رحلة الريال السعودي.. من الهمة إلى القمة

  • 10/7/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

رحلة الريال السعودي رحلة طويلة، بل هي شاهد على تطور المملكة العربية السعودية، وتعتزم مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» طرح فئة خمسة ريالات من العملة السعودية، المصنوعة من مادة البوليمر؛ وذلك استنادًا إلى المادة الرابعة من نظام النقد السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم 6 بتاريخ 1 / 7 / 1379هـ. لكن طرح هذه الفئة الجديد يدفعنا إلى الحديث عن رحلة الريال السعودي أو بالأحرى تلك الرحلة الشاقة التي قطعتها العملة السعودية _بشكل عام _ حتى تصل إلى ما هي عليه الآن. وكان النظام النقدي في معظم أقاليم الجزيرة العربية بصفة عامة يعاني فوضى وتدهورًا لم يشهدهما من قبل؛ فلم يكن للبلاد عملة خاصة بها، وإنما كانت تتعامل بالنقود الأجنبية، بغض النظر عما إذا كانت تلك النقود تنتمي إلى دولة قائمة آنذاك، أو إلى دولة زال حكمها منذ زمن. غير أن الوقوف في وجه هذه الفوضى لم يكن يسيرًا على الملك عبد العزيز _رحمه الله_ فعمل، في مطلع الأمر، على الإبقاء على التعامل بالنقود المتوفرة بالأسواق آنذاك، إلا أن إيجاد نقد موحد يتم تداوله في مناطق نفوذه آنذاك كان هاجسًا يراوده كثيرًا، لإدراكه التام بأن النقود تعد أهم مظهر من مظاهر سيادة الدولة، وإحدى شارات الملك الثلاث. ولذلك كان يحاول جاهدًا إصدار عملة نحاسية خاصة بسلطنة نجد آنذاك؛ رغبة منه في ضبط الأوضاع النقدية في أسواقها إبان تلك الفترة. وكانت المرحلة التالية في رحلة الريال السعودي هو إقرار الملك عبد العزيز التعامل في محيط نفوذه السياسي بالنقود المتداولة حينها، وهي النقود التي جرى تداول معظمها إبان عهد الدولة السعودية الثانية، والفترة التي سبقت دخوله مدينة الرياض. اقرأ أيضًا: «هيئة منشآت» ودعم لا محدود لرواد الأعمالهيكلة النقد ومن بين الخطوات المفصلية في رحلة الريال السعودي قيام الملك عبد العزيز بدمغ بعض النقود الشائعة والرائجة في التداول بكلمة (نجد)، وكان ذلك قبل سنة 1340هـ (1922م). ومن أهم تلك النقود التي خضعت للإصلاح النقدي: الريال الفرنسي، والروبية الهندية وأجزاؤها، وبعض النقود العثمانية المضروبة من النحاس ومن (الكوبر نيكل) من فئة عشرة بارات، وفئة عشرين بارة، وأربعين بارة، وبعض القروش التركية مثل خمسة قروش، وبعض القروش المصرية والتي تعود إلى عهد السلطنة المصرية من فئة القرشين، وفئة الخمسة قروش، وفئة العشرة قروش، وفئة العشرين قرشًا. ودفعت حاجة السوق المحلية إلى كميات كبيرة من النقد الملك عبد العزيز إلى سك نقود تفي بحاجة السوق، فجرى سك كميات كبيرة من النقود النحاسية من فئة نصف القرش، وفئة ربع القرش، نُقش على وجهها اسم الملك عبد العزيز كاملًا (عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود) على هيئة طغراء أو بالخط الطغرائي، وتاريخ سكها سنة (1343هـ)، أما ظهر الفئتين فنُقش عليها القيمة النقدية لكل منهما، ومكان السك وهو أم القرى. وبذلك يعد هذا الإصدار بفئتيه (نصف قرش، وربع قرش) أول الإصدارات السعودية النقدية، بل إنه نقد قانوني جرى التعامل به وفقًا للأوامر الصادرة آنذاك، وما نُقش عليه من عبارات لا يختلف في مضمونه عن أي نقد آخر. وشهدت سنة 1346هـ العديد من التطورات النقدية المهمة، فكان أولها أن قام عبد العزيز بإلغاء التعامل بجميع النقود المتداولة، كالعثمانية والهاشمية وغيرها؛ حيث أمر بطرح نقوده الجديدة التي حملت لقبه السابق، ويظهر هذا اللقب على النقود التي جرى سكها من معدن (الكوبر نيكل) من فئة القرش، ونصف القرش وربع القرش، والتي جاء تصميمها مطابقًا لتصميم القرش وفئاته المضروب سنة 1344هـ. باستثناء سنة السك 1346هـ التي نُقشت أسفل ظهر القطعة النقدية. اقرأ أيضًا: معسكر أندية ريادة الأعمال الافتراضي.. نمط جديد من التعلمطرح أول ريال سعودي خالص وخلال السنة نفسها قام الملك عبدالعزيز بطرح أول ريال عربي سعودي خالص، جرى سكه من معدن الفضة على غرار الريال المجيدي، الذي يُعد النقد الفضي الرئيس المتداول آنذاك، وجرى سك هذا النقد الجديد بشكل مطابق لوزن وقطر الريال المجيدي، كذلك نسبته من معدن الفضة. وورد على مركز الوجه داخل دائرة اسم الملك كاملًا (عبد العزيز بن عبدالرحمن السعود). في حين تضمن الهامش لقبه (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وشعار الدولة “سيفين متقاطعين داخل شكل شبه مستطيل نُقش بجانبه نخلتان”، أما الظهر فنُقش في مركزه مكان السك وتاريخه (ضُرب في مكة المكرمة 1346هـ) بينما اشتمل الهامش على القيمة بالأحرف والأرقام. وأصدر الملك عبد العزيز أمره السامي المتضمن أول تنظيم للوضع النقدي في البلاد، والذي جرى نشره في الجريدة الرسمية (أم القرى) في عددها رقم (160) وتاريخ 1326/7/13هـ (1928/1/9م)؛ حيث تضمن العديد من المواد التي رسمت السياسة النقدية للدولة آنذاك. وبصدور هذا النظام النقدي الجديد أصبح لزامًا على الجميع التعامل بالريال السعودي، ونبذ ما سواه من النقود الأخرى، الأمر الذي تطلب إعادة سكه مرة أخرى سنة 1348هـ (1930م) بجميع فئاته ووفق مواصفاته السابقة عدا سنة سكه (1348هـ)؛ حيث طُرح للتداول وفق معيار صرفه من القروش الحجازية النجدية، التي أُعيد سكها هي الأخرى خلال تلك السنة بجميع فئاتها، وطبقًا لمواصفاتها السابقة عدا تاريخ سكها (1348هـ). اقرأ أيضًا: مركز المعلومات الوطني السعودي يستعرض استراتيجة التحول الرقميالريال الفضي الجديد جرى طرح أول نقد سعودي حمل الاسم الجديد للدولة بعد توحيدها، وكان ذلك على الريال الفضي الجديد وأجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال. وتميز هذا الريال بصغر حجمه، وخفة وزنه مقارنة بالريال السابق؛ إذ بلغ وزنه 11.65 جم، أي أقل من نصف وزن الريال السابق، كذلك تميز بارتفاع درجة نقاوته التي بلغت (0.916)، وبذلك يكاد يطابق الريال الجديد في مواصفاته مواصفات الروبية الهندية، النقد الأكثر تداولًا بين النقود الأجنبية السائدة آنذاك. وما زالت رحلة الريال السعودي مستمرة، ولا يزال يأخذ مكانته اللائقة به، ويمسي أكثر استقرارًا ويخضع للكثير من التطوير والهيكلة. اقرأ أيضًا: دعم المملكة لرواد الأعمال الشباب.. الطريق لمستقبل أفضل مجلس ريادة الأعمال الرقمية.. خطوة لدعم القطاع وتذليل العقبات دعم المملكة لرواد الأعمال الشباب.. الطريق لمستقبل أفضل

مشاركة :