تزايدت الرهانات على تكنولوجيات الجيل الخامس بعد جائحة كورونا مع الاعتماد على التقنية في ظل تأكيد تقارير أن دمج شبكة الجيل الخامس في أجهزة إنترنت الأشياء الصناعية سيوفر استجابة أسرع، ويزيد معدل نقل البيانات، ويقلل الوقت التشغيلي، ما يحسن الإنتاجية الإجمالية. الرباط - في غمرة كل الأحداث المثيرة التي شهدتها سنة 2020، لم يكن من الممكن إغفال حدث طرح شبكات الجيل الخامس لتكنولوجيا الهاتف المحمول. فهذه الطفرة التكنولوجية تثير الحماس وتعد بتحقيق مشاريع كانت حتى وقت قريب تعدّ ضربا من الخيال، في أفق إحداث ثورة في حياتنا. ومع ذلك، فإن شبكات الجيل الخامس لم تحظ بعد بإلاجماع ما بين المشغلين والتكتلات المتمسكين بها، والمنتقدين لهذه الشبكة التي قد تصل سرعتها إلى 100 ضعف سرعة شبكات الجيل الرابع. وتتيح شبكات الجيل الخامس، التي تقدم نفسها كأبرز طفرة تكنولوجية في القرن الحادي والعشرين، إمكانية تحسين التقنيات الحالية، من خلال تمديد قدرات الاتصال وتدفق الإنترنت لشبكات الجيل الرابع وشبكات “الواي فاي”. ومع ذلك، تثير هذه التكنولوجيا العديد من التساؤلات، لاسيما حول استخداماتها وتأثيرها على الصحة والبيئة. وتتعدد ميادين ومجالات استخدام هذه الشبكة، بدءا بالتحكم في السيارات المتصلة والاستعمالات الطبية، مرورا بالمدن الذكية والواقع الافتراضي، ما يجعلها بمثابة فرصة اقتصادية لفاعلي الغد، لاسيما في ظل النمو المطرد لاستخدامات وسائل الاتصال اللاسلكية. ونقلت وكالة الأنباء المغربية أنه من خلال توفير تدفق متوسط يناهز 100 ميغابايت في الثانية، قد يصل إلى بضعة غيغابايت في الثانية مع توسيع الشبكة، وفترة تأخير تقل عن جزء من الألف من الثانية، تعِد شبكات الجيل الخامس بتسريع سرعة نقل البيانات، مما سيوفر للعموم إمكانية تحسين جودة الصور بشكل كبير، وتحميل مقاطع الفيديو عالية الجودة بشكل أسرع. 3.6 تريليون دولار إسهامات الجيل الخامس في الاقتصاد مع توفير 22.3 مليون فرصة عمل كما ستستفيد الخدمات المرتبطة بالخوادم السحابية، وتجارب الواقع الافتراضي التي تستهلك الكثير من البيانات هي الأخرى من ثمار هذه الشبكة، وفقا لمتخصصين في هذا المجال، الذين أكدوا أن هذا التدفق الإضافي سيجعل من خدمة الهاتف المحمول أكثر كفاءة، وسيتيح للعديد من الأجهزة، إلى جانب الهواتف الذكية، الاتصال بنفس الشبكة في آن واحد دون انخفاض الإشارة. وسيكون بمقدور المقاولات أيضا الاستفادة من منافع هذه التكنولوجيا التي من شأنها أن تغير طريقة تواصلها مع الزبائن. فالتدفق العالي الذي توفره هذه الشبكات قد يتيح إمكانية التواصل عن طريق الروبوتات بفضل الذكاء الاصطناعي وتحقيق أقصى قيمة لسلاسل الإنتاج والخدمات اللوجستية، وتحسين المراقبة عن طريق الفيديو، ودمقرطة التتبع الطبي عن بُعد. وسيكون مصنعو الهواتف الذكية، بشكل خاص، من أبرز المستفيدين من هذه الشبكة، من خلال توفير مجموعة جديدة من الأجهزة المتوافقة مع شبكات الجيل الخامس، من شأنها أن تحقق لهم قفزة كبيرة في المبيعات، حيث يتوقع مكتب “ستراتيجي أناليتيكس” للدراسات، في هذا الصدد، أن يتم تسويق ما لا يقل عن مليار هاتف ذكي من الجيل الخامس في غضون خمس سنوات. وعلى مستوى الاقتصاد العالمي، من المنتظر أن يكون لهذه التكنولوجيا المبتكرة آثارا مهمة على النمو الاقتصادي والقيمة المضافة، حيث تقدر المفوضية الأوروبية أن تبلغ مداخيل هذه الشبكة في جميع أنحاء العالم ما يعادل 225 مليار يورو في سنة 2025. وبحسب دراسة أجرتها شركة “أي.أتش.أس ماركيت”، فإن شبكة الجيل الخامس قد تولد مساهمة اقتصادية بقيمة 3.6 تريليون دولار، وتوفر نحو 22.3 مليون فرصة عمل في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2035، عبر مختلف سلاسلها للقيمة، مبرزة أن هذه الشبكة يمكن أن تمثل مكسبا بنحو 0.2 نقطة من النمو السنوي على نطاق عالمي بين عامي 2020 و2035. وسيكون أيضا للموارد المالية للدولة نصيب من فوائد هذا الابتكار المتنقل. فأمام اختناق النطاقات التي تستخدمها شبكة الجيل الرابع، ستوظف الشبكات الجديدة نطاقات أوسع. وهكذا شرعت، بالفعل، دول أوروبية في تسويق معدات تسمح بتوفير تدفق أسرع في إرسال واستقبال البيانات. في هذا الإطار، كانت فرنسا قد أطلقت طلب عروض موجه لمشغلي الاتصالات بالبلاد من أجل الحصول على أولى ترددات الجيل الخامس، وبلغت إيراداتها من هذه العملية، وفقا للهيئة الفرنسية لتنظيم الاتصالات الإلكترونية والبريد، نحو 2.786 مليار يورو مقابل 2.17 مليار يورو متوقعة. وتعد شبكات الجيل الخامس، المثيرة للجدل والمعروفة باستهلاكها للطاقة بشكل أكبر مقارنة بسابقاتها، أكثر بكثير من مجرد تطور عبر الأجيال، فهي تمثل قبل كل شيء قطيعة مع التقنيات السابقة يرتقب أن تحدث تحولا رقميا في العديد من المجالات، على الرغم من المخاوف التي قد تثيرها. كما ستفسح هذه التقنية الطريق لعالم جديد تحدده إمكانيات ومجالات ابتكار لا حصر لها، يتم فيه تداول تدفق المعلومات والبيانات في الوقت الفعلي، بشكل يستجيب لتوقعات واحتياجات عامة الناس والمقاولات والاقتصاد. وكشفت تقارير دولية أن شبكة الجيل الخامس ستسهل وتسرع الثورة الصناعية الرابعة. وفي هذا السياق، ذكرت شركة فروست وسوليفان للاستشارات في تقرير لها في يونيو 2020، أن التكامل بين شبكة الجيل الخامس وإنترنت الأشياء الصناعية سيسرع وتيرة الثورة الصناعية الرابعة، من خلال نقل البيانات الضخمة بسرعة كبيرة، دون أي تأخير. وأجرت الشركة الأميركية تحليلًا حينها، جاء فيه أن اقتصار التطبيقات الحالية على عمليات فحص الجودة وإدارة سلاسل التوريد والتحكم الشامل بالآلات، لم يمنع تركيز المُصنِّعين على نطاقات أخرى في العمليات الصناعية، للاستفادة من مزايا اتصال الجيل الخامس وتحسين العمل ودفع عجلة الأتمتة. وقال الباحث موغانا تاشيناي، المحلل التقني للشركة، إن “دمج شبكة الجيل الخامس في أجهزة إنترنت الأشياء الصناعية، سيوفر وقت استجابة أسرع، ويزيد معدل نقل البيانات، ويقلل الوقت التشغيلي، ما يحسن الإنتاجية الإجمالية، ويعزز أتمتة العمليات الصناعية والتحكم، ويسمح لأجهزة إنترنت الأشياء الصناعية الداعمة لتقنية الجيل الخامس بتقليل تعقيد شبكات سلسلة التوريد وإدارة المستودعات، ويساعد الشركات على العمل بكفاءة في بيئات الأعمال النشطة”. تقنيات الجيل الخامس تتيح إمكانية التواصل عن طريق الروبوتات بفضل الذكاء الاصطناعي ودمقرطة التتبع الطبي عن بُعد وأضاف “ستلعب شبكات الجيل الخامس دورا محوريا في تأمين استدامة الأعمال في ظل وباء فايروس كورونا المستجد، إذ ستدعم سرعة الاستجابة والتغطية الجيدة الحاجة إلى جمع المعلومات في الوقت الحقيقي، ما يدعم الصناعات المستقبلية، ويسمح بالاستغناء عن العمل في المكاتب”. ورجحت الشركة أن تلعب شبكات الجيل الخامس دورا محوريا في جمع البيانات في الوقت الحقيقي، وإتاحة وقت تشغيلي أكبر، والحد من مخاطر وتأثير الانقطاعات والأخطاء، في قطاع النفط والغاز؛ العمود الفقري لاقتصاديات العالم العربي، ما يسهم في دفع عجلة التطور. وأشارت الشركة إلى أن قطاع البنوك والخدمات المالية والتأمين يجري الملايين من التعاملات يوميًا؛ ومعظمها روتيني ومكرر، ولذلك ستسرع تقنية الجيل الخامس المتكاملة مع إنترنت الأشياء تلك التعاملات بدقة أكبر، من خلال تقليل عامل الخطأ البشري وتحسين الإنتاجية. وذكرت الشركة أن التقنيات المتقدمة ستتيح للعاملين في قطاع تجارة التجزئة أتمتة جميع المعاملات، من خلال علامات تحديد الترددات اللاسلكية الجاهزة لشبكات الجيل الخامس القابلة للإضافة إلى المنتجات أو سلال الشراء، لتسهيل عمليات الدفع التلقائي في المتاجر، ما يؤدي إلى متاجر دون محاسبين، ويقلل الاحتكاك البشري. وأضافت الشركة أن شبكات الجيل الخامس ستسهل نقل البيانات بين جميع الخوارزميات والحساسات والأجزاء الميكانيكية، لتحقيق أداء أفضل للسيارات ذاتية القيادة، فضلًا عن تطوير المركبات العاملة بتقنية الجيل الخامس لنظام متصل ينقل البيانات ويستلمها في الوقت الحقيقي بفعالية. وبصرف النظر عن الاتصال بين السيارات، فإن التفاعل مع نظام المرور العامل بتقنية الجيل الخامس، سيتيح نقل البيانات مسبقًا لتحقيق تجربة قيادة أفضل في جميع الظروف. وأطلق مزودو الخدمة شبكة الجيل الخامس للاتصالات، ما يُعرَف اختصارًا باسم 5 جي لتكون بديلًا أسرع لشبكة الجيل الرابع، وتمتاز الشبكة الجديدة بأنها تنقل البيانات بسرعة أعلى من الجيل السابق. وتنقل شبكة الجيل الخامس بيانات بحجم أكبر في زمن أقل، إذ تصل سرعتها إلى ما بين 20 و60 ضعف سرعة الجيل الرابع. ويستغرق الاتصال بين الأجهزة زمنًا أقل. مع ميزة اتصال أجهزة أكثر ببعضها في الوقت ذاته. وسيؤدي ذلك إلى ثورة في التطبيقات على مستوى قطاعات متعددة، من بينها الرعاية الصحية والصناعات الثقيلة والتصنيع والطاقة وتجارة التجزئة والخدمات المالية ومجالات عديدة أخرى. وسيعزز الجيل الخامس الابتكار، مثل نمو الاقتصاد الرقمي بعد إطلاق الجيل الرابع بفضل المنصات الجديدة؛ مثل أوبر و”إير بي.أن.بي” الأميركيتين، والنمو الكبير لفيسبوك.
مشاركة :