بغداد - يبحث البرلمان العراقي اليوم عن فرصة لحسم الجدل حول التصويت على قانون الانتخابات المبكرة بعقده جلسة للنظر في المادة 15 من قانون الانتخابات الجديد المتعلقة بالدوائر الانتخابية التي هي موضع خلاف شديد بين الكتل النيابية في البرلمان، لإتمام التصويت على القانون الجديد. ومن المقرر أن تجري الانتخابات النيابية المبكرة في البلاد في يونيو 2021، إلا أنّ قانون الانتخاب مازال محلّ جدل واسع داخل البرلمان. وطُرح إجراء انتخابات نيابية مبكّرة كحلّ للمأزق العويص الذي انتهت إليه العملية السياسية في العراق بفعل حالة الغضب الشعبي الشديد والرفض القطعي المعبّر عنه في انتفاضة شعبية انطلقت في أكتوبر من العام الماضي، للطبقة الحاكمة في مختلف مواقع القرار بما في ذلك مجلس النواب (البرلمان) الذي يقوم بدور محوري في النظام القائم حيث يدخل ضمن اختصاصاته منح الثقة لرئيس الحكومة المعيّن ومراقبة عمل حكومته وسحب الثقة من أعضائها عند تسجيل إخلالات في عملهم، لكنّ البرلمان العراقي تحوّل إلى جزء من المشكلة وأصبح أداة لممارسة الفساد وتسهيل عقد الصفقات بين الفاسدين والتغطية عليهم، ما يفسّر حالة الغضب الشعبي تجاه أعضائه. وسيدخل نواب البرلمان إلى الجلسة في ظل عدم اتفاق بين جميع الكتل النيابية حول مواضيع توزيع المقاعد في المحافظات وكوتا النساء وتمثيل الأقليات في الدورة البرلمانية المقبلة وخاصة في المحافظات التي فيها أكثر من مكون اجتماعي لضمان تمثيل جميع الأقليات في المحافظات المختلطة. ولم تحسم القوى السياسية حتى الآن خلافاتها بشأن عدد مقاعد البرلمان في دورته القادمة، إذ يرى متابعون أن عدد المقاعد الذي وُضع في 2018 بناء على تقدير تقريبي لعدد السكان، لن يكون صالحا في 2021، حيث يشهد العراق نحو مليون ولادة جديدة سنويا. لكن هذه النقاشات تصطدم بواقع الضغط الشعبي لتقليص عدد مقاعد البرلمان، ضبطا للنفقات، في ظل أزمة مالية خانقة تعانيها البلاد بسبب انهيار أسعار النفط، بالتزامن مع جائحة كورونا. وكانت الحكومة العراقية الحالية قد حددت منتصف العام المقبل موعدا لأجراء الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة في البلاد. وأفادت مصادر عراقية بأن نحو 26 مليون عراقي يحق لهم المشاركة في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق. واعتمد العراق في تجاربه الانتخابية السابقة طريقة التمثيل النسبي مع معاملة المحافظة كدائرة واحدة وفقا لنظامي القوائم المغلقة والمفتوحة، وهو الأمر الذي سمح بفوز مرشحين حصلوا على أصوات قليلة، لمجرد أن القوائم التي تدعمهم حصلت على أصوات كثيرة. ونتيجة للاحتجاجات الشعبية الواسعة منذ أكتوبر 2019، تخلى البرلمان عن اعتماد صيغة التمثيل النسبي في قانون الانتخابات الجديد، بعدما بقيت سارية منذ 2005، وأقر تعديلا جوهريا على قانون الاقتراع العام، تتحول بموجبه المحافظة من دائرة انتخابية واحدة إلى عدة دوائر بحسب عدد المقاعد المخصصة لها في البرلمان، لتصبح دائرة لكل مقعد، بدلا من دائرة لكل محافظة. ويدعم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي صيغة الدائرة لكل مقعد، لكنه منفتح على مناقشة مقترح ينص على اعتبار كل محافظة أربع دوائر انتخابية، أو اعتبار العراق كله 80 دائرة انتخابية، تنتج كل واحدة 4 نواب، ليصبح عدد نواب البرلمان الجديد 320 قبل إضافة ممثلي الأقليات. وكان الكاظمي قد تعهّد الأسبوع الماضي بأن تكون الانتخابات “نزيهة وبعيدة عن سطوة السلاح والتزوير”، داعيا المفوضية العليا للانتخابات إلى إكمال الأمور الفنية الخاصة بإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، المقررة في 6 يونيو 2021. وتتوقع مصادر سياسية استمرار الجدل بشأن قانون الانتخابات ما لم يتدخل ضغط الشارع لدفع الأحزاب نحو القبول بخيارات ربما تضر بجزء من مصالحها.
مشاركة :