القدس - عبّرت إسرائيل عن اعتراضها على حصول قطر على مقاتلات أف-35 المتطوّرة من الولايات المتّحدة الأميركية، وذلك في إطار حفاظ تلّ أبيب على تفوّقها العسكري في المنطقة حيث يشكّل سلاح الطيران أحد أبرز مقومات ذلك التفوّق. ولا ترتبط قطر بعلاقات رسمية مع إسرائيل، لكن العديد من المصادر كثيرا ما تتحدّث عن علاقات سرية متطورة بين الدوحة وتلّ أبيب، وهو ما يظهر في جزء منه من خلال تعويل الجانب الإسرائيلي على الجانب القطري في عقد صفقات تهدئة جزئية مع حركة حماس تقوم على السماح لقطر بمنح تمويلات لقطاع غزة الخاضع لسيطرة الحركة وتمرير الأموال عبر إسرائيل في مقابل وقف حماس رشق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية القريبة من القطاع. واعتاد المختصّون في الشؤون العسكرية والأمنية على إثارة الأسئلة بشأن الفائدة العملية لصفقات السلاح باهظة الثمن التي تعقدها الدوحة مع كبار المصنّعين الغربيين، بالنظر إلى صغر حجم قواتها المسلّحة، وعدم حاجتها الفعلية لحماية مجالها الواقع عمليا ضمن حماية الولايات المتّحدة التي تحتفظ على الأراضي القطرية بقاعدة عسكرية ضخمة تؤوي نخبة من قواتها مدجّجة بأحدث الأسلحة. ولا يستثني هؤلاء وجود غايات سياسية وراء إقبال قطر على اقتناء الأسلحة من دول بعينها تتمثّل في شراء ودّ تلك الدول وصداقتها من خلال تمكينها عبر صفقات السلاح من جزء هام من ثروة قطر المتأتية من الغاز الطبيعي. ويؤكّدون وجود حاجة قطرية لاستخدام المال في حماية علاقاتها مع دول الغرب بفعل ما لحق بصورتها من أضرار جرّاء دورها في دعم التشدّد والعلاقات التي تربطها مع جماعاته. ويلفتون إلى أنّ قطر تحرص على التوازن في اقتناء الأسلحة إرضاء لمختلف الشركاء الغربيين، حيث حرصت خلال السنوات الأخيرة على شراء طائرات مقاتلة من كلّ من فرنسا وبريطانيا. ودفعت للندن منذ 2017 حوالي 5.1 مليار جنيه إسترليني (6.3 مليار دولار)، للحصول على 24 طائرة من طراز تايفون، بينما دفعت لباريس حوالي 7 مليارات دولار للحصول على طائرات رافال من شركة داسو الفرنسية. وقال وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين الأحد، إن بلاده ستعارض أي صفقة لبيع مقاتلات أف-35 الأميركية لقطر، مرجعا ذلك إلى ضرورة الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة. وأدلى كوهين بهذه التصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي عندما سئل عن تقرير سابق لوكالة رويترز يفيد بتقديم الدوحة طلبا رسميا لواشنطن من أجل شراء الطائرات المقاتلة الشبح. صغر حجم القوات القطرية ووجود الدوحة ضمن نطاق الحماية الأميركية يجعلان صفقات التسلح القطرية عديمة الجدوى ونقلت الوكالة في وقت سابق عن ثلاثة مصادر قولها إنّ قطر قدمت طلبا رسميا للولايات المتحدة لشراء المقاتلات المذكورة. وذكرت المصادر المطلعة على الصفقة أن قطر قدمت طلب الحصول على الطائرات التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن في الأسابيع القليلة الماضية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “سياسة الولايات المتحدة هي عدم التأكيد أو التعليق على مبيعات الدفاع المقترحة أو التسليم إلا بعد إخطار الكونغرس بها رسميا”، بينما لم ترد السفارة القطرية في واشنطن على طلب للتعقيب. وعادة ما يحتوي الخطاب الرسمي على مواصفات سيتم استخدامها لوضع بيانات السعر للعميل. ويصل سعر الطائرة أف-35 إيه، وهي من الجيل الخامس للطائرات الشبح، حاليا إلى حوالي 80 مليون دولار. وقد تستغرق صفقة بيع الطائرات أف-35 سنوات للتفاوض والتسليم مما يعطي أي إدارة جديدة في البيت الأبيض فسحة من الوقت لوقف الصفقات. ويتعين موافقة الكونغرس على أي صفقة بيع. وتستضيف قطر على أراضيها أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط يتمركز فيها ثمانية آلاف من الجنود الأميركيين والموظفين المدنيين بوزارة الدفاع. وفي واشنطن، قال مصدر رابع على دراية بموضوع مقاتلات أف-35 إن مخاوف بشأن علاقة قطر بحركة حماس الفلسطينية ظهرت على السطح كثيرا في ما يتعلق بمبيعات الأسلحة للدوحة. لكن في حالة بيع طائرة حربية متطورة كالمقاتلة أف-35 فقد يؤدي ذلك إلى انهيار الصفقة. وقال أحد المصادر إن الخطاب القطري لطلب الطائرات وهو أول خطوة رسمية في الإجراءات القانونية لمبيعات السلاح الخارجية، ليس مرتبطا ارتباطا مباشرا بقبول قطر لاتفاق السلام الموقّع مؤخّرا بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتّحدة. والعلاقات بين الولايات المتحدة وقطر وثيقة. وفي سبتمبر الماضي التقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بنظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في واشنطن بينما تأمل الولايات المتحدة في المضي قدما لإعلان قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي. ومن المرجح أن تعارض السعودية أقوى وأوثق شريك للولايات المتحدة بين دول الخليج العربية بيع الطائرات أف-35 لقطر أيضا. وتفرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة على قطر منذ ثلاثة أعوام بعد اتهامها بدعم الإرهاب وتهديد استقرار المنطقة. وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل ستعارض صفقة بيع الطائرة الشبح لقطر قال كوهين “الجواب نعم. أمننا وتفوقنا العسكري في المنطقة هما أهم الأشياء بالنسبة لنا. منطقتنا لم تتحول بعد إلى سويسرا”. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :