الفراغ القاتل سعود الصاعدي مررت البارحة بالقرطاسية لشراء مظروف احتجته لأمر غير ذي بال ، فاستقبلني البائع بفرح ، و قال : أنت الزبون الوحيد الليلة و أردف : ننتظر أيام الدراسة بشوق ليطرد هذا الفراغ القاتل و يملأ القرطاسية ضجيجا قلت و قد أدركت غايته الاقتصادية دون أن أستبعد حاجته للزبائن من أجل طرد السأم ، : و أنا مثلك تماما .. أنتظر عودة الحياة إلى دورتها الطبيعية .. فهذه الأيام قد لا تروق سوى سائحي الصيف ، أما نحن فنشعر بالوقت متسعا و خاليا من الوجوه و الأقدام العابرة ثم أشرت إلى جهاز التلفاز و كان وقتها يعرض مباراة الهلال و العروبة في الموسم الماضي ، و أضفت : هؤلاء الرياضيون ، أيضا ، يمنحون للحياة طعما بصخبهم و مواعيدهم المكرورة في أيام الأسبوع فابتهج بما قلت ، فلما آنست منه ارتياحا و طلبا للمزيد من الحديث ، اعترتني أريحية فيلسوف مشّاء ، فتحدثت كما لو كنت أتحدث لطلابي في قاعة الدرس .. و شرعت في سرد مظاهر هذه العودة من حركة بالليل و النهار ، و نزهات خفيفة قصيرة لا تتجاوز أطراف الأسبوع ، مع لقاءات بالأصدقاء في استراحاتهم ، إضافة إلى التراشق بين الرياضيين سواء على مواقع التواصل أو في التلفاز من خلال البرامج الرياضية ، و قبل ذلك ، و هو الأهم ، اعتدال مزاج القراءة و بدء موسم غرس الأفكار و استنباتها و إنتاجها ، ففي الصيف يبدو أن اللبن ليس هو الضائع الوحيد ، و إنما تضيع أشياء كثر ، و كما قلت سابقا تحويرا للمثل : في الصيف ضيّعت الوطن !
مشاركة :