قال الشيخ الدكتور سعود الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن فضل كف الشر عن الآخرين أنه من أنواع الصدقة، فثمة صدقة عظيمة تنفع المسلم وترفعه، صدقة لا تحتاج إلى مال ولا إلى بذل جهد جسدي ولا لفظ قولي. اقرأ أيضًا.. ماذا قال خطيب المسجد الحرام عن الرزق والقدر؟ 18 كلمة تطمئن القلبوأوضح «الشريم» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه صدقة يستوي فيها والقوي والضعيف والغني والفقير، إنها صدقة المرء بكفه الشر عن الآخرين، فعن أَبي ذر قال: قلت يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: الإِيمان بالله والجهاد في سبيله قلت: أيُّ الرقاب أفضل؟ قال: أنفسُها عند أهلها، وأكثرها ثمنا. قلت: فإِن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعُفتُ عن بعض الْعملِ؟ قال: تكف شرَّكَ عن النَّاسِ فإِنها صدقةٌ منك عَلَى نفسك " متفق عليه.وأكد أن كف الاذى يعتبر خيرًا وإنه لا يشك عاقل البتة أن من ابتغاء الخير الكف عن الشر، وقد قيل كما تدين تدان ، وقيل الجزاء من جنس العمل، فإن من آذى أخاه المسلم لحقه الأذى عاجلا أو آجلا، وقد قال الإمام مالك رحمه الله: أدركت بالمدينة أقوامًا ليس لهم عيوب فعابوا الناس فصارت لهم عيوب، وأدركت بالمدينة أقوامًا كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم.وتابع: الحذر الحذر عباد الله من مغبة الإيذاء، فإنه الطبع المهلك، والعمل الماحق، الذي يجلب الإثم المبين، والعذاب المهين، فقال الله في محكم كتابه: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا »، منوهًا بأن كف الأذى أعم من أن يكون منحصرًا في من يصدر منه الأذى نفسه، بل إنه ليتسع معناه ليعم كل من يستطيع كف أذى الغير عن الناس وإن كان بإزالة القذى عن الطريق.واستند لما ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة؛ فأفضلها قول لا إله الا الله، وأدناها أماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»، مشيرًا إلى أنه نص بعض أهل العلم أنه إذا كان هذا الفضل في إزالة الأذى عن الطريق فإن إزالته عن القلوب أعظم فضلًا.وأشار إلى أنه كما أن الأذى يكون بالقول أو الفعل، فإنه كذلكم يكون بالامتناع عن القول أو الفعل إذا كان فيهما إحقاق حق لأحد أو إبطال باطل، مستندًا إلى ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه، من الظلم فإن ذلك نصره».وشدد على أن الأذية ثقب في سفينة المجتمع الماخرة، وتعدد الأذى فيها إنما هو تعدد في الثقوب ولا شك، وليس ثمة إلا غرق السفينة ما من ذلك بد، والأذى هو كل عمل أو قول من شأنه أن يلحق ضررًا بالغير حسيًا كان أو معنويًا، وكلمة الأذى لفظة لا تحتمل إلا الذم لا غير، فهي لا حسن فيها بوجه من الوجوه.ولفت إلى أن الأذى كلمة تنفر من مجرد لفظها طباع الأسوياء الأنقياء، فكيف بنتيجتها وأثرها إذن، وإن فؤاد السوي ليأبى أن يميل إلى الأذى لأنه من طباع العقارب أعاذنا الله وإياكم من ذلك، محذرًا من الأقوال والأعمال التي تلحق الضرر بالاخرين.وأضاف أن المسلم اللبيب هو الذي يحسن استحضار حرمات الآخرين والنأي بنفسه عن أن يطال أحدًا منهم بشر أو أذى ما قل منه أو كثر، المسلم الذي يدرك أن المجتمع المتآلف لا تخترمه المشكلات مادام كل فرد من أفراده كافا أذى لسانه ويده عن الآخرين.
مشاركة :