الأميركيون السود عبيد للفقر في “الجنوب العميق” | | صحيفة العرب

  • 10/4/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

فاييت (الولايات المتحدة) – مازالت آثار العبودية واضحة في مقاطعة جيفرسون الريفية جنوب الولايات المتحدة، أين يمثل السود 85 بالمئة من إجمالي السكان، وهو أعلى معدل سكان سود في المقاطعة التي تعتبر من بين الأفقر في الولايات المتحدة، إذ بالكاد يتعدى معدل دخل الأسر 20 ألف دولار في العام، أي ثلث المعدل الوطني. وفرض النقاش حول العنصرية كموضوع محوري في حملة الانتخابات الرئاسية، عقب سلسلة أعمال عنف أمني كان ضحيتها مواطنون سود، لكن على عكس الصخب الذي أثاره في المدن الكبرى، يأخذ الأمر شكلا خاصا هنا. يقول بورس والتون رئيس مجلس نواب مقاطعة جيفرسون “نعرف أن العنصرية موجودة، لكننا لا نشعر بها فعليا لأننا في منطقة بها أغلبية من السود”. ويضيف “لا نشعر كثيرا بأثره، إلاّ على المستوى الاقتصادي”. يشعر هذا الجيب الديموقراطي في ولاية جمهورية، لم يصوت سوى 12 بالمئة من السكان لدونالد ترامب عام 2016، بأنه مهمل. ويقول والتون “لا نتلقى إلا قليلا من الدعم الفدرالي ومن الولاية”. ومع تراجع الزراعة منذ عقود وعدم استبدالها بأي صناعات، باستثناء مصنع خشب. يواجه أغلب السكان تحديات قطع مسافة ساعة ونصف إلى جاسكون، أكبر مدن الولاية، أو حتى لويزيانا على الضفة المقابلة لنهر الميسيسيبي، لإيجاد عمل. تمثال تخليدا لذكرى الجنود الكونفدراليين أثناء جمعها علبا حديدية تأمل في بيعها مقابل خمسين سنتيما للكيلوغرام، تقول كاتينا هاوكينز (61 عاما) التي تعيش بفضل قسائم الطعام الحكومية، “ليس لدي عمل، ولا مال، ليس لدي أي شيء”. لا تمكّنها هذه المبالغ الزهيدة من زيارة ابنها المسجون في الطرف الآخر من البلد. ونتيجة غرقها في مشاكلها الخاصة، لم تجد المرأة وقتا لتهتم باقتراع 3 نوفمبر القادم، لكنها تشدّد “سأصوت، أنا مواطنة أميركية”. وحرم الأميركيون من أصل إفريقي فترة طويلة من حق التصويت في “الجنوب العميق” نتيجة قوانين تمييزية وضع حد لها في الستينات نتيجة النضال من أجل الحقوق المدنية. شارك روزفلت كرويل (70 عاما) في هذا النضال خلال شبابه. ويأسف اليوم لأن التقدم السياسي لم تتبعه تطورات على المستوى الاقتصادي. يقع قرب منزله حقل قطن كبير، بدأت زهوره تتفتح. وعلى غرار بقية المزارع الكبرى، تملك الحقل عائلة بيضاء. يقول كرويل في هذا الصدد “يصعب على السود العمل في زراعات كبرى لأننا لا نملك مجالا كافيا ولا الآلات والأموال الضرورية لشراء الأسمدة والبذور”. وتقول جيسيكا كراوفورد من منظمة “أركيولوجيكول كونسرفنسي” (الحفظ الأثري) التي تعمل على كشف بقايا جثث العبيد الذين احتجزوا في مزارع في المقاطعة، “ليس من السهل أبدا أن يملك أميركيون من أصل إفريقي أراضي”. وحرر العبيد عقب هزيمة ولايات الجنوب في الحرب الأهلية عام 1865، لكن أبقاهم ملاكهم السابقون في الفقر عبر نظام تأجير أراض استغلالي، وفق ما تشير الباحثة الأثرية. وعندما صارت الزراعة أقل مردودية، غادر السكان البيض، وتركوا السكان الأفقر ليواجهوا مصيرهم. وتوضح كراوفورد أن “نظام العبودية لم يختف فعليا، لقد تطور وتغير لكنه لا يزال واضحا جدا اليوم”. في واقع الأمر لا يزال يوجد تمثال يخلد ذكرى الجنود الكونفدراليين أمام محكمة فاييت، وقد نظم شباب تظاهرة تطالب بإزالته. يقول بروس والتون الذي تحرك مجلسه لإزالة المعلم إن “ما حصل رائع”. سير إلى الخلف حقول يسيطر عليها البيض حقول يسيطر عليها البيض لا يريد النائب الديموقراطي المحلي “العيش في الماضي” ويشدد على أهمية “المضي قدما”. لكنه يرى أن الأمور “تسير إلى الخلف”، خصوصا منذ ظهور فايروس كورونا المستجد. ولا تعيش المقاطعة وضعا صحيا سيئا، في ظل تفشي فايروس كورونا فلم تتجاوز الإصابات فيها الـ250 إصابة، ويبرر النائب المحلي كيري بري ذلك بعدم وجود مكاتب وشركات، ويعلق ساخرا “كنا نطبق التباعد الجسدي أصلا”. لكن تزايدت البطالة، وحرم إغلاق المدارس كثيرا من التلاميذ الفقراء من وجبات الغداء. تقول آني مور الموظفة في مركز طبي محلي “كنا نوزع نحو 50 حزمة مساعدة غذائية يوميا قبل الجائحة، وصرنا نوزع 200”. ونتيجة الحجر، فقدت جيني بيمر وظيفتها في مجال الطاقة النووية. وتحصل مذاك على مخصصات البطالة غير الكافية لتغطية المصاريف الأساسية. تقول “علمت أنهم سيخفضونها بأربعين دولارا”، وهي لا تعلق أمالا كبيرة على الانتخابات، وعلى غرار كثير من الشبان الآخرين، ترى أن خلاصها في مكان آخر، “أريد حقا الرحيل من هنا”. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :