تلجأ الدولة إلى الاستدانة بشكل مستمر، حيث تستدين سنويا عشرات المليارات، وقد وصل هذا الرقم إلى 76 مليار درهم بالنسبة إلى سنة 2019، بعدما كان في حدود 37 مليار درهم سنة 2011. وتمثل الضرائب المباشرة الحصة الأكبر من مجموع الموارد الضريبية بحوالي 95.7 مليار درهم، تليها الضرائب غير المباشرة بـ91 مليار درهم، تليها رسوم التسجيل بنحو 15.1 مليار درهم، و9.7 مليار درهم كرسوم جمركية. وتابع المجلس الأعلى للحسابات، أن الإدارة تواصل جهودها على مستوى الإدماج التدريجي لجميع الأشخاص الخاضعين للضريبة، في قاعدة دافعي الضرائب، وذلك من أجل تعزيز العدالة الضريبية، وتنصب هذه الجهود أساسا حسب التقرير، حول المهن الحرة وتجار الجملة وبعض الفاعلين في الاقتصاد غير المهيكل. وتساءل تقرير المركز المغربي للظرفية، عن مساهمة الضريبة على القيمة المضافة في النمو، مشيرا إلى أن التدابير الحكومية تبحث بالكاد على تحقيق التوازن بين نظام ضريبي متلائم لدعم النمو وتشجيع الاستثمار وتحمل المخاطر، ونظام ضريبي لإنعاش موارد الدولة، لكن يصعب ذلك في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد المغربي باضطرابات دورية بسبب الظروف المناخية والتباطؤ في الاقتصاد العالمي. وتؤكد دراسة اقتصادية، أنجزها نجيب أقصبي، أستاذ الاقتصاد بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، أن هناك حاجة ملحة لإصلاح النظام الضريبي لعدة أسباب، أولها كون ميزانية الدولة تعيش عجزا حقيقيا مقلقا، إضافة إلى لجوء مفرط إلى المديونية، مما يجعل هوامش التحرك في إطار قوانين المالية تتقلص مع مرور السنوات. وعليه يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إرساء نظام جبائي جديد مندمج ومنسجم كل الانسجام مع السياسات العمومية الأخرى، وذلك من أجل خلق القيمة المضافة الوطنية وتوفير فرص الشغل اللائق وضمان الإدماج الاجتماعي وإضفاء الوضوح على المنظومة ككل، ويتناول الاقتطاعات الضريبية والاقتطاعات الاجتماعية في شموليتها ويراعي مستلزماتهما المتعلقة بإعادة التوزيع والتضامن. وفي هذا الإطار أسفرت المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات التي نُظمت في مايو من سنة 2019، عن عدد من التوصيات، منها الحث على إصلاح النظام الجبائي المطبق على الممتلكات من أجل مزيد من العدالة الاجتماعية والعقلنة الاقتصادية، ووضع سياسة شاملة ومندمجة من أجل إدماج القطاع غير المهيكل ومراجعة أسعار الضريبة على القيمة المضافة، وتكريس مبدأ تصاعدية الضريبة والحرص على التوزيع العادل للعبء الضريبي حسب القدرات الحقيقية.

مشاركة :