أكد المستشار محمد عبد السلام الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، أهمية العمل من أجل تحويل وثيقة الأخوة الإنسانية إلى واقع يعيشه الناس، من خلال المبادرات الواقعية والطموحة التي تعمل عليها، وتحظى دائماً بدعم مخلص وصادق من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي تعهد بالعمل على تفعيل مبادئ الوثيقة العالمية للأخوة الإنسانية، لينعم بنتائجها كل إنسان على وجه هذه الأرض، مهما كان دينه أو جنسه أو عرقه. جاء ذلك خلال مشاركة الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، بدعوة من البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في حفل تدشين الرسالة البابوية الجديدة للبابا فرنسيس «كلنا إخوة» التي وقعها البابا فرنسيس، أمس الأول، بمدينة أسيزي بوسط إيطاليا، كأول مسلم يشارك في تدشين رسالة بابوية، وذلك بحضور عددٍ من القيادات الدينية وممثلي الإعلام الدولي، حيث تأتي هذه الرسالة في مبادئها امتداداً لـ «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، في أبوظبي مطلع شهر فبراير 2019م. وقال المستشار عبد السلام، إن البابا فرنسيس كتب بقلمه الشجاع هذه الرسالة ليسجل بكلماته الصريحة مآسي المستضعفين والمرهقين والبائسين، وليكتب بهذه الرسالة وصفة الدواء لهذا المرض العضال الذي أعطب حضارتنا المعاصرة، وأن هذه الرسالة الحبرية «رسالة الأخوة والصداقة الاجتماعية» قد عكست -بين سطورها- الكثير من كمال الذوق، ودقة الشعور، والقدرة على التعبير عن قضايا الأخوة الإنسانية، بصورة تخاطب العالم كله، فهي نداءُ وفاقٍ لعالم غير متوافق، وهي قوية وجريئة، ورسالة صريحة إلى التوافق الفردي والجماعي مع نواميس الكون والعالم والحياة وسننها وقوانينها. وأعرب عن اتفاقه مع رسالة البابا بكل حب وحماسة لبعث الأخوة الإنسانية من جديد، وذلك لكونه شاباً مسلماً دارساً لشريعة الإسلام وعلومها، وكان شاهداً على معظم محطات مسيرة الأخوة الإنسانية في العقد الأخير بين البابا والإمام، مضيفاً: «لقد كنت في غاية التأثر وأنا أقرأ لقداسة البابا موقفه الصلب لما يمكن أن يسمى (نهاية الوعي بالتاريخ) بما يحمله هذه المفهوم من اختراق ثقافي خطير قائم على تفكيك الموروث الثقافي، وخلق أجيال تحتقر تراثها وتاريخها بكل ما يحمله من ثراء روحي، كما توقفت طويلاً عند ملف (حقوق الإنسان) الذي كشف في ثناياه عن الأشكال الجديدة من ظلم الإنسان واستغلاله، وقهر المرأة، واعتبر أن الاضطهاد لأسباب دينية وعرقية وغيرهما من الانتهاكات ضد الكرامة الإنسانية- هي ملامح من حرب عالمية ثالثة». وأكد المستشار عبد السلام أن الرسالة العظيمة للبابا مع شقيقتها «وثيقة الأخوة الإنسانية» ستحركان عجلة التاريخ التي توقفت في محطة هذا النظام العالمي الراسخ في اللامعقول، مصرحاً بأن اللجنة العليا للأخوة الإنسانية تدرس إقامة منتدى لمائة شاب من حول العالم، وعقد أيام دراسية، بعضها هنا في روما، والبعض الآخر بين أبوظبي، بلد إعلان وثيقة الأخوة الإنسانية، ومصر بلد الأزهر الشريف، حول هذه الرسالة، يعكفون خلالها على التأمل والدراسة والنقاش الحر المعمق، وسيكون هذا نوعاً من النزول بالرسالة إلى شريحة الشباب من مختلف الأديان والأجناس، لعلها تكون خطوة على الطريق الصحيح، نحو أخوة إنسانية عالمية. وشدد عبد السلام على أن العالم يعيش فترة فاصلة من تاريخ البشرية: «نقف في مفترق الطريق بين أخوة جامعة تسعد بها الإنسانية، أو شقاوة بالغة تزيد من آلام الناس وبؤسهم»، وأن الأخوة الجامعة ضرورة حتمية للعالم كله ولا مِحيصَ عنها، لأنها ستكون صياغة جديدة من أجل حضارة متوازنة سعيدة، يكون جوهرها الإنسان مهما كان لونه أو جنسه أو لغته أو دينه، وأن طريق الأخوة طريق قديم جديد متجدد، تظلله القيم الروحية والأخلاقية، ويحكمه التوازن والتناغم بين العلم والإيمان، داعياً إلى توحيد طاقات البشر الإيمانية لمواجهة التمييز والعنصرية والكراهية، وفي الوقت ذاته نعمل على تأصيل الذات العقدية، وتعميق ملامحها المستقلة، وحمايتها من التفكك والذوبان، وهذا منهج راسخ لكل متدين مخلص. واختتم الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية بالقول إن جهود الإمام والبابا ونضالهما من أجل تحقيق التعايش الإنساني والأخوة العالمية، والتي توجت بوثيقة الأخوة الإنسانية التي أعلناها سويًّا -في مشهد استثنائي في تاريخنا الحديث- من أبوظبي العام الماضي- مثلت نقطة أمل وتحول في منطقتنا العربية والإسلامية، وشعاع نور يسطع في أرجاء العالم، وها نحن كل يوم نرى الشباب يلتفون حول مبادئ الأخوة والتعايش، ونشاهد الانفتاح غير المسبوق في العلاقة بين أتباع الأديان، بل إن الكثيرين من أصحاب الانغلاق الفكري تجاه الآخر في هذا الدين أو ذاك، بدأوا يراجعون مسارهم الفكري، وباتت «الأخوة الإنسانية» معلماً جديداً من معالم الحق والخير والحرية والإخاء، ولا تذكر إلا ويذكر معها هذين الرمزين الجليلين. الرسالة تطرقت الرسالة البابوية الجديدة إلى العديد من الموضوعات المهمة مثل مخاطر العولمة، والاختراق الثقافي، وحذرت من استعمال مصطلحات مثل الديمقراطية والحرية والعدالة كأداة للسيطرة والهيمنة، وانتقدت التمييز ضد المهاجرين، وأوضح البابا فرنسيس أن من شجعه على كتابة هذه الرسالة هو فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عندما التقى به في أبوظبي لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، ليؤكدا معاً أن الأديان لم تكن أبداً بريداً للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية.
مشاركة :