تحقيق: مها عادل من أهم الدروس التي تعلمها الكثيرون بسبب أزمة فيروس «كورونا» ضرورة الاهتمام بالصحة العامة، وزيادة المناعة، وتحسين جودة الحياة، وهو ما جعل ممارسة الرياضة بانتظام يعد جزءاً من روتين الحياة. وزاد من الحاجة لممارستها الرغبة في التخلص من الآثار السلبية الناتجة عن البقاء في المنزل لشهور طويلة مثل: زيادة الوزن؛ وقلة الحركة؛ والكسل؛ إلى جانب بعض الاضطرابات النفسية المصاحبة للأزمة. ولكن ممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة وصالات «الجيم» تحتاج إلى الكثير من الحذر؛ لمنع انتقال العدوى؛ الأمر الذي جعلها تغلق لشهور في بداية الأزمة ثم تعود لتفتح؛ ولكن بتدابير صارمة. ينصح الكثير من الخبراء بالاتجاه لممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة والهواء الطلق؛ حيث تقل فرص العدوى ويسهل التباعد الاجتماعي إضافة إلى تجدد الهواء بصورة أفضل بكثير من الأماكن المغلقة. وزادت ظاهرة ممارسة الرياضة بالهواء الطلق في الفترة الأخيرة مع تحسن الأجواء وانخفاض درجات الحرارة ودخول فصل الخريف. في السطور التالية نتعرف إلى تجارب بعض العائلات ومدى حرصها على ممارسة الرياضة بالأماكن المفتوحة.تحدثنا صافية حسين موظفة بالشارقة عن تجربتها قائلة: تضررت صحتي ولياقتي البدنية؛ بسبب قلة الخروج من البيت واستمرار العمل عن بُعد، وأدت قلة الحركة إلى زيادة في الوزن وتفاقم حالة خشونة الركبة التي أعانيها، إضافة إلى ظهور آلام في الظهر ونصحني طبيب العظام بضرورة ممارسة الرياضة؛ ولكن بحرص شديد حتى لا أزيد الأمر سوءاً أو أزيد من الضغط على مفاصل ركبتي، ونصحني أن أتجه لممارسة السباحة أو المشي فقط، ونصحتني إحدى صديقاتي بممارسة رياضة السباحة في الشواطئ العامة؛ لأنها أكثر أماناً وأقل كُلفة، وأصبحت أتردد عليها 3 مرات أسبوعياً، وبالفعل أصبحت عادة الرياضة بالأماكن المفتوحة مصدر سعادة ومتعة وبعد شهرين من المواظبة عليها شعرت بفارق ملحوظ في حالة مفصل الركبة وفقرات الظهر والحالة البدنية والمعنوية بشكل عام.أما كريم عاطف (طالب) فيوضح: ممارسة الرياضة طقس يومي أتبعه منذ سنوات وأجدد اشتراكي بصالة «الجيم» سنوياً وبانتظام، ولكن منذ بداية أزمة «كورونا» أصبحت أشعر ببعض الخطر من ارتيادها، خاصة أن بعض رواد الصالات لا يتقيدون بارتداء الكمامات طوال الوقت، خاصة عندما يقومون بتمرينات عنيفة تجعل أنفاسهم متلاحقة، وعلى الرغم من التباعد فإنني أصبحت أكثر حذراً، وقررت شراء دراجة هوائية، وأصبحت أمارس ركوب الدراجة بشكل يومي في الأماكن المفتوحة والمنتزهات وأستمتع بسماع الموسيقى أثناء الرياضة وخلال الشهور الماضية كنت أقوم بهذا الأمر ليلاً؛ للهروب من حرارة الطقس ولكن مع تحسن الطقس أصبحت النزهات على الدراجة بين فترة العصر والمغرب من الرحلات المحببة التي تجمع بين ممارسة الرياضة والاستمتاع بالطبيعة في الحدائق أو على شاطئ البحر. المحافظة على الوزن تطلعنا أم ياسين (ربة بيت) على أسباب اهتمامها بممارسة الرياضة بالهواء الطلق قائلة: طوال فترة الإجازة الصيفية توقفت الأنشطة الرياضية التي اعتاد أطفالي على ممارستها، وحتى بعد عودة هذه الأنشطة لم أتحمس لإشراكهم بها مجدداً؛ خوفاً من العدوى، خاصة أنه يصعب على الأطفال الالتزام الكامل بالإجراءات الوقائية والتباعد، لهذا فكرت في وسيلة أخرى ممتعة لاستئناف نشاطهم الرياضي واستعادة لياقتهم والمحافظة على وزنهم وتفريغ طاقاتهم، وأصبحت أنظم لهم نزهات للشواطئ العامة خاصة التي تضم أجهزة رياضية مفتوحة ومجانية، وأشارك أبنائي ممارسة الرياضة على هذه الأجهزة ثم نتشارك جميعاً في السباحة أو الجري، وأصبحت هذه النزهات عادة أسبوعية تخلص الأبناء من حالة الكسل ومراقبة الشاشات وقلة الحركة وتعودنا أنا وزوجي تنظيم سباقات جري بين الأبناء أسبوعياً؛ لحثهم على ممارسة الرياضة بانتظام كما أصبحنا نبتعد عن الوجبات السريعة ونركز على إضافة الكثير من الخضراوات والفواكه الطازجة لنظامنا الغذائي؛ من أجل صحة أفضل ومكافحة الوباء.أما جومانة سالم (موظفة) فتروي تجربتها في الانتقال لممارسة الرياضة بالأماكن المفتوحة وتقول: أسكن في بناية مكونة من 25 طابقاً وتوفر فيها ناد صحي مجهز وصالة «جيم» كبيرة، ومنذ انتقالنا للسكن بها منذ عامين تعودت على ممارسة الرياضة في صالة «الجيم» مع مجموعة من جاراتي بشكل يومي حتى أصبحت الرياضة جزءاً من نظام حياتي، وانعكس ذلك بشكل كبير على صحتي البدنية والنفسية، ولكن بعد أزمة «كورونا» تم إغلاق النادي الصحي لشهور طويلة وتوقفت عن ممارسة الرياضة وعندما عاد العمل بالجيم أصبح الحضور محدوداً وبالحجز المسبق ولم يعد متاحاً لي الذهاب إليه في أي وقت كما كان في السابق، ولذلك بحثت عن وسيلة أخرى لأمارس الرياضة بشكل منتظم، واتجهت للمشي يومياً على واجهة المجاز المائية بصحبة زوجي، وهي طريقة مناسبة للغاية لظروف الأزمة حيث التريض في الأماكن المفتوحة تحت الشمس والهواء المتجدد، وهي بيئة يصعب فيها نقل العدوى ويسهل فيها التباعد الاجتماعي والحفاظ على مسافة أمان مع الآخرين، كما أن الخروج يومياً بصحبة زوجي زاد من تقاربنا وساعدنا على تصفية الذهن وتبادل الأفكار. تباعد اجتماعي حول الفوائد الصحية لممارسة الرياضة في الأماكن العامة ومدى الاختلاف بينها وبين صالات «الجيم» المغلقة تقدم د. نور هشام إخصائية الصحة العامة مجموعة من النصائح لتجنب العدوى بفيروس «كورونا» أثناء ممارسة الرياضة في الصالات الرياضية وتقول: بشكل عام يجب على الأشخاص الذين يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى تجنب الذهاب لصالات «الجيم» والاستعاضة عنها بممارسة الرياضة في المنزل أو الأماكن المفتوحة، ويشمل ذلك الأشخاص فوق 65 عاماً، إضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري والضغط وأمراض القلب والرئتين. وقبل الذهاب إلى الصالة الرياضية يجب التأكد من أنه يتم قياس درجات الحرارة في الصالة، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، إضافة إلى تعقيم المكان باستمرار، وضرورة ارتداء العاملين والزوار أقنعة الوجه الطبية، كما يجب تجنب الذهاب للصالات الرياضية المزدحمة التي يرتادها عدد كبير من الأشخاص لصعوبة تطبيق التباعد الاجتماعي فيها.وتضيف: يفضل الابتعاد مسافة 12 متراً بين الأشخاص الذين يتنفسون بسرعة أثناء ممارسة الرياضة لأن كمية جزئيات الفيروس المتطايرة مع الرذاذ في هذا الوقت تكون أكبر، ولذلك يجب اتباع نظام تعقيم يتضمن تطهير الأجهزة في الصالات الرياضية قبل وبعد الاستخدام. كما يجب عدم الذهاب إلى صالات الرياضة ذات التهوية السيئة أو صغيرة الحجم التي يصعب فيها تجدد الهواء باستمرار.وبالنسبة لممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة فهي الأفضل في الظروف الحالية طبقاً لرأي هشام التي تعتبرها أسهل في المحافظة على التباعد الاجتماعي وتضيف: إن انتقال العدوى بين الأشخاص في الأماكن المفتوحة يعد أقل بكثير مقارنة بالأماكن المغلقة مثل الصالات الرياضية، وتم إثبات أن الشمس والرطوبة والهواء تقلل من نشاط الفيروس مما يجعل ممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة أقل خطورة من الصالات المغلقة وأكثر أماناً، كما أن تنفس الهواء النقي في الأماكن المفتوحة يعزز من صحة الجهاز التنفسي ويقوي مناعته ضد الفيروس.
مشاركة :