أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي ضرورة أن يبقى أي تفاهم حول تأليف الحكومة في لبنان ضمن منطق الدستور والميثاق بحيث لا يحق لأي فريق أن يتخطى الدستور ولآخر أن يتنازل عنه ولثالث أن يشوه النظام الديمقراطي، مجدداً السؤال عن سبب انفجار مرفأ بيروت ومكرراً دعوته لاعتماد «نظام الحياد الناشط الذي يعيد للبنان هويته ومكانته».وقال الراعي في عظته الأسبوعية، أمس، إن «الدمار الذي أحدثه انفجار المرفأ يرتسم أمام أعيننا مع كل تداعياته ونتائجه. والقضاء يقلقنا بصمته عن الأسباب والمسببين، وعن نوعية الانفجار»، سائلاً: «أعدواناً كان، أم عملاً إرهابياً، أم نتيجة إهمال وتغاضٍ؟ من حق المتضررين معرفة كل ذلك، لكي يتمكنوا من التفاوض مع الشركات للحصول على ما يحق لهم من تعويضات، والدولة مطالبة بإعطائهم الجواب». وتحدث أيضاً عن الانفجار الذي وقع قبل يومين في منطقة طريق الجديدة في بيروت، سائلاً: «ما هذه الظاهرة من الانفجارات والحرائق الدورية، وما أسبابها الحقيقية؟ وهل يجب على المواطنين أن يعيشوا باستمرار في دوامة الخوف والقلق والإهمال؟».وعن تشكيل الحكومة، قال الراعي: «يتعاظم قلقنا إذا تعثر تكليف شخصية لرئاسة الحكومة الجديدة، وبخاصة إذا تعثر تأليف حكومة إنقاذية، غير سياسية، وتكنوقراطية، تتمكن من المباشرة بالإصلاحات في البنى والقطاعات، وفقاً لتوصيات مؤتمر سيدر الذي عقد في باريس عام 2018». وأكد أن «ضمانة نجاح التأليف هي العزم من قبل الجميع على تجنب التسويف ووضع الشروط وافتعال العقد غير الدستورية وغير الميثاقية، من أجل قضم الدولة وإبقاء مصير لبنان مرهوناً بصراعات المنطقة واستحقاقاتها التي لا تنتهي. وهذه مشكلة وطنية خطيرة عندنا لا حد لها إلا باعتماد نظام الحياد الناشط الذي يعيد للبنان هويته، ومكانته، ودوره الحضاري في سبيل السلام والاستقرار في الداخل وفي المنطقة. وفي هذا السياق يجب أن يبقى أي تفاهم حول تأليف الحكومة العتيدة ضمن منطوق الدستور والميثاق. فلا يحق لأي فريق أن يتخطى الدستور، ولآخر أن يتنازل عنه، ولآخر أن يشوه النظام الديمقراطي».ولفت إلى أن «الشعب يدين المسؤولين وكل الجماعة السياسية، وقد نبذهم علناً بمظاهرات وحراك وثورة لم تتوقف، بل تمهل، من دون أن تهمل، لا تجنياً على السياسيين والمسؤولين، بل لأنهم هم الذين أوصلوا بلادنا إلى حضيض الجمود والبؤس المالي والاقتصادي والمعيشي، وضربوا المصارف وجعلوا الشعب يتسول أمواله على أبوابها، من دون أن يحصل ولو على قليل يسد به حاجاته الغذائية والطبية والتربوية وسائر استحقاقاته. إنهم بذلك يسهلون الانقضاض أكثر فأكثر على الشرعية والدستور والنظام».وحذر من أن «هذا ما يضعنا أمام عملية إسقاط للدولة المركزية والتغاضي عن نشوء حالات تؤثر سلباً على وحدة لبنان»، مديناً «كل هذه الممارسة السياسية التي تضحي بلبنان ونموه واستقراره وبحبوحته الأصلية على مذبح مصالحهم وخياراتهم الخاطئة». واعتبر أنه «لن تكون عندنا حكومة يثق بها الشعب والأسرة الدولية، إذا لم يتعال الجميع عن كل ما هو مكاسب ظرفية، سياسية كانت أم مادية، وعن المحاصصة».ومع اقتراب بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أكد الراعي الحاجة إلى «دولة قوية وحكومة قادرة على إجراء مفاوضات ترسيم الحدود»، موضحاً أن «أهمية هذه المفاوضات في أن تؤدي إلى اتفاق يعزز سلطة الدولة اللبنانية المركزية التي من شأنها أن تسيطر على حدودها الدولية الـمثبتة في خط هدنة سنة 1949 أساساً، وعلى ثروات النفط والغاز، وتسهر على عدم محاصصتها وتوزيعها وتبديدها، بل تكون في عهدة الدولة لتفي ديونها وتطلق عجلة النهوض الاقتصادي والمالي والمعيشي».
مشاركة :