قال دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء إن استراتيجية الاتحاد الأوروبي الأخيرة لنزع فتيل التوتر مع تركيا بدأت تنهار بعد أسبوعين فحسب من إقرارها الأمر الذي يثير خطر نشوب صراع في شرق البحر المتوسط. وبحسب "رويترز"، فإنه رغم الاتفاق في قمة الاتحاد الأوروبي في الساعات الأولى من صباح الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري على إقناع أنقرة بالتوقف عن التنقيب عن الغاز الطبيعي في مناطق بحرية محل نزاع مع اليونان وقبرص، فقد قالت تركيا أمس إنها استأنفت عملياتها بسفينة مسح. وكانت تركيا سحبت السفينة الشهر الماضي قبيل القمة الأوروبية التي تم فيها بحث فرض عقوبات اقتصادية عليها وإعادتها للمنطقة يوم الإثنين. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن ذلك يعطي الانطباع بأن أنقرة تتلاعب ببروكسل. وقال الدبلوماسيون ومسؤول في الاتحاد الأوروبي إن قادة دول الاتحاد تركوا أنفسهم مكشوفين لأنهم عجزوا عن التوصل إلى حل للنزاع واقترحوا بدلا من ذلك أسلوب "العصا والجزرة" فعرضوا مساعدات عديدة وهددوا في الوقت نفسه بعقوبات ويبدو أن هذا الاقتراح فشل في تحقيق الهدف. وأشار دبلوماسي إلى تقارير عن مناورات بحرية تركية - يونانية مقررة في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) وأن "قادة الاتحاد أرجأوا حسم الأمر بقولهم إنهم سيعودون لبحث المسألة في كانون الأول (ديسمبر). والآن عاد هذا الأمر ليقض مضاجعهم". وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والمرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي، قد تحدت السياسة الخارجية الأوروبية في سورية وليبيا وروسيا في الأشهر الأخيرة. مال وتجارة قال الدبلوماسيون إن اليونان وقبرص ستطرحان نزاع الغاز مرة أخرى عندما يلتقي قادة الاتحاد الأوروبي يومي الخميس والجمعة رغم عدم وجود المسألة التركية على جدول أعمال القمة وذلك على أساس أن التصعيد الأخير يبرهن على ضرورة التحرك العاجل. وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قد ألغى رحلة إلى أنقرة هذا الأسبوع احتجاجا على العودة إلى تشغيل سفينة التنقيب التركية أوروتش رئيس غير أن الدبلوماسيين قالوا إن برلين لا تفكر حتى الآن في اتخاذ مزيد من الإجراءات. وكان الاتحاد الأوروبي، أكبر الشركاء التجاريين لتركيا وأكبر مستثمر أجنبي فيها، يأمل في إقناع أردوغان بالبدء في محادثات لتوضيح الحقوق في الثروة النفطية البحرية وذلك بعرض إبرام اتفاق تجاري موسع وإنهاء العمل بقيود التأشيرات السارية على المواطنين الأتراك واقتراح تخصيص مزيد من الأموال للاجئين السوريين في تركيا إلى جانب التهديد بفرض عقوبات. ولم يخض البيان الذي صدر عن القمة الأوروبية في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) في التفاصيل. وقال سنان أولجن الدبلوماسي التركي السابق في مركز كارنيجي أوروبا ومقره في إسطنبول "ما فشل هو مصداقية العرض من جانب الاتحاد الأوروبي. فلم يكن ملموسا بما يكفي". الليرة تهوي وفي سياق متصل، وصلت العملة التركية أمس الأربعاء إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند نحو ثماني ليرات للدولار. ويأتي هذا التراجع وسط التوترات التي تمر بها تركيا، وسجلت عملتها الأسبوع الماضي أضعف مستوياتها بفعل بواعث القلق من احتمال فرض عقوبات بعد أن نشرت بلومبيرج أن أنقرة ستختبر قريبا منظومة الدفاع الجوي الروسية إس -400 التي اشترتها، وما يبدو أنه تصاعد للتوترات مع الاتحاد الأوروبي. وسبق أن لوحت واشنطن بفرض عقوبات بسبب منظومة الصواريخ إس -400 التي اشترتها تركيا العام الماضي، لكنها لم تستخدمها حتى الآن.
مشاركة :