سوق «وصل» تراث بروح معاصرة

  • 8/8/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

روح دبي تعني الحداثة المتكئة على إرث حضاري تستمد منه قوتها وتصطحبه في جميع مراحل التحديث، ليكون التراث حاضراً بلا تعارض مع المنجز الحديث الذي يكتسب منه أصالته، لتغدو المدينة أيقونة حديثة تحفها روح التراث والماضي، ففي جميع الوجهات السياحية، ثمة ما يشير إلى روح دبي ومكانتها، ويبدو الأمر ظاهراً للعيان في شوارع الأحياء القديمة من دبي، حيث تدب في المنطقة مشاريع حديثة تمزج بين أرقى الخدمات والمرافق من جهة، وبين العمارة التقليدية والتصميم المستوحى من تراث الإمارة المعماري من جهة أخرى، ويعد سوق حي وصل التراثي الذي تقوم وصل للعقارات بتطويره، أحد أبرز هذه الأسواق والمرافق التي أضحت محط أنظار الزوار من المواطنين والمقيمين والسياح. عبق الماضي يعانقك منذ وضع خطواتك الأولى في مدخل السوق الذي يقع في منطقة نايف التاريخية بديرة، فالممرات الخشبية المزخرفة المتعرجة، وحدها كفيلة بإعادتك عدة عقود، للوراء لتستحضر إرثاً كبيراً، لطالما تميزت به العمارة الإماراتية والعربية. كل تفصيلة في السوق تحكي قصة وتعبر عن ملمح حضاري يروي تاريخ الإنسان الإماراتي ويطلع الآخر على ثقافته وعاداته وتقاليده، الأمر الذي يجعل منه معلماً لافتاً في قلب منطقة نايف التاريخية، ويجذب إليه الكثيرين ممن تستهويهم التحف المعمارية، فتصميم السوق بمرافقه المختلفة يتكئ على المغايرة والمزج بين ملامح العمارة التقليدية في قالب حديث، عبر مجموعة من المباني الفخمة الغنية بالقيم الهندسية الحديثة، مع السمات الجمالية اللافتة للنظر، لتتشكل من خلالها لوحة تروي للأجيال الجديدة قصة إرثها التليد، ويضطلع في ذات الوقت بدور وظيفي آخر، يرسخ مكانته من خلاله كإحدى أبرز الوجهات السياحية في دبي. بمجرد أن تدلف للسوق، يمكنك التعرف إلى حزمة من المنتجات التراثية المختلفة التي تعج بها جنبات السوق، ويمكنك قضاء أوقات ممتعة في رحاب التراث لتتعرف إلى أنماط وطرق العيش المتعددة التي كانت سائدة فيه، حسب محمد رئيس، الذي يشير إلى أن التصميم المختلف للسوق دفعه لزيارته والتعرف إلى أرجائه، مبيناً أن الزيارة مكنته من الوقوف على الكثير من التفاصيل المتعلقة بالتراث الإماراتي، ويردف رئيسي: تذوقت الطعام الإماراتي وتعرفت إلى العمارة التقليدية في دبي القديمة، كما تمكنت من شراء مجموعة من العطور، كان يوماً ممتعاً للغاية، الأجواء هنا مختلفة تماماً عن مراكز التسوق الحديثة. وفي ذات الاتجاه يمضي علي أرحماني، الذي يدير أحد المحلات بالسوق، مشيراً إلى أن الطبيعة الشعبية التراثية تميز جميع المنتجات به، ما يجعل منه وجهة جاذبة للسياح الأجانب والزوار التواقين للتعرف إلى ثقافة جديدة بالنسبة لهم، ويبين أرحماني أن المرافق في السوق مقسمة بطريقة تسهل للجميع الحصول على طلباتهم في أسرع وقت،كما تجمع في معظمها بين الأدوار الجمالية والوظيفية، مبيناً أنه يدير أحد المطاعم التي تقدم الأطباق الشعبية الإماراتية وهو في نفس الوقت يقدم تعريفاً بالتراث الإماراتي، حيث يصمم المطعم في شكل متحف يسمى أرارات. يقول المصور الفوتوغرافي أركماني، إن السوق والحي، بمحيطهما في قلب المنطقة التاريخية في دبي، يوفران بالنسبة له سانحة جيدة للتعرف إلى الحياة في الإمارات، مشيراً إلى أنه التقط مجموعة من الصور للسوق ومرافقه المختلفة، مبيناً أن العمارة العربية تستهويه وتدفعه لتوثيقها وحفظها لما تحتويه من عناصر جمالية مختلفة تماماً، فيما تؤكد بيتا مرافقته في الجولة السياحية، على إعجابها بفكرة المكان لكونه يوفر كل الخدمات ويستخدم التقنيات الحديثة في الترويج والإدارة، لمنتجاته التراثية، مشيرة إلى أن مثل هذا المزج بين التحديث والأصالة يعتبر أمراً يستحق الاحتفاء، وتتابع بيتا: تمكنت من الحصول على تجربة تسوق ممتعة وتعرفت إلى الكثير من الجوانب التي لم أكن أعرفها من قبل عن المنتجات التراثية الإماراتية، خاصة العطور المميزة التي تحتل جزءاً كبيراً من السوق. على الرغم من الدور التجاري الذي يلعبه، والمتمثل في بيع وشراء المنتجات التراثية، إلا أنه يوفر منصة مهمة لعرض كل هذا الإرث ليتحقق أكثر من هدف عبره كونه أحد النماذج للمشروعات المعاصرة المعززة بالقيم الثقافية الغنية، لتنطلق منها إلى آفاق أرحب، ويبدو أن القائمين على أمره أرادوا التدرج لعدة مراحل بتقسيمات تحمل أسماؤها دلالات تراثية، فكان تقسيم السوق ل 5 مناطق مختلفة، تتميز كل منها بمحتويات مختلفة تماماً عن الأخرى. وما إن تبدأ جولتك في المناطق ال 5 حتى تستوقفك التفاصيل التي يكمن فيها ثراء المنطقة، كل تفصيلة تقودك للأخرى بسلاسة كبيرة، تعرفك إلى جوانب أخرى متعددة لذات الشي، فكل شيء هنا موضوع بعناية، ويرمز لحقبة تاريخية معينة، ويعبر عن أحد منتجات الدولة التراثية، ويتعدى إطاره الدلالي كل هذه المعاني، لينقلك إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي بذات أجوائها؛ فأسماء مناطق السوق تتوزع بين أسماء الأحجار الكريمة والتوابل والثقافة الإماراتية التقليدية الأمر الذي كان مثار تساؤل بالنسبة للزوار،خاصة أولئك الذين يزورونه للمرة الأولى. منطقة لولو مثلاً، تضم محال تبيع الأقمشة والمنسوجات، إضافة إلى السجاد والورود والنباتات، ويبلغ إجمالي عدد المحال في المنطقة ذاتها 45 محلاً، أما منطقة زعفران، فتضم 32 محلاً تجارياً تبيع التوابل والبهارات العربية، إضافة إلى الساعات والملابس النسائية والمنتجات الجلدية والإلكترونيات. كذلك هنالك منطقة عود، التي تباع فيها العطور والعبايات النسائية، وتوجد فيها أيضاً محال الخياطة والتطريز، وتشتمل المنطقة على 64 محلاً للتجزئة، وتضم منطقة تلي 54 محلاً تجارياً غالبيتها للمطاعم والمقاهي، إلى جانب شركات التجارة العامة التي تبيع المجوهرات والأحجار الكريمة والمشغولات اليدوية والأجهزة المنزلية. ولفظ التلّي الذي تحمله المنطقة، يجسد حرفة يدوية منتشرة في الدولة، صناعة شريط مزركش بخيوط ملونة أبيض وأحمر، وخيوط فضيّة متداخلة، وتستخدم (الكوجة) في عمل التلّي، باعتبارها الأداة الرئيسية للتطريز وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وبهما حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بالعملية، كل هذه المعلومات وغيرها من المنتجات ستضاف لمحصلة رحلتك إلى السوق، ليصبح للتسوق أكثر من معنى. يحمل مبنى المدخل الرئيسي للسوق اسم عنبر، وتوجد فيه محال تبيع الهدايا والتذكارات والقطع الفنية والساعات والإكسسوارات، وتشتمل كل منطقة في السوق على ساحة مركزية مميزة، لتضم مجموعة كاملة من خيارات التجزئة، الأمر الذي يجعل منها إحدى أهم وجهات المقيمين والسياح الباحثين عن الأجواء الإماراتية التقليدية. وصل الحي والسوق، يضمان عناصر التصميم الموجودة أصلاً في العمارة التقليدية للدولة، ويعكس تصميمها روح التراث العربي القديم والأحياء السكنية، مع وجود السكك الضيقة والمتعرجة التي تذكرنا بأسواق المدينة التاريخية، كما أن المواد المستخدمة في تشييده، وما يظهر عليه من ألوان، إلى جانب الأزقة والنوافير، تعكس جميعها ثراء المساحات الحضرية القديمة في الإمارات، وتكشف عن أساليب المعيشة القديمة، والاستمتاع بتلك الأجواء البسيطة، وأنماط العيش المستدام والمناطق التجارية. يقول فالريان دي سوزا، إن السوق يمتاز بموقع استراتيجي في ديرة التي تتميز بأهمية بالغة لدورها في تاريخ دبي القديمة، وقدرتها على استقطاب السائحين الذين يرغبون في زيارة المناطق القديمة والتاريخية في دبي، ويتوقع دي سوزا أن تشهد المنطقة زيادة سكانية، ما يزيد من جاذبية السوق الذي ساعده في التعرف إلى الكثير من مفردات الثقافة الإماراتية، مشيراً إلى أنهم اختاروا المشاركة في السوق لكونه مميزاً وفريداً من نوعه. ويؤكد الكثيرون أن المنطقة ستزدهر في المستقبل، وسيزيد عدد الزوار إلى مشروع حي وصل والمنطقة، لذلك فإن المستأجرين يرون في السوق المكان الأمثل لمزاولة نشاطاتهم. وهو ذات الاتجاه الذي مضى إليه شيجو سداناندان المدير العام لإحدى الشركات بالسوق، مبيناً أنه يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار والباحثين عن الأجواء الإماراتية التقليدية، بفضل ما يمتاز به من موقع استراتيجي في قلب منطقة نايف، وتتعزز مكانته لتصميمه المبهر وسماته التقليدية التي تجذب الكثيرين، مضيفاً أن هنالك ميزات عديدة، ومنها قربه من محطتين للمترو، والعديد من المجمعات التجارية وهي ذات الزاوية التي تجعل أيمن إبراهيم، أحد المقيمين بالدولة، يفضل الجلوس في مقاهي السوق الجديد، مشيراً إلى أن للموقع الاستراتيجي وقربه من وسائل المواصلات دوراً كبيراً في اختيار الوجهة، ويرى أن الأجواء المختلفة التي تتوفر في المنطقة تدفعه لقضاء أوقات طويلة فيه. هشام القاسم: هدفنا الاحتفاء بالتراث وتعزيز دوره يقول هشام عبد الله القاسم، الرئيس التنفيذي لمجموعة وصل لإدارة الأصول إنهم يعملون على تعزيز مثل هذه المشروعات التي تبث روحها في المدينة، وذلك بالاعتماد على خطط يكون الهدف منها الاحتفاء بالثقافة والتراث الإماراتيين. وأضاف القاسم أن مشروع حي وصل يتكون من أربعة عناصر، أبرزها السوق الذي افتتح هذا العام، ويشتمل على 211 وحدة للتجزئة تبيع المنتجات التراثية، إلى جانب طيف واسع من محال التجزئة التي توفر كافة الاحتياجات للمتسوقين، منوهًا إلى أن العناصر الثلاثة الأخرى لا تزال قيد الإنشاء، ومن المقرر الانتهاء منها بحلول العام 2017، وهي مبانٍ سكنية وتجارية وخدمية، وتوفر 356 وحدة سكنية متنوعة، و53 مكتباً للشركات، وفندقاً مميزاً من فئة الأربعة نجوم يحمل علامة حياة بليس، ويوفر 196 غرفة فندقية.

مشاركة :