سارعت السلطات الصينية الثلاثاء لاستكمال إجراء فحوص كوفيد-19 لجميع سكان مدينة تشينغداو بعد اكتشاف بؤرة صغيرة، فيما حذّرت منظمة الصحة العالمية الإثنين من مغبة ترك الفيروس يتفشى بهدف الوصول الى ما يعرف "بمناعة القطيع"، واصفة هذا الأمر بأنه "غير أخلاقي". ولا يزال الفيروس الفتاك ينتشر بسرعة في جميع ارجاء العالم، مع تسجيل أكثر من 37 مليون إصابة، فيما تكافح الدول التي تغلبت على أول موجة للوباء الآن مع بؤر جديدة، خاصة في بعض أجزاء أوروبا. وبغياب لقاح، تخشى الحكومات من السماح بانتشار الفيروس، فقررت الصين إجراء فحوص جماعية على كامل سكان مدينة تشينغداو في شرق البلاد بعد اكتشاف بؤرة صغيرة الأحد. وقالت لجنة الصحة في تشينغداو في بيان الثلاثاء "حتى الساعة الثامنة صباحا، أجرت مدينتنا 3,08 مليون عينة للفحوص النووي". وتأمل السلطات في الانتهاء من إجراء الفحوص على كامل السكان، البالغ عددهم 9,4 مليون نسمة، بحلول الخميس. وفي مشاهد تتناقض مع الجهود المتعثرة للدول الأخرى لإنشاء أنظمة اختبار فعالة، شيّد عاملون صحيون في تشينغداو يرتدون ملابس واقية خيامًا كنقاط تجمع لأخذ عينات عبر الأحياء، حيث أحضر الآباء أطفالهم الصغار للاختبار. في مواجهة عمليات الإغلاق المؤلمة اقتصاديًا وتدابير التباعد الاجتماعي، طرحت بعض الدول مقترحات للسماح للفيروس بالانتشار بين السكان للوصول "لمناعة قطيع"، أي أن يصاب الكثير من السكان بالعدوى إلى حد ألا يوجد ضحايا جدد كافين لنقل العدوى. لكن منظمة الصحة العالمية قالت إن مثل هذه الخطط غير قابلة للتطبيق وتتطلب لقاحات جماعية حتى تنجح. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الإثنين إنه "يتم التوصّل إلى مناعة القطيع من طريق حماية الشعوب من فيروس ما، وليس بتعريضهم له"، واصفا الفكرة بأنها تشكل "إشكالية علميا وأخلاقيا". وتابع أنّ "السماح لفيروس خطير لا نفهمه تمامًا أن ينطلق بحرية هو ببساطة أمر غير أخلاقي"، معتبر أنّ الأمر "ليس خيارًا". لتوضيح التحدي بشكل أكبر، أشارت دراسة نُشرت في مجلة ذا لانسيت الدورية للأمراض المعدية أن التعرض للفيروس قد لا يضمن المناعة في المستقبل، وأشارت إلى أنّ العدوى الثانية قد تاتي بأعراض أكثر حدة. -انتكاسة في تجربة لقاح- أودى الوباء بحياة أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ما كثّف من الجهود الهائلة لتطوير لقاحات وعلاجات فعالة. وصل البعض إلى مرحلة متقدمة من التجارب السريرية، لكن التفاؤل تضاءل الاثنين عندما أعلنت مجموعة جونسون آند جونسون للصناعات الدوائية أنها أوقفت مؤقتًا تجربتها التي شملت 60 ألف مريض بسبب مرض غير مبرر لدى أحد المشاركين. وباتت المجموعة عاشر شركة تجري تجارب المرحلة الثالثة والنهائية عالميا والرابعة في الولايات المتحدة. ومنحت واشنطن الشركة تمويلا قدره 1,45 مليار دولار بموجب التجارب في إطار عملية وارب سبيد التي يرعاها الرئيس دونالد ترامب، الحريص على تحقيق نصر سياسي قبل انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر عبر التوصل لاختراق بخصوص لقاح ضد الفيروس الفتاك. وتعرض ترامب لانتقادات لاذعة بسبب طريقة إدارته للأزمة، مع تسجيل الولايات المتحدة أكبر عدد من الوفيات في العالم. وعلق الرئيس الجمهوري حملته الانتخابية لمدة 10 أيام بعد إصابته بـ كوفيد-19، لكنه عاد إلى الساحة الانتخابية الاثنين. وقال ترامب أمام حشد من الناس في فلوريدا ارتدى أقنعة لقد تخطيته والآن يقولون إن لدي مناعة ... اشعر بالقوة"، لكنه لم يثبت مزاعمه باكتسابه مناعة. -وضع "كارثي كارثي"- تحاول الدول الأوروبية احتواء الزيادة الجديدة في الإصابات، حيث تقوم الحكومات بفرض قيود أكثر صرامة لتجنب الضرر الناجم عن التفشي السابق. واعتمد الاتحاد الاوروبي معايير مشتركة للقيود على السفر ضمن دول الاتحاد. وارتفعت الحالات في فرنسا وألمانيا وبولندا وجمهورية تشيكيا خلال الأيام الأخيرة، كما زاد عدد الوفيات في بريطانيا التي سجلت أعلى عدد من الضحايا في أوروبا. أمر رئيس الوزراء بوريس جونسون بإغلاق الحانات في ليفربول كجزء من إستراتيجية جديدة لمعالجة ارتفاع في عدد الإصابات. وأكّد أنّ الأعمال التجارية التي أجبرت على الإغلاق إثر القيود الجديدة ستحصل على دعم حكوميّ، لكن تركيزه على إغلاق أماكن الضيافة أثار غضبا. ووصف سيمون أشداون، صاحب حانة تشيبستو كاسل في ليفربول، الوضع بأنه "كارثي كارثي". وتابع "لا أعتقد أنه سيكون هناك العديد من الأعمال التجارية بعد هذا الإغلاق". كما أعلنت روسيا الثلاثاء أنها أحصت 244 حالة وفاة يومية بفيروس كورونا المستجد، متجاوزة بذلك العدد القياسي السابق الذي سُجّل منذ بداية تفشي الوباء في البلاد، التي تواجه عودة انتشار الوباء.
مشاركة :