انخفضت أسعار النفط الخام مجددا بسبب التنامي السريع في إصابات فيروس كورونا، التي عمقت المخاوف على الطلب العالمي على النفط الخام والوقود، تزامنا مع الإجراءات الاحترازية المعتمدة بعض الدول في مكافحة الجائحة. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن "أوبك +" تواصل جهودها في تقييد المعروض وامتصاص فائض الإنتاج وتقليل وتيرة بناء المخزونات، التي ما زالت أعلى من المستوى المتوسط في خمسة أعوام، لافتين إلى تأكيد روسيا أن "أوبك" وحلفاءها متفائلون بشأن وتيرة تعافي النفط حتى في ظل زيادة حالات الإصابة بالفيروس. وأوضح المختصون أن "أوبك +" على أعتاب إجراء زيادات إنتاجية بسبب الجدول الزمني لتخفيف قيود الإنتاج، وذلك اعتبارا من بداية العام الجديد، إلا أن الأمر سيكون موضع فحص ودراسة مدققة في اجتماع المنتجين الموسع في تشرين الأول (ديسمبر) المقبل، مشيرين إلى قول ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، أن أي زيادة في الإنتاج ستكون تدريجية وتتماشى مع شروط الاتفاقية دون الإضرار بالسوق. وذكر المختصون أن دول "أوبك +" نجحت عبر اتفاقها لخفض الإنتاج التاريخي في آيار (مايو) المقبل في انتشال صناعة النفط العالمية، التي تضررت بشدة من الوباء وتكثف جهودها لاستعادة التوازن بين العرض والطلب، على الرغم من المشهد المعقد وغياب اليقين في تطورات الاقتصاد العالمي. وأكد المختصون أن قطاع النفط في الولايات المتحدة يعاني أزمات، ولا سيما قطاع النفط الصخري، الذي أصبح غير جاذب للمستثمرين في ظل تفاقم الديون ووجود حالة من عدم اليقين بشأن أداء القطاع في المستقبل. وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن الأسعار ما زالت تحت ضغوط هائلة من الشكوك بسبب ضعف الطلب الناجم عن الجائحة، وهو ما جعل السوق تتحدث عن احتمالية تغيير "أوبك +" اتفاقها لخفض الإنتاج بالإبقاء على مستويات الخفض المرتفعة لمنع توسيع الفجوة بين العرض والطلب. وأشار إلى أهمية تأكيد روسيا أن أي زيادات في الإنتاج ستكون محسوبة بدقة ودون الإضرار بجهود استعادة التوازن في السوق، كما أكد على المعنى نفسه سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، الذي قال إن المجموعة تخطط في الوقت الحالي للمضي قدما في زيادة الإمدادات كما هو مقرر دون تغيير. من جانبه، يرى فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، أن السوق تتطلع إلى نتائج الاجتماع الوزاري الشهري للجنة مراقبة خفض الإنتاج الإثنين المقبل، الذي سيدرس أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات، ويقيم مجددا امتثال المنتجين لخفض الإنتاج، خاصة بعد حث بعض المقصرين على تصحيح مستوى الامتثال وإجراء التعويضات اللازمة، وهو ما رفع مستوى الامتثال الشهر الماضي إلى 103 في المائة بفضل دعم كبار المنتجين. وشدد عل أهمية استمرار التنسيق بين السعودية وروسيا خلال الفترة المقبلة، وتحديدا للإعداد للاجتماع الوزاري الموسع في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لافتا إلى أن هذا التنسيق يتم على أعلى مستوى في قيادتي البلدين لبحث تطورات سوق الطاقة في العالم، مشيرا إلى أهمية الاتفاق السعودي - الروسي على استمرار تعاون جميع الدول المنتجة للنفط والالتزام باتفاقية "أوبك +" لتحقيق الأهداف المشتركة لمصلحة المنتجين والمستهلكين. من ناحيته، يقول ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن تحديات تعافي الطلب كبيرة وممتدة، وهو ما جعل وكالة الطاقة الدولية تؤكد أن سوق النفط ستعاني ضربة طويلة الأمد من فيروس كورونا، حيث يستغرق الطلب أعواما للتعافي، لافتا إلى أهمية ما ورد في أحدث تقرير للوكالة أيضا، أنه بعد انخفاض غير مسبوق 8 في المائة هذا العام، سيعود استهلاك النفط العالمي إلى مستويات ما قبل الأزمة في عام 2023 بشرط السيطرة على الجائحة في العام المقبل. وذكر أن الجائحة أدت إلى زيادة التحول بوتيرة سريعة إلى موارد الطاقة النظيفة، خاصة أن وكالة الطاقة الدولية تنبأت بأن النمو طويل الأجل في الطلب على النفط سيتأثر بالتحول إلى السيارات الكهربائية أو الأكثر كفاءة، حيث سيرتفع إلى 103.2 مليون برميل يوميا في عام 2030، وهذا يقل بنحو 2 مليون برميل يوميا عما كان متوقعا في تقرير العام الماضي. وتضيف ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية، أن معاناة قطاع الطاقة الأمريكي واسعة، حيث إن انتعاش صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة صار بطيئا، وهي التي كانت قد وفرت كثيرا من إمدادات النفط الجديدة في العقد الماضي. وأضافت أن قطاع النفط الصخري أصبح غير جاذب للمستثمرين في ظل تفاقم الديون ووجود حالة من عدم اليقين بشأن أداء القطاع في المستقبل، لافتة إلى أن بعض أعضاء "أوبك" يواجهون فترة صعبة بسبب الأعباء المتزايدة على الميزانيات الوطنية وتعثر النمو، خاصة في دول مثل نيجيريا والعراق وأنجولا. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط أمس، لتقلص مكاسب حققتها في وقت سابق من الجلسة، إذ أدى ارتفاع جديد للإصابات بكوفيد - 19 في أنحاء العالم، إلى تعزيز المخاوف بشأن النمو الاقتصادي وتعافي الطلب على الوقود. وتعيد دول أوروبية فرض حظر التجول وإجراءات العزل العام في ظل زيادة حالات الإصابة الجديدة بكورونا. وتتأهب الهند، التي في سبيلها إلى تجاوز الولايات المتحدة بأكبر حالات إصابة بالفيروس في العالم، لزيادة الإصابات في الأسابيع المقبلة مع اقتراب موسم عطلات رئيسي. والهند ثالث أكبر مستهلك للخام في العالم. ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتا أو ما يعادل 0.7 في المائة، إلى 43.04 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:24 بتوقيت جرينتش، بينما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 24 سنتا أو ما يعادل 0.6 في المائة، إلى 40.80 دولار. وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا قد تعرقل مساعي المنتجين لتحقيق توازن في السوق. وارتفع برنت في وقت سابق 0.4 في المائة، وخام غرب تكساس 0.6 في المائة، ليواصلا مكاسب حققاها في جلسة الأربعاء، بعد أن أظهرت بيانات أن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت الأسبوع الماضي. وقال معهد البترول الأمريكي، إن مخزونات الخام والبنزين ونواتج التقطير انخفضت في الأسبوع المنتهي في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، بحسب تقرير صادر بعد إغلاق السوق أمس الأول. وتذبذبت العقود الآجلة لأسعار النفط الخام في نطاق ضيق مائل نحو التراجع، متغاضية عن انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي، وفقا للعلاقة العكسية بينهما عقب التطورات والبيانات الاقتصادية، التي تبعتها عن الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد للنفط عالميا، وعلى أعتاب التطورات والبيانات الاقتصادية المرتقبة من قبل الاقتصاد الأمريكي، أكبر منتج ومستهلك للنفط في العالم، تتضمن الكشف عن تقرير إدارة معلومات الطاقة للأسبوع المنقضي في التاسع من هذا الشهر، الذي قد يعكس عجزا 2.1 مليون برميل مقابل فائض 0.5 مليون برميل. وفي تمام الساعة 05:54 صباحا بتوقيت جرينتش، انخفضت العقود الآجلة لأسعار خام النفط "نيمكس" تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل 0.05 في المائة، لتتداول عند مستويات 41.11 دولار للبرميل، مقارنة بالافتتاحية عند 41.13 دولار للبرميل، مع العلم، بأن العقود استهلت تداولات الجلسة على فجوة سعرية صاعدة بعد أن اختتمت تداولات الأربعاء عند مستويات 41.04 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لأسعار خام "برنت" تسليم كانون الأول (ديسمبر) 0.14 في المائة، لتتداول عند 43.39 دولار للبرميل، مقارنة بالافتتاحية عند 43.45 دولار للبرميل، مع العلم بأن العقود استهلت التداولات أيضا على فجوة سعرية صاعدة بعد أن اختتمت تداولات أمس الأول عند 43.32 دولار للبرميل، بينما انخفض مؤشر الدولار الأمريكي 0.03 في المائة، إلى 93.41 مقارنة بالافتتاحية عند 93.44، مع العلم بأن المؤشر اختتم تداولات الأمس عند مستويات 93.38. من ناحية أخرى، ارتفعت سلة خام أوبك، وسجل سعرها 41.20 دولار للبرميل يوم الأربعاء، مقابل 40.68 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع السابق، الذي سجلت فيه 40.45 دولار للبرميل.
مشاركة :