ترامب أم بايدن: رؤى متباينة في إيران حيال انتخابات الرئاسة الأميركية | | صحيفة العرب

  • 10/9/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ تشديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغوط الاقتصادية على إيران، راهن النظام في طهران على ما أسماه بمرحلة “الصبر الاستراتيجي” والانخراط في مقاومة الضغوط حتى نهاية فترة ولايته، أملا في التعامل مع قيادة جديدة أقل قسوة وأكثر ميلا للدبلوماسية. ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة في 3 نوفمبر المقبل وتقدم المرشح الديمقراطي جو بادين في استطلاعات الرأي تترقب طهران تغير ملامح السياسة الخارجية الأميركية تجاهها. طهران – تحتل الانتخابات الرئاسية الأميركية حيزا مهما في النقاشات اليومية في إيران وتثير رؤى متفاوتة بين آمال بالتغيير ومآل مخيبة لتجارب سابقة، بعد عامين من سياسة “الضغوط القصوى” التي اعتمدتها إدارة دونالد ترامب تجاه الجمهورية الإسلامية. وتثير السياسة الداخلية الأميركية اهتماما في إيران بعد نحو 40 عاما من علاقات مقطوعة دبلوماسيا ومتوترة واقعيا، لاسيما وأن مواطني الجمهورية الإسلامية يلمسون في واقعهم اليومي، تأثير القرارات التي تتخذ في البيت الأبيض. والمحطة الأميركية البارزة حاليا من المنظار الإيراني هي الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، بين ترامب الذي يشغل منصبه منذ عام 2016، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن. وتقول زينب إسماعيلي، الصحافية في القسم الدولي لصحيفة شرق الإصلاحية، “وجهة النظر العامة (في إيران) هي أن نتيجة هذه الانتخابات ستكون محورية بالنسبة للشعب” فيما يرى محمد أمين نقيب زاده (28 عاما)، طالب الدراسات العليا في الجغرافيا السياسية، أن الظروف الراهنة تجعل “التحدث عن الانتخابات الأميركية أمرا طبيعيا بالنسبة لنا”. وتحضر الانتخابات في نقاشات الإيرانيين، لكنها لا تنسيهم هواجس أخرى تشغل بالهم، أهمها الارتفاع المتواصل للأسعار، والتراجع الحاد في قيمة العملة المحلية، حيث يرتبط هذا الواقع الاقتصادي بشكل وثيق بتوجهات السياسة الخارجية الأميركية. وفي العام 2018، قرر ترامب بشكل أحادي الانسحاب من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 في فيينا، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران، ما انعكس سلبا على الوضع وبحسب صندوق النقد الدولي، يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة ستة في المئة في 2020، بعدما خسر الناتج المحلي ما نسبته 5 و7 في المئة من قيمته على التوالي في 2018 و2019. وما زاد الطين بلّة، تفشي فايروس كورونا منذ فبراير، ليجعل من إيران أكثر الدول تضررا بكوفيد – 19 في الشرق الأوسط. وتسببت الجائحة بآثار سلبية إضافية على اقتصاد إيراني يرزح تحت عبء العقوبات وارتفاع نسبة التضخم. ولا يلقى التبرير الأميركي بأن العقوبات لا تطال الشعب في إيران بل تستهدف السلطة السياسية، آذانا صاغية في طهران، حيث يدين المسؤولون بشكل شبه يومي، “حربا اقتصادية” تشنها الولايات المتحدة على بلادهم. وكرر مسؤولون مثل الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وغيرهم، التأكيد بأن إيران لا تكترث باسم الفائز في الانتخابات الأميركية. وفي المقاربة الرسمية، يعد ترامب الباحث عن ولاية ثانية من أربع سنوات، ومنافسه بايدن، وجهين لعملة واحدة، ويمثلان “الاستكبار العالمي” و”الشيطان الأكبر” و”العدو”، وهي مفردات تحضر مرارا في الخطاب السياسي للجمهورية الإسلامية، لدى الحديث عن الولايات المتحدة. لكن في شوارع طهران، لا يخفي إيرانيون ميلهم لصالح بايدن، لاسيما بعد التجربة المريرة مع رئيس لا يبدو عازما على التخلي عن سياسة “الضغوط القصوى” في حال إعادة انتخابه. أما المرشح الديمقراطي، فأبدى في مقالة رأي نشرت في سبتمبر، نيته الاقتراح على إيران خوض “مسار موثوق به للعودة إلى الدبلوماسية” في حال فوزه، ملمحا إلى إمكان عودة واشنطن للاتفاق النووي في حال عودة طهران إلى تنفيذ التزاماتها كاملة. وتقول صحيفة كيهان الإيرانية المقربة من المرشد الأعلى آية الله خامنئي إن سياسة بايدن نحو إيران لن تختلف عن سياسة منافسه ترامب حيث يرى بايدن أن الاتفاق النووي ناقص، وكان عليه أن يشمل البرنامج الصاروخي الإيراني وحضور الولايات المتحدة في المنطقة، على عكس الصحف الإيرانية المقربة من الإصلاحيين، التي تبشر بعودة الاتفاق النووي في حال فاز بايدن. ويرى الطالب في الجغرافيا السياسية محمد علي كياني (28 عاما)، أن فوز بايدن سيمنح “أملا بأن يعود إلى الاتفاق” الذي أبرم عندما كان المرشح الديمقراطي يشغل منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فيما يعتبر الصحافي المستقل مازيار خوسرافي أن مواطنيه “ينتظرون عموما تحسن وضعهم الاقتصادي. لا يهمّ من يشغل البيت الأبيض”. وتؤكد إسماعيلي أنّ ثمة ميلا عاما لدى الإيرانيين للاعتقاد بأن “فوز بايدن سيكون أفضل لإيران”، لكن الواقع قد لا يتفق مع تلك الآمال. وبحسب الصحافية نفسها، ترجّح غالبية الإيرانيين “بشكل كبير فوز ترامب بولاية ثانية”، ما قد يعني “استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع الريال” الذي فقد نحو 90 في المئة من قيمته إزاء الدولار في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وبعد الإعلان عن خضوع ترامب لفحص إيجابي لكوفيد – 19، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي في إيران بمزيج من “نظريات المؤامرة” حول الخلفيات الانتخابية لهذا الإعلان، ونكات ربطت ما بين وضعه الصحي ووضع الريال المحلي. لكن بعيدا من المزاح، يرى خبراء إيرانيون أن نتيجة الانتخابات الأميركية قد لا تنعكس على بلادهم من الناحية الاقتصادية فقط، بل السياسية أيضا، لاسيما وأن الجمهورية الإسلامية تستعد بدورها لاختيار خلف لروحاني في انتخابات مقررة في 18 يونيو 2021. ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز أن ترامب سيكون خيارا يفضّله “المحافظون (في إيران)، خصوصا المتشددين منهم”. ويوضح أن “مقاربة أميركية متشددة (حيال طهران)، تؤدي أيضا إلى تشدد” سياسلكن ليلاز يأمل في أن “يغيّر بايدن بشكل جدي من السياسة الأميركية حيال إيران، بحال وصوله إلى سدة الحكم”. وعلى الضفة المقابلة، يدفع سياسيون محافظون بوجوب عدم توقع أي تغيير. ويقول حميد رضا ترقي، القيادي في حزب المؤتلفة الإسلامية المنضوي في تحالف القوى المحافظة الفائز بانتخابات مجلس الشورى مطلع العام، “بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية، لا فارق بين بايدن وترامب”. ويضيف ترقي أن الرهان على “انفتاح مع بايدن” مجرد “وهم”، لأن إيران “اختبرت في الوقت عينه الديمقراطيين والجمهوريين، ولم يلتزم أي منهم مسارا يتيح حل المشكلات”. ويرى متابعون أن استمرار العقوبات والاتفاق مرتبط بنتائج الانتخابات الأميركية، فأيا كان الفائز سيكون هناك إطار للتفاهم والتفاوض والمساومات، لكن شكل ذلك الإطار سيتوقف على من سيكون الرئيس الأميركي القادم. ويؤكد المحلل الإيراني المتخصص في العلاقات الأميركية الإيرانية والاتفاق النووي علي أكبر داريني، أن “واشنطن اليوم تسعى بكل قوتها إلى إلغاء هذا الاتفاق بشكل تام، بعقوبات ثقيلة وتضييق على الاقتصاد، وفي حال إلغائه قبل فوز بايدن فلا يمكن العودة إلى الاتفاق بأيّ طريقة، كذلك إذا فاز بايدن فلن تكون العودة إلى الاتفاق بالسهولة التي يتحدث عنها المتفائلون بفوزه”. .

مشاركة :