ظل مجلس الأمن محدود القدرة ومشلولا بشأن الحرب الأهلية الدائرة في سورية طيلة الشهور الماضية. والآن انتقل المجلس إلى طور الحركة: حيث يتيح قرار المجلس الجديد بشأن الوضع في سورية إمكانية البحث عن الجناة الذين يقومون باستخدام الأسلحة الكيميائية في الهجوم على أبناء الشعب السوري، لكن الطريق الموصل إلى تلك النقطة ما يزال بعيدا. فقد وافق أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر اليوم الجمعة بالإجماع على قرار يتم بمقتضاه إيجاد آلية يمكن بها تحديد هوية من يقومون باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية والتحقيق معهم ومعاقبتهم. ومن المقرر أن يبحث الأمين العام للأمم المتحدة مع منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية تقديم مقترحات بهذا الشأن خلال العشرين يوما المقبلة، إلا أن من الممكن أن تمر شهور حتى تصبح هذه الآلية جاهزة وفاعلة، حيث أن هناك العديد من العقبات التي تعترض إتمام هذا الأمر في سلاسة. وقالت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة بالأمم المتحدة سامانتا باور إن القرار يبعث مع ذلك برسالة واضحة إلى جميع المسؤولين عن الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سورية، مخاطبا إياهم بالقول: "سنحدد هوياتكم عندما تحرقون البشر بالغاز، ومن الأهمية بمكان تحديد هوية المسؤولين عن ذلك ". وأعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن تقديره للقرار بوصفه "إشارة هامة إلى أن المجتمع الدولي لن يتحمل القيام بهذه الحروب التي تتعامل مع القانون الدولي بهذا النوع من الاحتقار". كما وصف المندوب الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الموافقة على مشروع القرار بإجماع الأصوات بأنه أحد "محطات النجاح الهامة" لمجلس الأمن، مضيفا أن القرار يبين أن المجلس يمكن أن يتعاون "في معالجة الموضوعات الملحة في عصرنا". كانت الولايات المتحدة وروسيا اللتان حالت الخلافات بين توجهاتهما إلى سد الطريق أمام مجلس الأمن وبقائه بلا حراك شهورا عدة إزاء الأزمة السورية، قد تفاهما على مستوى وزيري الخارجية بشأن هذا القرار قبل إصداره. وكان ممثلو البلدين في الأمم المتحدة أجروا مباحثات بهذا الشأن لعدة أشهر متواصلة. ويقول المراقبون إن حلحلة الموقف جاءت من خلال تعديل في صياغة القرار بشأن تحديد المسؤولية في ارتكاب هذا الجرم، إلا أنه من المقرر أن يبت مجلس الأمن مجددا في كيفية ترتيب العواقب بعد ثبوت الجريمة على فاعلها وماهية هذه العواقب.
مشاركة :