تمر السنون ويبقى الحنين، ويبقى الأثر الطيب والذكرى الحسنة في نفوس الأبناء والأحباء، وصدق من قال «الإنسان سيرة» والحمد لله أن كل من عرفه عن قرب شهدوا بأن سيرته زكية فمهما تحدثت فلن أوفيه حقه، فقد عكف على تربيتي وإخوتي كأفضل ما يحسن الأب تربية أبنائه، فتعلمنا منه أدبا وحسن التعامل. كان والدي -رحمه الله- يقدس قيمة العمل ويراه في مكانة رفيعة بين أولويات الحياة، ويشعر دائما بأن من واجباته أن يكون في المكتب ومواقع العمل الميدانية بنفسه، وكان هذا ما يجعله سعيدا وفخوراً بأدائه. كان -رحمة الله عليه- لديه مبادئ وأسس ثابتة للعمل لا يمكن أن تتغير، يستيقظ مبكرًا ويكون حريصًا على الذهاب إلى المكتب مبكرا أيضا. كما كان نظام العمل اليومي الذي يمارسه معروفا لدى العائلة وأيضا شركائنا في العمل من الموظفين، وبشكل يومي وروتيني يتصل بكل فرد من أفراد العائلة الذين يعملون في الشركة، بالإضافة إلى التواصل مع رؤساء الأقسام والمديرين ويطلب منهم المراجعة والتحدث اليومي عن العمل.أما عن فطنته وفراسته.. كان سريع البديهة، حاضر الرأي، قوي الحجة، مقنعا مقداما ومستقيمًا تجاه أهدافه، وكان يسعد برؤية أعمال التنمية والتوسع، ومبادر يتخذ خطواته للأمام من دون تردد، وكانت فراسته التجارية صحيحة دائمًا ومضرب المثل، وهذه هبة ومنحة من الله سبحانه وتعالى، وهذا ما ساعده على اتخاذ القرار الصائب وتحديد التجارة المربحة، وكان رحمه الله عند حضور الاجتماعات يدون كل ما من شأنه المتابعة والتدقيق للعمل عليه لاحقا والسؤال عنه، رجل تعلق بالعمل وكرس حياته له، حتى أنني أتذكر انه قبل أيام من وفاته -رحمه الله، كنت أسأله هل تريد شيئا أقوم به لأجلك فكانت إجابته أريد المزيد من الوقت لدي الكثير لأنجزه من أجل الشركة.وكان -رحمه الله- رجلا يفخر دائما بتقديم الخدمات اللازمة لوطنه والعمل بجد وإخلاص، لديه دائما عاطفة وانتماء عميق للوطن، وكان دائما ما يقول بارك الله لنا في قيادتنا ورزقنا شرف العيش في هذا البلد المبارك ويحفظها من كل سوء.وعلى المستوى الاجتماعي كان -رحمة الله عليه- رجلا متواضعاً جدا جُبل على العادات الأصيلة، يستمتع بزيارة الناس ويشاركهم احتفالاتهم، يدفعه الواجب إلى مشاركتهم في الحزن والكرب وهذا ما جعل له مكانه مقدرة عند الجميع على المستوى الإنساني ومستوى الأعمال والتجارة، وهذا يترك أثرا جيدا بلا شك في المجتمع المحيط به وبين موظفيه أيضا فقد كان رحمه الله يعتبر الموظفين من أكبر أصول الشركة وكان يناديهم بشركائنا. حتى في كبر سنه ترك مجلسه مفتوحًا ورحب بجميع الزوار وكان لا يخفي النصيحة على أحد، بل كان يشعر أن من واجبه النصح فيما يراه مناسبا ولا يتردد في إبداء آرائه الناتجة عن خبرته طوال السنين.واليوم.. بعد مضى 10 سنوات على رحيله أسال الله له الرحمة والمغفرة. وعلى الرغم من أنني افتقدته كثيرا، فإنني سعيدة للغاية، حيث لا يزال عالقا في ذاكرة أسرته وأقرانه وموظفيه ولدى الكثير من الناس.
مشاركة :