تمثل قناة السويس الجديدة فتحاً مهماً في السياسة الاقتصادية في مصر وهي بمثابة أول معالم النهضة في ظل النظام السياسي برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي. لقد تابعت وسائل الإعلام المصرية بوجه خاص والعربية والعالمية بوجه عام خلال الأسبوع الماضي بكثافة هذا الحدث المهم في تاريخ مصر الجديدة. ولذلك لن نتعرض للتغطية الإعلامية أو البيانات العامة وإنما نركز على نقطتين مهمتين الأولى النتائج الايجابية للقناة لمصر وللاقتصاد الدولي والأمن المصري الشامل والثانية ما هي الرسائل التي تبعثها مصر لشعبها وللعالم بهذه القناة وافتتاحها. والافتتاح كما يبدو من الاستعدادات سيكون متميزا بشكل يلفت النظر لأهمية مصر ولدورها ولسياستها الخارجية والتنموية. ومن هذا المنطلق وجهت مصر الدعوة لعدد من قادة الدول العربية والأجنبية. وكان في مقدمة من لم يترددوا في التعبير صراحة عن قبولهم الدعوة والمشاركة في الافتتاح جلالة الملك حمد بن عيسى عاهل البحرين، وهذا يدل على أصالة جلالته وحبه لمصر وشعبها وهما يبادلانه حبا بحب وتعكس هذه المشاركة علاقة خاصة من الثقة والتفاهم بين القياديتين البحرينية والمصرية والتي اختبرت عبر التاريخ الحديث منذ مساندة مصر للبحرين لكي تحقق استقلالها ومساندتها من تهديدات بعض دول الجوار بادعاءات تاريخية لا أساس لها من التاريخ أو الوقائع الثابتة. وكذلك تعبر الزيارة عن محبة الشعب البحريني من مختلف طوائفه للشعب المصري ويقدر البحرينيون بوجه خاص ثلاثة أمور تقوم بها مصر تجاه الشعب البحريني أولها إنها من أوائل الدول التي ارسلت بعثات علمية منذ العشرين في القرن الماضي لتعليم الشعب البحريني وكانت ترسل المناهج وتتولى الامتحانات في ذلك الحين، ويتم كل ذلك على نفقة الحكومة المصرية باعتبار تضامنها الأخوي مع حكومة وشعب البحرين وخاصة انه يتشابه مع الشعب المصري في كثير من الخصائص الذاتية والاجتماعية من تسامح واعتدال واستيعاب للآخر وسبقه الحضاري منذ حضارة دلمون، وكذلك كان الشعب البحريني تحت الحماية الانجليزية يهرب الصحف والمجلات المصرية عبر الهند إلى البحرين حبا في التعرف على ما يحدث في مصر ومواقفها ولعل مما يذكر أن حب الشعب المصري لشقيقه البحريني والمنح التي كانت تقدمها الحكومة المصرية شملت طوائف الشعب كافة بلا تمييز أو تفرقة وهذا ما لمسته في البحرين في تعاملي عبر الطوائف المختلفة من يقول لي إنه تعلم في مصر ويعبر عن ذكرياته وحياته هناك بل إن بعض الشخصيات التي لم تتعلم في مصر كانت كتاباتها متأثرة بدرجة ملحوظة بالفكر والكتابات السياسية والأدبية والفكرية والثقافية أمثال محمد جابر الأنصاري. ولقد تعلمت من كتبه الكثير عن المفكرين والكتاب المصريين. وثانيها المساندة الفورية من خلال تعبيرات وتصريحات المصريين عبر تاريخ البحرين التي تدين أية تدخلات أجنبية في شئونها الداخلية وأية افتراءات ذات بُعد تاريخي مشكوك فيه بل الثابت هو عكس كل تلك الادعاءات. وثالثها التناغم الفكري بين القيادات المصرية من عبدالناصر إلى السيسي وبين المسئولين البحرينيين حتى أن وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة كانت أول تغريدة على «تويتر» الشخصي له بعد ثورة 30 يونيو ومساندة الجيش المصري لها تقول «طاب العنب طاب يا أبوعبدالفتاح نادي على الناطور يعطينا المفتاح» وهذا دليل على عمق المحبة بين مصر والبحرين على مختلف المستويات، وكان رد عبدالفتاح السيسي وتجاوبه سريعا وواضحا بقوله «إن مصر تساند البحرين ودول الخليج العربية وإنه لو استدعى الأمر سيجدون الجيش المصري مسافة السكة». كما وجهت مصر دعوات لأكثر من 1700 صحفي من خارج مصر ليروا بأعينهم طبيعة وحجم الانجاز ولكي يفندوا الدعاوى المضادة التي تقلل من أهمية القناة ويروجها بعض أشخاص متحيزين، وربما لا يعرفون أو لا يرغبون أن يعرفوا لتبرير فشلهم وأنصارهم. ولحسن الحظ أن شعب مصر والرئيس السيسي حريصون على الانجاز وتجاهل مروجي الإشاعات والاكاذيب وهذا ما جعل السياسة الأميركية والأوروبية وغيرها تتغير تجاه مصر في الشهور الأخيرة. وبالنسبة لنتائج وفوائد القناة الجديدة لمصر و للامن القومي والاقتصاد العالمي فإنه يمكن القول إن أبرز النتائج ربط سيناء بالدلتا. وخلق مليون فرصة عمل. وتعمل القناة الأصلية والجديدة بتناغم يعزز ويؤدي لزيادة الإنتاج العالمي والتجارة الدولية وخاصة نتيجة إنشاء منطقة التنمية بالتكامل بما يعكس الفكر الاقتصادي الجديد وليس النظرة القديمة للقناة باعتبارها ممراً مائياً فقط وإنما منطقة تنمية وجذب للاستثمار الوطني والعربي والأجنبي كما ستؤدي عوائد التنمية ورسوم القناة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ومضاعفة السياحة خلال السنوات الخمس القادمة. أما دور القناة في تعزيز الأمن القومي الشامل فهو تماما على النقيض مما تروجه أجهزة إعلامية مغرضة أو بعض الإعلاميين والصحافيين لحاجة في نفس يعقوب، فإن القناة ستؤدي أيضا لتعزيز مفهوم الأمن في أبعاده المتعددة فمن الناحية السياسية: إثبات إرادة الشعب المصري وقدرته على الانجاز وهذا ينقل صورة ايجابية عن الشعب المصري وإمكاناته للعالم الخارجي، وللشركات متعددة الجنسيات في الدول الصناعية الكبرى. والبعد الاقتصادي: فتح المجال للمؤسسات الاقتصادية الكبرى كما تجلى في ردود الفعل للاقتصاديين الذي شاركوا في مؤتمر دافوس الاقتصادي ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي. ومن الجدير بالذكر انه يعبر القناة حاليا 80 في المئة من حجم التجارة العالمية والإنتاج العالمي نتيجة المشروع الجديد الذي سيضاعف حركة المرور ومن ثم تزداد حركة التجارة العالمية والإنتاج العالمي لتوفير وقت المرور. وتكاليف النقل لقصر الوقت. وهذا سيؤدي لمزيد من الاستثمارات في منطقة القناة وخاصة من الصناعات والشركات الكبرى مما سوف يسهم في خفض نسبة البطالة في مصر. الجانب الأمني: تزداد أهمية الممرات الدولية بزيادة حركة التجارة العابرة لها وهذا سيعزز من دور الاتفاقيات الدولية لحمايته مما يترتب عليه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. الجانب الاجتماعي: توفير فرص العمل، ما يؤدي لزيادة الدخل ومستوى المعيشة. الجانب العسكري: يعزز إمكانات وقدرات الجيش المصري على الحركة والانتشار للدفاع عن مصر وعن سيناء بوجه خاص. الأمن الغذائي: ينتج من المشروعات المصاحبة ومنها مشروعات الاستزراع السمكي، ومناطق لوجستية للغلال، تطوير البيئة وتحسينها، منطقة وادي التكنولوجيا والمدن الجديدة مثل الإسماعيلية الجديدة، العريش الجديدة. البعد الاستراتيجي: سوف تتعاظم الأهمية الإستراتيجية لمصر للاعتبارات السابقة ذكرها. يمكن القول إن أهم الرسائل المعنوية والسياسية: لقناة السويس الجديدة هي الأولى: للشعب المصري بجدية القيادة والنظام السياسي في إحداث تغيير في الأداء والإنتاج ومتابعة الانجاز. والثانية للعالم العربي بأن مصر حريصة على العودة إلى مكانتها الطبيعية وان هذا بفضل التعاون والمساندة الخليجية بوجه خاص وجهود الشعب وإرادته. والثالثة للعالم الخارجي بأن الشعب المصري يتميز بحسن الأداء وسرعة الانجاز وانه يهدي القناة الجديدة للتجارة العالمية والاقتصاد العالمي والرابعة للجماعات الإرهابية والإخوان بأنه لا جدوى من الإرهاب والعنف وانه من الأفضل الانضمام لصفوف الشعب والعمل السياسي الوطني في إطار الدستور والقانون وإن عقارب الساعة لن تعود للوراء.
مشاركة :