نوبل للسلام تكافئ معركة برنامج الأغذية العالمي ضد الجوع | | صحيفة العرب

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم تر لجنة إسناد جائزة نوبل كفاءة في أي سياسي أو جهة سياسية أو حتى ناشطين على سطح الكوكب لتوسيمه بجائزة نوبل للسلام هذا العام، في ظل التوتر الشديد في الشرق الأوسط والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتجاذبات حول الاتفاق النووي الإيراني، لكنها أعطت شحنة معنوية لبرنامج الأغذية العالمي حينما كافأته على جهوده في المعركة ضد الجوع. أوسلو- تعتبر جائزة نوبل السلام الأكثر إثارة للجدل منذ سنوات طويلة كونها مرتبطة بالحسابات السياسية والأحداث الدولية قياسا بجوائز الطب والفيزياء والكيمياء والأدب، كما أنها الوحيدة التي خيّب طابور طويل من الحائزين عليها، مثل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، آمال الكثيرين ممن هللوا لفوزهم بها. وليست هناك جائزة تحمل من التناقضات بقدر ما تحمله نوبل للسلام، لأن مؤسسها ألفريد نوبل كون ثروة طائلة من صناعة الأسلحة وهي التجارة، التي اشتهرت بها عائلته ثم طلب في وصيته أن تخصص عائدات ثروته كل سنة لمكافأة شخصيات أسدت خدمات للبشرية. وفي دليل واضح على مدى صعوبة توقع الفائز وعلاقتها بالمجال السياسي، كللت نوبل للسلام هذا العام برنامج الأغذية العالمي جهوده في مكافحة الجوع حول العالم باختياره للجائزة، وهي للمرة الثانية عشرة منذ تأسيس الأمم المتحدة في العام 1945 تختار لجنة أن تمنح جائزتها العريقة إلى مؤسسة أو شخصية مرتبطة بالمنظمة الدولية. الأمم المتحدة من رواد جوائز نوبل 2020 برنامج الأغذية العالمي. 2007 الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ ونائب الرئيس الأميركي السابق آل غور. 2005 الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام محمد البرادعي. 2001 منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي أنان. 1988 قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (القبعات الزرق). – 1981 مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. 1969 منظمة العمل الدولية. 1965 صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). 1967 داغ هامرشولد الأمين العام للأمم المتحدة: من 1953 حتى وفاته في الكونغو العام ،1961 وهو الشخص الوحيد الذي نال هذه الجائزة بعد الوفاة. 1954 مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. 1950 رالف جونسون بونشه وسيط الأمم المتحدة في النزاع العربي الإسرائيلي الأول. 1949 جون بويد أور المدير السابق لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو). وتختلف أدوات كل حكومات العالم في مواجهة ظاهرة النزوح وفق طبيعة الظروف الأمنية والصراعات العسكرية وحتى التقلبات المناخية، غير أن هناك إجماعا على أن تلك الأدوات لا تزال محدودة لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة وذلك بالنظر إلى التوقعات بتكاثر أعداد المهاجرين خلال العقود الثلاثة القادمة. ولا تدخر المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية، بما فيها برنامج الأغذية العالمي، جهدا في انتقاد دور الدول في التعاطي مع هذه المشكلة المزمنة، بينما جبين المجتمع الدولي لا يقطر خجلا وعدد الفقراء يتزايد يوميا بسبب الحروب والكوارث الطبيعية. واعتبرت بيريت رايس أندرسن رئيسة لجنة نوبل النرويجية خلال منح الجائزة للبرنامج الذي تأسس لمكافحة الجوع وتعزيز السلام في 1961 بناء على طلب الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، أن “هناك حاجة ملحة للتضامن الدولي والتعاون متعدد الأطراف أوضح (الآن) من أي وقت مضى”. وعادة ما يكون المدير التنفيذي للبرنامج من الولايات المتحدة، حيث يتولى ديفيد بيزلي وهو سياسي جمهوري رشحته إدارة الرئيس دونالد ترامب المنصب منذ أبريل 2017. ومع ذلك تبقى التحديات هي المسيطرة على نجاح نشاطه في بؤر التوتر التي تشهد نزاعات مثل العراق وسوريا واليمن ومناطق الكوارث الطبيعية أيضا. ولأن برنامج الأغذية العالمي قوة دافعة إلى جهود منع استعمال الجوع سلاحا في الحروب والصراعات، فقد وجد في انتشار مرض كورونا فرصة لزيادة دوره التضامني مع وجود ترجيحات بتسجيل 265 مليونا يتضورون جوعا في غضون عام، ومن الطبيعي أن يكون ذلك أيضا بمثابة نداء للمجتمع الدولي بألا يخفض تمويل برنامج الأغذية العالمي. ولم يخف ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي سعادته بهذه المكافئة واعتبرها “شرفا عظيما”. وكتب على تويتر يقول “إنه عرفان مدهش بتفاني أسرة برنامج الأغذية العالمي وعملها يوميا للقضاء على الجوع في أكثر من 80 دولة”. وبدأ برنامج الأغذية العالمي كتجربة لمعرفة ما إذا كان بإمكان منظومة الأمم المتحدة تقديم مساعدات غذائية وكانت أولى عملياته للإغاثة من الكوارث هي المساعدة بعد الزلزال الذي ضرب إيران في عام 1962، ولكن بعد ثلاث سنوات كرس جهوده من أجل “إنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ وبناء الرخاء ودعم مستقبل مستدام للأشخاص الذين يتعافون من النزاعات والكوارث وتأثيرات تغير المناخ”. ويرى دان سميث، مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن نوبل للسلام أسندت لمن يستحقها، فالأمن الغذائي أساسي لأمن البشر ورفاهيتهم، ومشاكل الجوع والصراعات العنيفة العالمية آخذة في الازدياد، لذلك يعمل برنامج الأغذية العالمي في المنطقة التي تتداخل فيها المشكلتان. وأوضح سميث في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن الجائزة تشير إلى نقطة حاسمة للغاية وهي أنه في الوقت الذي يتراجع فيه التعاون بين القوى العظمى، يواجه العالم سلسلة من المشاكل بينها الصراعات التي تتسم بالعنف، والجوع، حيث يتعين عليه التعاون. وبرنامج الأغذية العالمي مؤسسة تمثل ذلك. ويقول البرنامج إنه يدير 5600 شاحنة و30 سفينة وما يقرب من 100 طائرة يوميا تقدم الطعام وغيره من المساعدات. وفي عام 2019، ساعد 97 مليون شخص، وهو أكبر رقم منذ عام 2012، في 88 دولة. وأثناء جائحة فايروس كورونا، أرسلت الخدمات اللوجستية لبرنامج الأغذية العالمي شحنات طبية إلى أكثر من 120 دولة، كما قدمت خدمات لنقل العاملين في المجال الإنساني والصحة في وقت كانت الرحلات الجوية التجارية فيه غير متوفرة. وفي عام 1989، نفذ البرنامج ما وصفه بأنه أكبر عملية إنزال جوي لإمدادات إنسانية في التاريخ. إذ قامت 20 طائرة شحن بثلاث طلعات جوية يوميا لنقل 1.5 مليون طن من المواد الغذائية كجزء من عملية شريان الحياة للسودان، والتي تعاونت فيها وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية للتخفيف من حدة المجاعة التي سببتها الحروب الأهلية. ويعتمد تمويل البرنامج على التبرعات خاصة من الحكومات وأيضا من الشركات والجهات المانحة الخاصة، فقد جمع في العام الماضي حوالي ثمانية مليارات دولار. ويدير البرنامج مجلس تنفيذي يضم 36 عضوا ويعمل به 90 ألف موظف، 90 في المئة منهم تقريبا يعملون في البلدان التي يقدم فيها البرنامج المساعدة. وطور البرنامج منذ تأسيسه قبل أكثر من ستين عاما سبل تحركه. ففي حين كانت عملياته الأولى بغالبيتها تقوم على نقل المؤن من مكان إلى آخر، بات البرنامج يعمل الآن بحسب برامج غذائية وتربوية ويوزع الأموال التي جمعها لاستخدامها بالطريقة الفضلى مانحا قسائم شرائية ومبالغ مالية. وبرنامج الأغذية العالمي هو واحد من ثلاث منظمات لمساعدات غذائية تابعة للأمم المتحدة ومقرها روما والهيئتان الشقيقتان له هما منظمة الأغذية والزراعة (فاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد). ويقول البرنامج إنه يتعامل حاليا مع ست حالات طوارئ غذائية إلى جانب جائحة كورونا. وتقع هذه الحالات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال شرق نيجيريا ومنطقة الساحل في أفريقيا وجنوب السودان وسوريا واليمن.

مشاركة :