القاهرة: أحمد الروبي اقتصرت سينما ودراما «الرعب» على الأعمال الأجنبية، وتحديداً الأمريكية، حتى بات الطلب عليها كبيراً من قبل المنصات الإلكترونية، فقررت جهات فنية مصرية، من منتجين ومخرجين ومؤلفين، التفكير في هذا الاتجاه، الذي يقبل عليه الجمهور بشكل كبير، خاصة بعد نجاح عدد من التجارب المصرية، بعضها ينتمي للرعب والغموض، وأخرى في عوالم ما وراء الطبيعة، ومع الرغبة في التوسع في هذا الاتجاه في السينما والدراما المصرية، هناك بعض الصعاب والعراقيل، نحاول التعرف عليها من الصناع أنفسهم.يرى الناقد طارق الشناوي، أن هذه النوعية من الأعمال تحتاج إلى صفات معينة أهمها قدرة الصانع على تهيئة المشاهد لتلك الأجواء من الرعب، والتي تتمثل في الحبكة المحكمة، والتصوير البارع والموسيقى التصويرية غير التقليدية، فضلاً عن الجرافيك وصنّاع لهم خيال واسع، فالجمهور وخاصة الشباب أصبح يقبل بشكل كبير على هذه النوعية، واعتقد أن هناك محاولات مؤخراً، رغم سذاجتها، إلا أن نالت شرف المحاولة ويمكن البناء عليها.وتؤكد الروائية بسمة الخولي، أن تراثنا العربي مملوء بالكثير من الروايات والقصص التي يمكن أن تصلح لأن تكون أعمال تنتمي للرعب، أو الظواهر غير الطبيعية مثل «كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة»، فضلاً عن عدد كبير من الأساطير المحلية أو حتى العربية، بل وفي الشرق بشكل عام. لافتة إلى أن تاريخنا به كم كبير من الأحداث التي يمكن تطويعها لكتابة الرعب، أو الفانتازيا التاريخية، وللأسف استفاد بها الغرب دون أن نقترب منها أو نفكر في استغلالها، مثلما قام الكاتب الإنجليزي ويليام داريمبل الذي قام بكتابة رواية «مدينة الجن»، أو «مدينة برسن» للكاتبة إس آي تشاكرابورتي، وكذلك كاتب الخيال العلمي الأمريكي ديكستر جابرييل الذي كتب «جن ميت في القاهرة»، وجميعها روايات مستوحاة من تراثنا.ويقول د. حسين السيد، الروائي المتخصص في أدب الرعب، إن اتجاه المنصات المختلفة والتليفزيون والسينما بهذه النوعية من الأعمال، تأخر كثيراً جداً، لافتاً إلى أن هذا النوع مسيطر في السينما والدراما العالمية منذ عقود طويلة.ويوضح أن تراثنا العربي زاخر بحكايات الرعب والخيال، ربما أكثر من أي ثقافة أخرى، فنحن نمتلك حكايات عن الجن والمردة والعفاريت والشياطين والغيلان والكائنات المتحولة، بجانب تراثنا الشعبي المملوء بالقصص الخيالية التي تصلح لتحويلها لأعمال فنية مميزة، لكننا لم نستفد منها على الإطلاق، ورغم أننا تأخرنا كثيراً، لكن أعتقد أننا أمام فرصة تاريخية لن تعوض.ويشدد د. حسين على ضرورة أن يتصدى لمثل هذه النوعية من الأعمال كتاب متخصصين، حتى لا تتحول إلى مجرد مسخ مشوّه يسخر منها المشاهد بدلاً من الاستمتاع بها. صناع الدراما الفنانة فاطمة ناصر، التي شاركت في مسلسل«أبواب الخوف» تؤكد أن الجمهور أصبح يميل لهذه النوعية من الأعمال بشدة، مشيرة إلى أن «أبواب الخوف» كان من أهم أعمال الرعب التي ظهرت في الدراما المصرية واستطاع أن يحقق نجاحاً كبيراً، ما يعكس مدى إقبال الجمهور على هذه النوعية، خاصة أن نوعية الجمهور اختلفت، والمنصات الرقمية تحاول تلبية أذواق الجمهور الجديد.وتشير ناصر إلى أن صناع الدراما العربية لم يستثمروا ذلك، سوى في بعض الأعمال التي قدمت على استحياء، ربما لأن هذه الأعمال لها طابع خاص من حيث التصوير وتكلفة الإنتاج والجرافيك، وهذا ما يجعل شركات الإنتاج أحجم عن صناعة هذه النوعية.ويقول السيناريست عمرو سمير عاطف: أعمال الرعب والخيال جديدة ومختلفة على الدراما والسينما المصرية، مشيراً إلى أنه حين قدم مسلسل«كفر دلهاب» شاهد عدداً من أعمال الرعب حيث يتمكن من الكتابة في مجال لم يقدمه من قبل.ويضيف: الجمهور الحالي يحب هذه النوعية من الأعمال ويتابعها بشغف كبير، وأعتقد أنها لو قدمت بشكل جيد، ستلقى رواجاً كبيراً لدى الجمهور، بشرط كتابتها وصناعتها بشكل متقن، بمعنى لابد من توفر سيناريست بارع ومخرج متمكن وله خيال واسع، لكن للأسف هناك كثيرون يتخوفون من كل ما هو جديد خشية عدم تحقيق النجاح، لكن الفن صناعة ومغامرة، ولو المغامرة ما ظهرت ألوان فنية جديدة. تخوف دائم المخرج هادي الباجوري يقول: هناك تخوف دائم من الفشل في صناعة أي شكل درامي جديد، وهو ما حدث معي عندما تصديت لإخراج فيلم «وردة» عام 2014، لكن أي مخرج محب للمغامرة، والتجدد لا يجب أن يخضع لمثل هذه المخاوف، وإلا لن نقدم أي جديد، لافتاً إلى أن الجمهور دائماً يميل للأعمال الجيدة سواء كانت معتاداً عليها أو جديدة بالنسبة له، وأعتقد أننا يمكن أن نقدم هذه النوعية من الأعمال بالطريقة التي تناسبنا وتناسب ثقافتنا ومجتمعاتنا.وتؤكد الناقدة علياء طلعت، أن أزمة أفلام الرعب في «السيناريو» وليست في تكاليف إنتاج العمل، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من الأعمال الغربية، ليست ذات ميزانيات ضخمة، لكنها محكمة الصنع.
مشاركة :