قال الكاتب محمود علي : “منذ سبعينيات القرن الماضي ظلت الكويت تمثل مركزاً ثقافياً عربياً مشعاً ووجهةً لكل الأدباء والمثقفين والسياسيين العرب، وكان لمؤسساتها الحكومية والأهلية دور مشهود في خدمة الثقافة العربية وفي مجالات مختلفة، فلم يخل بيت عربي من مجلة العربي الشهيرة، ولم يبقَ كاتب كبير أو مثقف أو فنان إلا وكانت الكويت مضيفه الكريم، ويكفي أن تنظر إلى رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على مجلة العربي اللامعة من مختلف المرجعيات الفكرية والسياسية ومن قامات الثقافة والأدب، لتعرف تلك المكانة التي صنعتها الكويت في الساحة الأدبية والثقافية العربية.” وتابع خلال مقال له منشور في صحفة “عكاظ” بعنوان “ماذا تريد قطر من الكويت ؟”هذه المكانة بالضبط هي أول شيء حطت عليه المجموعة الجديدة التي حكمت قطر منتصف التسعينات عينيها… بدأت المجموعة خطتها بهجوم كاسح شنته قناة الجزيرة على من أسمتهم «مثقفي الخليج»، مثقفي الدولار ومنظري ساعات الرولكس والفنادق الفاخرة، وكانت تشتمهم خلال عروض إعلامية متواصلة بأقذع الألفاظ. وأضاف: من بين دول الخليج تم التركيز على دولة الكويت، حيث تطورت الحملة تجاهها إلى ما يشبه عملية اغتيال معنوي لشعب بكامله، فقد تم استغلال الخلاف مع العراق لتكثيف الهجوم على الكويت وإعطائه أبعادا أكثر عدوانية، فمن خلال عدة عروض إعلامية تم وصم دولة الكويت بأنها شوكة في خاصرة الأمة… بدأت حملة فوبيا الخليج تؤتي أكلها، وبدأ مثقفون عرب كبار يتحرجون من الظهور في أي ندوة خليجية -كويتية، وتزامن ذلك مع عودة مثقفين مصريين معروفين من الكويت وبعض دول الخليج الأخرى إلى بلادهم… لكن ذلك لم يكن إلا نصف الحكاية فقد بدأت إمارة قطر الجزء الثاني من الخطة، حيث تمت أكبر عملية شراء وسمسرة ثقافية في تاريخ الثقافة العربية. وأردف: في البداية تم اجتذاب جميع أولئك الذين أخذوا الشهرة والمكانة منهم إلى الدوحة كضيوف دائمين على قناة الجزيرة، ثم بدأ إنشاء مراكز الدراسات وفروع المراكز البحثية الغربية، ليتم ضم أكبر عدد من المثقفين العرب، ومع توسع خيوط الجزيرة استطاعت قطر بناء جيشٓ مرتزقة ثقافياً ضخماً، استقطب هذا الجيش مثقفين عرباً من كل الجنسيات والتوجهات حتى وصل الأمر إلى محاولة جريئة لتهجين كامل للثقافة العربية. في النهاية استقطبت قطر كل المثقفين العرب القابلين للتجنيد أو الاحتواء، واعتقدت قطر أنها أخذت مكانة الكويت الثقافية ليتوقف أي حديث عن تأجير دول الخليج للمثقفين العرب!. وأكمل: جب الاعتراف أن تلك الهجمة ألحقت الكثير من الأذى بدولة الكويت شعباً وحكومة في نفوس بعض العرب، وذلك رغم المكانة الكبيرة والرصيد الهائل الذي تمتلكه الكويت في الوطن العربي ورغم تصدي مثقفين كويتيين وخليجيين لها أذكر منهم على سبيل المثال المرحوم أحمد الربعي… لكن ما لم يتوقعه أحد أن يظهر في الكويت نفسها تيار سياسي يدين بالولاء لقطر، ويبدو تياراً غير متجانسٍ من حيث الخلفية الفكرية، يضم نواباً وصحفيين ورجال دين وحتى مشاهير السوشيال ميديا، يهاجم هذا التيار كل من وقف مع الكويت في الأوقات الصعبة ومعاركها المصيرية، ويسبحون بحمد قطر وحليفتها تركيا ولو كان على حساب الكويت نفسها، نشاط هذا التيار المهجن كان حاضراً مع بداية ما يعرف بالربيع العربي ووصل بهم الأمر إلى التعريض بشخص الأمير والظهور على قنوات أجنبية معبرين عن ولائهم لدول أخرى ولم يدخروا فرصة للنيل من مؤسسات الدولة، اليوم ولما يجف بعد ثرى الأمير المرحوم صباح جابر الأحمد الصباح بدؤوا في الهمز واللمز والنيل من حلفاء الكويت الحقيقيين مستغلين اللحظة الأليمة والعاطفة الجياشة التي خلفتها وفاة الأمير، حنكة الأمير الراحل استطاعت احتواء هذه الشرذمة رغم نشازها عن طبيعة المجتمع الكويتي بصفة خاصة والخليجي عامة، وتبدو المجموعة ولسبب ما في حالة ذعر وارتباك من تسلم الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح لمقاليد الحكم. وأضاف: كل من عايش الهجوم القطري الممتد من منتصف التسعينات وحتى سنة 2013 ستكون صدمته كبيرة لظهور هكذا تيار في دولة الكويت، ولن يجد بداً من أن يسأل نفسه كيف ظهر هذا التيار؟ وهل يمتلك هؤلاء الناس ذاكرة سمكة، أم يعتقدون أن الجمهور الكويتي والعربي هو من يمتلك ذاكرة السمكة؟ أم أنه تم شراؤهم بكل بساطة؟. واختتم مقاله قائلا: ربما هؤلاء الأشخاص بالضبط هم من كانت تنطبق عليهم كل تلك الأوصاف الشنيعة التي أطلقتها قناة الجزيرة كذباً وبهتاناً على الشعب الكويتي.
مشاركة :