ليس بين حب الوطن والدفاع عنه والإيمان بهذا الدين الحنيف (الإسلام) تنازع أو تعارض، فحب الوطن غريزة زرعها الله في قلوب البشر ،ولا أحد يستطيع أن يأتي بنص من كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- تدل على أن حب الوطن يخالف الإيمان، أو أن الدفاع عن الوطن ليس جهادًا في سبيل الله، وقول الله عز وجل (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الظالمين)، وهي قد نزلت بإجماع المفسرين فيمن تخلفوا بمكة ولم يهاجروا إلى المدينة، وقالوا إن قول الله تعالى (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) تعني حتى يأتي الفتح الذي كان وأصبحت أحب البقاع في يد رسوله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه وعادت دار إيمان كما كانت، وليس في الآية ما يدل على أن حب الوطن يناقض حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله، بل ان الدفاع عن الوطن جهاد في سبيل الله فعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون دمه فهو شهيد ومن مات دون أرضه فهو شهيد) . و يقول صلى الله عليه وسلم: (من مات دون مظلمته فهو شهيد). وأصل المشكلة في كلمة رددها الإخوان في مصر لشيخهم الكبير كما يقول مرشدهم الحالي والتي لا ترى للوطن فضلاً على أهله حيث يقول: (وما الوطن إلا حفنة تراب عفن)، فليس في منهجهم للوطن اعتبار، ولا لحبه وصونه وحمايته والدفاع عنه. ونفاجأ اليوم بمن يقول أن من قال: نقاتل فداء للوطن، أو قال: ان حب الوطن واجب كلام فارغ لتوهمه أن هذا كله يناقض الدين وينزع حبه من القلوب، ويستشهد بالآية التي ذكرنا، والحقيقة ألا شيء من هذا يناقض الدين أو يدل على أن القائل يريد بذلك تفضيل الوطن على الدين، فمن يقاتل دفاعًا عن الوطن ويفديه بروحه إنما هو مسلم يجاهد في سبيل الله يدفع عن أرض الإسلام فاذا قتل في سبيل ذلك فهو شهيد، وكذا من يقول: للجندي الذي سقط وهو يدافع عن حدود بلاده انه شهيد الواجب، قد سقط فردَّ العدوان عن بلاده وأهله وهو جهاد في سبيل الله لا ينكر ذلك أحد، وكذا من يقول: أن حب الوطن واجب فالوطن دار الإسلام وأهله مسلمون وحبهم وحبه مما حض عليه الدين والعقل، وأما النيات فلا يعلم بها إلا خالقها فتريثوا قومنا في اطلاق الأحكام هكذا دون تدبر. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :