الحريري يعود للمشهد السياسي من بوابة المبادرة الفرنسية

  • 10/12/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - عاد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري إلى الواجهة السياسية من خلال جهود يقودها لتنشيط المبادرة الفرنسية لحل الأزمة بعد أن توارى لفترة عن الظهور الإعلامي المكثف، مكتفيا بتغريدات على حسابه بتويتر في تعليقه على مآلات الوضع.وأعلن الحريري الاثنين أنّه يعتزم إرسال وفد إلى الكتل السياسية البارزة للتأكد من استمرار التزامها بالورقة الفرنسية لإنقاذ لبنان، في خطوة جاءت بعد أيام من تأكيده أنه "مرشح حكما" لرئاسة الحكومة.ويسبق حراك الحريري موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس المقبل، بعد اعتذار مصطفى أديب أواخر الشهر الماضي عن تشكيل حكومة نتيجة شروط سياسية مضادة من الثنائي الشيعي: حزب الله وأمل وهي الشروط التي عرقلت مهمة أديب ودفعته في النهاية إلى الانسحاب.وقال الحريري في بيان إثر لقائه عون في القصر الرئاسي "أبلغته أني سأرسل وفدا للتواصل مع جميع الكتل السياسية الرئيسية للتأكد من أنها ما زالت ملتزمة بالكامل ببنود الورقة" الفرنسية.وأوضح أنه في حال تبيّن أن "هناك من غيّر رأيه.. خاصة بالشق الاقتصادي فيها وشق الاختصاصيين، مع علمه المسبق أن ذلك يفشلها، فليتفضل يتحمل المسؤوليته أمام اللبنانيين ويبلغهم بهذا الأمر".وبذلك يعود الحريري للمشهد السياسي من بوابة المبادرة الفرنسية التي رحبت بها كل القوى بما في ذلك حزب الله حركة أمل، إلا أن الثنائي الشيعي حمل بشدة على أسلوب الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي اتهم القادة السياسيين بـ"الخيانة"، بعد أن نقضوا تعهداتهم بتشكيل الحكومة في فترة وجيزة وذلك بعيد زيارتين قام بهما للعاصمة اللبنانية على اثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب الماضي.  وفشلت القوى السياسية الشهر الماضي في ترجمة تعهد قطعته لماكرون بتشكيل حكومة في مهلة أسبوعين وفق خارطة طريق فرنسية نصت على تشكيل حكومة "بمهمة محددة" تنكب على إجراء إصلاحات ملحة للحصول على دعم المجتمع الدولي.وإثر اعتذار أديب، منح ماكرون في 27 سبتمبر/أيلول القوى السياسية مهلة جديدة من "أربعة إلى ستة أسابيع" لتشكيل حكومة. وقال الحريري الاثنين في بيانه "هدفي هو تعويم مبادرة الرئيس ماكرون، لأنها الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما دمره انفجار مرفأ بيروت".وأضاف "المبادرة الفرنسية قائمة على تشكيل حكومة اختصاصيين لا ينتمون للأحزاب، تقوم بإصلاحات محددة بجدول زمني محدد، لا يتعدى أشهرا معدودة"، لافتا إلى "أن عدم وجود أحزاب بالحكومة هو لأشهر معدودة فقط".وشدّد على أنّ "تشكيل مثل هذه الحكومة والقيام بهذه الإصلاحات يسمح للرئيس ماكرون، حسبما تعهد أمامنا جميعا، بتجييش المجتمع الدولي للاستثمار بلبنان وتوفير التمويل الخارجي وهي الطريقة الوحيدة لوقف الانهيار الرهيب".ومن المقرر أن يلتقي الحريري رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان تمسكه مع حليفه حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، بالاحتفاظ بحقيبة المال وتسمية الوزراء الشيعة وسط معارضة أطراف أخرى بينها الحريري قد أطاح بحكومة أديب قبل أن تتشكل.وعنونت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله في عددها الاثنين "الحريري يبدأ تأليف الحكومة اليوم". وأوردت أن "الثنائي متمسك بتسمية وزير المالية أو إعطاء لائحة للرئيس المكلف يختار منها ومتمسّك بتسمية الوزراء الشيعة الثلاثة ومتمسّك بالاتفاق على برنامج الحكومة".وفي بلد كلبنان قائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، غالبا ما تكون استشارات التكليف شكلية ويسبقها الاتفاق على اسم رئيس الحكومة وشكل حكومته.ولا توجد أي مؤشرات على إمكانية حلحلة الأزمة على ضوء تعنت الثنائي الشيعي وتمسكه بموقفه، لكن في خضم التعطيل القائم قد تبرز صفقة في الأفق تعيد الحريري لرئاسة الوزراء على غرار الصفقة الأولى "صفقة العهد" في 2016 التي جاءت بميشال عون للرئاسة خلفا لإيميل لحود بعد نحو عامين من شغور المنصب وأعادت الحريري لرئاسة الوزراء.وإلى حدّ الآن لم يظهر الحريري أنه يلعب ورقة التسوية القديمة وبالتالي إنتاج المنظومة السياسية ذاتها التي يتهموها المحتجون بالفساد ويطالبون برحيلها، بينما يحاول تسويق المبادرة الفرنسية حلا للأزمة.ولا يمنح حزب الله وحلفاؤه صكا على بياض لأي رئيس وزراء مكلف بتشكيل الحكومة وهو ما حدث مع رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب والذي يقود حاليا حكومة تصريف أعمال والأمر ذاته تكرر مع رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب الذي اضطر للاعتذار عن إكمال مهمته بعد أن اتضح له استحالة تشكيل حكومة اختصاصيين.وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وأيضا مساعده نعيم قاسم قد أكدا استحالة تغيير النظام وتشكيل حكومة غير حزبية وتمسكا بالتمثيل الوزاري بحسب حجم ووزن الكتل النيابية.ويهيمن حزب الله وحلفاؤه على الحكم ومن غير الوارد على الإطلاق أن يتنازلوا لصالح حكومة اختصاصيين.وكان الحريري قد قدم حلا وسطا حتى يستمر أديب في مهمته بأن اقترح أن تتم تسمية شخصية شيعية مستقلة لتولي حقيبة المالية، لكن اقتراحه اصطدم برفض الثنائي الشيعي.   

مشاركة :