لأول مرة أعترف بأنني لم أستطع تجميع قواي العقلية والذهنية من أجل كتابة كلمة واحدة أعبر فيها عن صدمة الرحيل وتأثيرها القوي على الحواس الخمس التي فضلنا الله سبحانه وتعالى بها كبشر عن باقي خلقه. نعم كان تأثير الصدمة قويا!! وقويا جدا!!جعلتني أحتاج خمسة أيام لكي ألملم شتات أفكاري وأجمع قواي الفكرية والعقلية لكي أستطيع التعبير بقلمي عما تعانيه نفسيتي من ألم، وعما يعتصر القلب من جراح عميقةً لفراقك (يا شيخ صباح)!!وعندما استرجعت قواي الذهنية، وبعد معاناة من الألم والحزن الشديدين أمسكت قلمي لأبدأ التعبير عما تختزله الذاكرة، والكتابة عن المشاعر الحزينة الجياشة التي استملكت مشاعري وأحاسيسي من قوة صدمة الفراق والوداع لشخصية أجبرت العالم أجمع بدوله وقياداته وشعوبه على احترامها، وعن أي احترام نحن نتكلم؟!إنه احترام (قائد الإنسانية وأميرها)وما إن بدأت في الكتابة خانتني قواي الجسدية المرتعشة من هول الخبر المفجع!! وأي خبر؟!خبر رحيلك المفجع يا (صباح الخير). نعم ارتجفت اليد وسقط القلم عاجزاً عن التعبير عما تكنه النفس، عن الحب الكبير والاحترام لتلك الشخصية المؤثرة في نفوس الشعوب بمختلف فئاتها وتنوع مذاهبها وبجميع طوائفها واختلاف أعمارها وأجيالها، وتعدد مستوياتها الاجتماعية والعلمية والعملية!!نعم إنها شخصية«صباح الأحمد الجابر الصباح» أمير الكويت الراحل.غفر الله له ورحمهوأسكنه فسيح جناته (اللهم آمين). وبعد تمالك الأعصاب وتجميع القوى ولملمة الذهن المحتار في الكتابة، وقف العقل محتاراً فيما يبدأ به عما تختزله النفس في تلك اللحظة التي تنوي الحديث عن هول الفاجعة برحيل تلك الشخصية التي وهبت نفسها وعمرها ووقتها وجهدها لخدمة البشرية والإنسانية في شتى بقاع المعمورة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ليس طلباً للشهرة أو توسيع النفوذ، وإنما إرضاءً للمولى عز وجل، وللضمير الإنساني الذي يختلج تلك الشخصية الفريدة من نوعها على مستوى العالم أجمع!!(هكذا هي شخصية صباح الأحمد الصباح) ولا استغراب في ذلك!!فمن عاش فترة توليه زمام وزارة الخارجية سابقاً ورئاسة مجلس الوزراء وصولاً إلى اعتلاء سلطة الحكم في دولة الكويت الحبيبة، يعي جيداً من هو:صباح الأحمد الجابر الصباح الغائب الحاضر بيننا فيا جماعة الخير،،هل أبدأ الحديث عنصباح الدبلوماسية الحكيمة؟!أم صباح الإنسانية والبشرية؟!أم صباح التواضع الجم؟!أم صباح الأخلاق العالية؟!أم صباح الكرم والجود؟!أم صباح الحكمة والعقلانية؟!أم صباح الصبر وطول البال وسعة الصدر؟!أم صباح لمة الشمل ونبذ التفرقة؟!أفيدوني أفادكم الله..عن أي صباح أبدأ؟؟!!فعلاً احترت واحتار البال معي..وأخيراً اقتنعت بأنني مهما كتبت ومهما خطيت من كلمات وجمل وعبارات.. فإنني لم ولن أستطيع إعطاء ولو ذرة أو قطرة في بحر لأوفي حق شخصية (صباح الأحمد) النادرة في الوجود. فكل ذلك لم ولن يوفي شخصية أمير الإنسانية الفذة..وأدركت بعد ذلك أنني أحتاج إلى مجلدات وإصدارات وشهور وسنين لكي أفي تلك الشخصية القليل والقليل جدا من حقها على ما بذلته من جهد وعمل ومال وكرم في سبيل الإنسانية والبشرية جمعاء. عندما يقف العالم أجمع صمتا وحزنا وعندما تقف شعوب تعتصر ألماً وعندما تنزف عيون الإنسانية دموعاً، وعندما تتألم قلوب الناس بجميع ألوانهم ودياناتهم وأعراقهم ومذاهبهم.. تأثراً على فراق ورحيل سمو الأمير والد الجميع صباح الأحمد الجابر الصباح.. عندها لا بد أن تعلم أنك أمام توديع شخصية عظيمة ومؤثرة لن يجود الزمان بها لاحقاً.. ولن تتكرر بسهولة.. وستبقى راسخة طوال السنين والأزمان القادمة في أذهان البشرية والإنسانية جمعاء.. ولا غرابةً في ذلك!!وعلينا أن نتقبل غياب (صباح الخير)مع كل مساء وصباح. واللهم لا اعتراض. نعم.. هذه شخصية هي شخصية الأمير الوالد الذي رحل بدون موعد وترك لنا ألماً كبيراً وجرحاً عميقاً لن يلتئم بسهولة مهما طالت أعمار أو قصرت. فوداعاً (يا صباح) العز والفخر والعروبة والشهامة،،ووداعاً (يا صباح) السند والذخر والمواقف الحكيمة،، وإلى جنة الخلد والفردوس الأعلى بإذن الواحد الأحد المولى جل شأنه. وختاماً، لا نملك إلا أن نرفع كفوفنا نحو السماء داعين متضرعين إلى الله سبحانه وتعالى: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ».وختاماً، نعرب عن خالص العزاء والمواساة لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حفظه الله ورعاه ورئيس وأعضاء مجلس الأمة الكويتي وللحكومة الرشيدة وللشعب الكويتي الشقيق في وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، راجين من المولى العزيز القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم الأسرة الكريمة والشعب الكويتي الشقيق الصبر والسلوان. mohamed.j.alalaiwi@gmail.com
مشاركة :