أديس أبابا - أثارت خطوة هيئة الطيران المدني الإثيوبية بحظر الطيران فوق سد النهضة لاعتبارات قالت إنها “أمنية” تساؤلات حول ما إذا كانت بالفعل هناك تهديدات عسكرية بضرب السد. ويثير سد النهضة خلافات بين إثيوبيا من جهة ودولتي المصب مصر والسودان من جهة ثانية، وانخرطت الأطراف الثلاثة في محادثات على مدار سنوات للتوصل إلى تسوية بيد أنها ظلت تدور في حلقة مفرغة، وسط اتهام القاهرة لأديس أبابا باتخاذ تلك المباحثات ذريعة للمناورة وربح الوقت لحين الانتهاء من بناء السد وتشغيله. وأعلن رئيس هيئة الطيران المدني وسينيله هونيجناو الاثنين “لقد تم حظر مرور جميع رحلات الطيران لتأمين السد”. ورفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن أسباب الحظر، وذلك في الوقت الذي تعهدت فيه رئيسة إثيوبيا سهلورق زودي بأن يبدأ السد في توليد الكهرباء خلال الاثني عشر شهرا المقبلة. وقالت زودي في كلمة أمام البرلمان في وقت لاحق إن “هذا العام سيكون العام الذي يبدأ فيه سد النهضة الإثيوبي العظيم في توليد الكهرباء من توربينين”. وأضافت أن العمل يجري للقيام بثاني عملية ملء للسد خلال الاثني عشر شهرا المقبلة. واعتبر اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، أن الحكومة الإثيوبية تسعى لاستثارة الرأي العام المحلي للتغطية على المشاكل الداخلية التي تواجهها عبر وقف حركة الطيران فوق سد النهضة وإظهار الدولة في موقف التي تتعرض للتهديد. وأضاف لـ”العرب” أن الخطوة لا تخلو أيضا من مخاطبة الرأي العام العالمي بالرسالة ذاتها خاصة أنه سبق وزعمت أديس أبابا أن مصر تهدد باستخدام القوة رغم تأكيد القاهرة مرارا على تبنيها الحلول السلمية. وأشار إلى أن إثيوبيا تلوح بالأسلوب العسكري كثيرا وسبق لها استخدام ذلك عمليا عبر التحرش بالجانب السوداني وتحريك عناصر من الجيش الإثيوبي داخل الحدود السودانية أو إثارة اشتباكات على الحدود لمحاولة إظهار الخرطوم أمام الإثيوبيين على أنها خصم أيضا. وأعلنت أديس أبابا في يوليو أنها أنجزت عامها الأول من ملء السد بفضل سقوط المطر في المنطقة. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي إن بلاده “ليست لديها نية” الإضرار بالسودان ومصر بهذا السد وذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مخاوفه من هذا المشروع. وأعلن الميجر جنرال يلما ميرداسا قائد القوات الجوية الأسبوع الماضي أن بلاده مستعدة تماما للدفاع عن السد من أي هجوم. ورأت الخبيرة في الشؤون الأفريقية هلة البشبيشي أن التحركات التي اتخذتها الحكومة الإثيوبية مرتبطة بوجود تهديدات داخلية في المقام الأول، فولاية رئيس الوزراء أبي أحمد انتهت اعتبارا من سبتمبر وترى المعارضة أن تأجيل الانتخابات متعمد لإطالة أمد حكمه. وأشارت إلى أن سد النهضة يمثل المشروع الذي يحشد به أبي أحمد الجماهير الداخلية، وبالتالي يمثل أهم مشروع سياسي بالنسبة له، ويدافع عنه بقوة من إمكانية تعرضه للتخريب أو أعمال انتقامية، في ظل احتقانات تعم مناطق عديدة، وإمكانية تجدد الاشتباكات بين قوميات مختلفة. ويعد السد محور جهود إثيوبيا كي تصبح أكبر مصدر للكهرباء في أفريقيا. ويقع على بعد 15 كيلومترا من الحدود مع السودان على النيل الأزرق أحد أفرع نهر النيل الذي يمد المصريين البالغ عددهم نحو مئة مليون نسمة بتسعين في المئة من احتياجاتهم من المياه العذبة.
مشاركة :