ميليشيات إيران "تهادن" واشنطن والأيادي على الزناد

  • 10/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - قال فصيل عراقي اليوم الأحد إن مجموعة من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران اتفقت في ما بينها على تعليق هجماتها الصاروخية على القوات الأميركية شريطة أن تقدم الحكومة العراقية جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأميركية.وتأتي الهدنة المشروطة في سياق تطورات مقلقة يعيشها العراق على وقع مؤشرات قوبة تشير إلى أن الولايات المتحدة التي لوحت بغلق سفارتها في بغداد إذا استمرت الهجمات الصاروخية على قواتها ومصالحها، تحضر لعمل عسكري ضد الميليشيات المسلحة الموالية لإيران.ويرجح أن الهدنة المشروطة التي أعلنها المتحدث باسم كتائب حزب الله الذي تتهمه واشنطن بالوقوف وراء الهجمات الصاروخية والذي تعرضت مقراته للقصف بطائرات أميركية مسيرة في أكثر من مرة، ناجمة عن مخاوف من ردّ فعل أميركي عنيف.وتحتمل الهدنة المشروطة تفسيرين أولهما أن الفصائل الشيعية العراقية تتحسب بالفعل لردّ فعل أميركي عنيف في خضم الحسابات الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يخوض الاستحقاق الرئاسي المقرر في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني برصيد اضعف من منافسه الديمقراطي جو بايدن ويحتاج إلى رفع أسهم شعبيته بعمل حازم وحاسم ضد تلك الميليشيات التي تشكل بالنسبة للأميركيين تهديدا لمصالحهم وأمن قواتهم في الخارج.والتفسير الثاني هو أن تلك الفصائل تريد فقط توجيه رسائل ضغط لواشنطن ولرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي دخل معها في معركة لي أذرع ضمن حملة أمنية لكبح نفوذها وحصر السلاح بيد الدولة.وبالفعل فإن الكاظمي الذي يتهمه الموالون لإيران بالتقرب من الولايات المتحدة، بدأ خطوات عملية ميدانيا كما راسل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني محذرا من التداعيات الأمنية لغلق السفارة الأميركية في بغداد.ويعتقد أن رئيس الوزراء العراقي الذي لا يملك القدرة والقوة لكبح ميليشيات إيران ولا هامشا واسعا للتحرك، يترقب موقفا من السيستاني لمساعدته على احتواء انفلات "السلاح الشيعي".  والأرجح ضمن الاحتمالين أن تلك الميليشيات تتحسب لرد فعل أميركي عنيف ذلك أنه سبق للرئيس الأميركي أن أعطى أوامر في هذا الاتجاه من ضمنها ضرب موقع لكتائب جزب الله قتل فيه 25 من مسلحيها وأمر آخر بتصفية قائد فيلق القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني الذي قتل إلى جانب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهمدي المهندس في غارة أميركية في بغداد فجر الثالث من يناير/كانون الثاني.وقال محمد محيي المتحدث باسم كتائب حزب الله إن "الفصائل أعطت هدنة مشروطة وهذه الهدنة المشروطة موجهة للحكومة العراقية بالذات لأنها هي المعنية بتنفيذ قرار مجلس النواب"، مضيفا أن الاتفاق "أساسا يشمل جميع الفصائل، الفصائل التي ربما أيضا تستهدف القوات الأميركية".وقال إن على الحكومة العراقية أن تنفذ قرارا برلمانيا صدر في يناير/كانون الثاني ودعا لانسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق.وكان البرلمان العراقي أصدر هذا القرار بعد ضربة أميركية بطائرة مسيرة في مطار بغداد أدت إلى قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني وقائد الفصائل الشيعية في العراق نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، الأمر الذي أثار مخاوف من مواجهة إيرانية أميركية شاملة على الأراضي العراقية.وقال محيي إنه لا توجد مهلة محددة لكي تنفذ الحكومة القرار، لكنه حذر من أنه "إذا لم يحترم الأميركيون قرار المجلس العراقي فبالتأكيد ستستخدم الفصائل كل الأسلحة المتاحة لديها".وقال إن إطلاق صواريخ الكاتيوشا على القوات الأميركية والمجمعات الدبلوماسية "كانت رسائل إلى الأميركان" وإن هجمات أشد قد تقع في ما بعد.ويحمّل مسؤولون أميركيون كتائب حزب الله مسؤولية شن عشرات من الهجمات الصاروخية على المنشآت الأميركية في العراق. وتنفي كتائب حزب الله شن هذه الهجمات.وقد أعلنت فصائل أصغر لم تكن معروفة من قبل مسؤوليتها عن بعض الهجمات. ويعتقد مسؤولون أمنيون عراقيون أن هذه الجماعات مرتبطة بكتائب حزب الله وفصائل أخرى أكبر متحالفة مع إيران.وجاء الإعلان عن الهدنة المشروطة بينما قال الجيش العراقي إن قنبلة على جانب طريق انفجرت اليوم الأحد في قافلة بجنوب العراق كانت تنقل عتادا للتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في البلاد. وأدى الانفجار إلى إتلاف إطار سيارة دون وقوع ضحايا. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.لماذا يخشى الكاظمي غلق السفارة الأميركية في بغداد؟وسبق لرئيس الوزراء العراقي أن حذّر من تداعيات احتمال غلق واشنطن لسفارتها في بغداد، مؤكدا أن القوات الأجنبية في العراق ومن ضمنها القوات الأميركية ليست قوات احتلال كما تقول الفصائل الشيعية المسلحة وإنما جاءت بطلب من الحكومات العراقية المتعاقبة للمساعدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، وهي تصريحات نددت بها فصائل في الحشد الشعبي.ويسلط تقرير نشره موقع 'ميدل ايست اي' قبل فترة الضوء على سيناريوهات ستعقب قرار غلق السفارة الأميركية في بغداد وهو السيناريو الذي يتوجس منه الكاظمي وأيضا الفصائل الشيعية المسلحة.وقد أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة وضعت خارطة أهداف تضم 80 موقعا عراقيا وقادة ميليشيات شيعية مرتبطة بإيران، سيتم استهدافها بعيد الإغلاق المحتمل للسفارة الأميركية.وحسب المصدر ذاته تشمل قائمة الأهداف المواقع والمقرات السرية والملاجئ لكل من هادي العامري وقيس الخزعلي زعيمي منظمة بدر وعصائب أهل الحق بالإضافة للمواقع المرتبطة بكتائب حزب الله.ونقل التقرير عن سياسيين عراقيين وقادة مجموعات مسلحة قولهم، إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أبلغ الرئيس العراقي بهرم صالح في اتصال هاتفي في 20 سبتمبر/ايلول أن واشنطن ستغلق سفارتها في بغداد في حال استمرت الهجمات على مصالحها وعلى القوات الأجنبية وفي حال ما لم تقم الحكومة العراقية بما يلزم لوقف تلك الهجمات. كما شاركه المئات من الصور بالأقمار الصناعية عن المواقع الثمانين.وعلق سياسي شيعي على تهديدات بومبيو بالقول "رسالة الأميركان كانت واضحة، إن لم تتصرفوا أنتم، فسوف نتصرف نحن.. والسماح بذلك أن يحصل يعني حربا مفتوحة في بغداد وخروج أميركا من العراق يعني أن الحرب وشيكة".وأثارت المعلومات عن تهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد بحالة من الذعر كونها شكلت بمضامينها وتوقيتها تحذيرا للكاظمي بأن الولايات المتحدة ستتخلى عنه وهو الذي حظي بترحيب أميركي كبير حين تمت تسميته رئيسا للوزراء وحين زار البيت الأبيض في أغسطس/اب.ويخشى معسكر الكاظمي أن يقود غلق السفارة الأميركية إلى اغلاقات مماثلة للبعثات الدبلوماسية الأخرى وهو ما يعني أيضا الانهيار السياسي والاقتصادي وإطلاق العنان للطائفية والانقسامات المذهبية وسقوط الحكومة.وفي مقابل هذه المخاوف، فإن ثمة قلق داخل الولايات المتحدة من أن تقوم مجموعات موالية لإيران بشن هجمات عنيفة على السفارة الأميركية قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني.ونقلت موقع 'ميدل ايست اي' عن مسؤول عراقي فضل عدم كشف هويته، أنه عقب تلك التطورات، استدعى الرئيس العراقي كل من رئيس الوزراء ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس المجلس القضائي للمحكمة العليا لمناقشة الوضع بناء على ما صدر عن الجانب الأميركي.وعلى اثر الاجتماع، كثفت الحكومة من تحركاتها الدبلوماسية فأرسلت وزير الخارجية فؤاد حسين إلى طهران في 26 سبتمبر/أيلول لطلب المساعدة من إيران في ضبط الفصائل المسلحة، وفق تأكيدات سياسيين ومسؤولين في حكومة الكاظمي.ويبدو أن الهدنة التي أعلنتها كتائب حزب الله نيابة عن عدة مجموعات مسلحة جاءت بأمر من إيران التي تحتفظ بنفوذ واسع وقادرة على تحريك ميليشياتها في العراق في أي لحظة.

مشاركة :