وباء كورونا يبدد أحلام شباب آسيا على طابور البطالة

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نيويورك- وفّر الاقتصاد سريع النمو في آسيا على مدى عقود الفرصة للملايين من الشباب لكي يعيشوا حياة أفضل من حياة آبائهم، لكن هذا المسار الصاعد يواجه الخطر الآن مع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب في هذه المنطقة من العالم التي تضم أكبر كتلة سكانية تتراوح أعمارها بين 15 و24 عاما. هؤلاء الشباب الذين بدأوا بالكاد حياتهم العملية، يفقدون وظائفهم بوتيرة أسرع مما يحدث مع الأجيال الأكبر سنا، لأن نحو نصف هؤلاء الشباب يتمركزون في أربعة قطاعات اقتصادية كانت الأشد تضررا من جائحة فايروس كورونا، بما في ذلك قطاعات التجارة والتصنيع والخدمات. وجاء في تقرير لبنك التنمية الآسيوي ومنظمة العمل الدولية، أن النساء الشابات وهؤلاء الذين يعملون في أدنى السلم الوظيفي من بين الأشد تضررا من أزمة البطالة الحالية، حيث حذر التقرير من سقوط “جيل الإغلاق” في بحر النسيان. هناك بصيص أمل أمام شباب آسيا في قطاعات مثل قطاع التكنولوجيا الذي ما زال يبحث عن يد عاملة مؤهلة ومن بين هؤلاء الضحايا بافيسا كيتوبانيا (26 عاما) من العاصمة التايلندية بانكوك، حيث حصلت على رخصة العمل كقائدة طائرة وكانت تخطط للسير على خطى والدها في قيادة الطائرات المدنية، ولكن عندما تفجرت جائحة كورونا تبددت خططها مع انهيار قطاع الطيران في العالم. تقول بافيسا “عندما حصلت على رخصة لكي أصبح طيارة تجارية، اعتقدت أن هذه ستكون وظيفتي طوال عمري مع دخل جيد”. وبدلا من العمل في قيادة الطائرات، اضطرت إلى العمل في مجال هوايتها وهو تزيين الرموش لكسب بعض المال إلى حين تعافي الاقتصاد، مضيفة “دخلي يمثل جزءا ضئيلا مقارنة بوظيفة الطيار، لكنه أفضل من لا شيء”. هذه القصة تتكرر في مختلف أنحاء آسيا والمحيط الهادئ حيث يمكن شطب حوالي 15 مليون وظيفة للشباب والمراهقين، في 13 دولة خلال العام الحالي. وانحازت دول آسيا خلال العقود الأخيرة للشباب وطورت طبقة متوسطة من أجل تحفيز الطلب الاستهلاكي المحلي، وهي الآلية التي تواجه الخطر الآن، فقد شكلت منطقة آسيا حوالي ثلثي معدل نمو الاقتصاد العالمي في 2019، في حين من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الصاعد في هذه المنطقة أول انكماش له منذ ستينات القرن العشرين. هذه النظرة المستقبلية تثير التشاؤم بالنسبة للفتاة نفيشا علي (17 عاما) التي تعيش في نيودلهي، فقد أمضت الشهور الستة الماضية في البحث عن عمل منتظم بعد أن فقدت عملها في مصنع ملابس صغير، وتركت المدرسة لمساعدة أسرتها بعد حادث سير أصاب والدها بالشلل منذ ثلاث سنوات. كانت نافيشا تكسب في الشهر حوالي 5500 روبية (75 دولارا) من عملها، وتنفقها على مساعدة والديها وأربعة إخوة صغار. والآن خرجت أختاها الأصغر 16 و14 عاما من المدارس وبدأتا البحث عن عمل. تقول نافيشا “إنهما تتعلمان الخياطة، كما أحاول تدريبهما على العمل في المصنع الذي اعتدت العمل فيه”. أزمة عمل أزمة عمل وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن صدمة كورونا تخلق طبقة من “الفقراء الجدد” في مختلف دول شرق آسيا مع توقع دخول 38 مليون نسمة دائرة الفقر في المنطقة. وتحذر ويي جون جيان يونغ المديرة المؤسسة لمركز أبحاث الأسرة والسكان في جامعة سنغافورة من أن هذه الأزمة ستؤدي إلى توتر العلاقات بين الشباب والأجيال الأكبر سنا، وتهدد الصحة النفسية للشباب، لتصبح أسوأ من أي أزمة فقدان وظائف سابقة. وأضافت يونغ “هذه المرة تأثير الأزمة سيكون أسوأ بسبب تعدد الضغوط التي تتزامن معها… وهذه المرة ستستمر لفترة أطول وبالتالي سيكون التأثير أشد حدة”. هذا التأثير الذي حذرت منه يونغ أصاب عائلة جي.أم ديماوناهان (22 عاما) في مانيلا، حيث اعتمد على مرتب التقاعد لوالده أثناء فترة بحثه عن عمل بعد حصوله على شهادة جامعية في علم الاجتماع. وبدلا من العمل في مجال التسويق كما كان يتوقع، انتهى به المطاف كموظف في مركز اتصالات. وأضاف ديماوناهان، إن بعض الشركات تقول إنها علقت عمليات التوظيف لديها بسبب الجائحة “وأنا تحت ضغط قوي نظرا لأنه لا أحد لديه دخل في الأسرة ولا يمكن أن نعتمد فقط على مرتب تقاعد والدي”. النساء الشابات وهؤلاء الذين يعملون في أدنى السلم الوظيفي من بين الأشد تضررا من أزمة البطالة الحالية ويقول الخبراء إن كسر تلك الحلقة المفرغة التي يدور فيها ديماوناهان وعشرات الملايين من الشباب لن يكون ممكنا دون دعم حكومي أو تعاف سريع للاقتصاد، مع السيطرة على الفايروس وعودة النشاط إلى سوق العمل في نهاية المطاف. ومع ذلك يظل هناك بصيص أمل أمام هؤلاء الشباب في قطاعات مثل قطاع التكنولوجيا، الذي ما زال يبحث عن الشباب المؤهل، فحتى الآن يواجه هذا القطاع أزمة في الحصول على الأعداد الكافية من العمالة الماهرة المدربة. تقول ويني تانغ من شركة إسري تشاينا في هونغ كونغ التابعة لإحدى شركات البرمجيات الأميركية، إن أكثر من 30 في المئة من موظفي شركتها أقل من 30 سنة. وتضيف تانغ التي تعمل أستاذة مساعدة في جامعة هونغ كونغ، أن “صناعة تكنولوجيا المعلومات تزدهر”، لكنها تعترف بأن علاج مشكلة البطالة بين الشباب سوف يستغرق سنوات. وقالت “العمال الشباب، بمن فيهم الحاصلون على درجات جامعية قد يحصلون على أجور أقل خلال السنوات العشر المقبلة، أو ربما لمدة أطول من ذلك”.

مشاركة :